كان هناك حدثان هما الأهم على الإطلاق في أسواق المال العالمية الأسبوع الماضي؛ نتائج اجتماع الفيدرالي في يوليو الماضي وتصريحات رئيس مجلس محافظي البنك المركزي جيروم باول في منتدى جاكسون هول وكلاهما جاء في صالح شهية المخاطرة بعد أن رجحا كفة البدء في خفض الفائدة في اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في سبتمبر المقبل، وهو ما كان له عظيم الأثر على الدولار الأمريكي.
نتائج اجتماع الفيدرالي
واكدت أن “الأغلبية العظمى من المشاركين في الاجتماع الذي انعقد في 30 و31 يوليو الماضي رأوا أنه حال استمرار البيانات في إظهار توافق مع توقعات الأسواق، قد يكون من المناسب أن يبدأ البنك المركزي التحول إلى التيسير الكمي في الاجتماع المقبل”، وفقًا لملخص محضر اجتماع يوليو للجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة.
يأتي ذلك بينما تسود الأسواق توقعات بأن هناك خفض للفائدة في سبتمبر المقبل، الذي من شأنه أن يكون الخفض الأول منذ بدء الفيدرالي رفع الفائدة استجابة للارتفاعات الهائلة في التضخم الأمريكي في وقت الوباء.
وبينما صوت جميع الحضور في الاجتماع على الإبقاء على معدل الفائدة الفيدرالية دون تغيير، ظهر ميل واضح بين المشاركين إلى البدء في خفض الفائدة في اجتماع يوليو الماضي، وهو الميل الذي ظهر في حديث عدد غير محدد من أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، وذلك بدلا من الانتظار حتى سبتمبر المقبل.
الدولار وجيروم باول
تضمن حديث جيروم باول أمام منتدى جاكسون هول الجمعة الماضية أقوى إشارة إلى خفض الفائدة في الاجتماع المقبل للحنة الفيدرالية للسوق المفتوحة استنادًا إلى التراجع الملحوظ في قراءات التضخم الأمريكي والتدهور في أوضاع سوق العمل في الولايات المتحدة.
وقال باول: “تلاشى خطر ارتفاع التضخم تماماً تزامنًا مع ارتفاع خطر المزيد من التدهور في أوضاع سوق العمل”، وذلك أثناء حديثه أمام منتدى جاكسون هول الذي يضم كبار صناع السياسة النقدية والسياسات المالية والاقتصادية حول العالم.
وأضاف رئيس البنك المركزي، في أوضح إِشارة إلى تحويل مسار السياسة النقدية إلى التيسير الكمي: “حان الوقت لإعادة توجيه السياسة النقدية، وأصبح مسار الرحلة واضحًا”.
وجاءت هذه التصريحات لتعبد الطريق أمام البنك المركزي ليتجه إلى أول خفض للفائدة بعد رحلة طويلة استمر خلالها في رفع الفائدة لمكافحة الارتفاعات الحادة في معدلات التضخم في الولايات المتحدة.
وسجل مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي في الولايات المتحدة، المؤشر الأكثر مصداقية واعتمادية بين مؤشرات التضخم لدى الفيدرالي، أعلى ارتفاعاته في أكثر من 40 سنة في 2022 عند مستوى 7.1%، وهو المعدل الذي تراجع إلى 2.5% في يوليو الماضي، مما يجعله غير بعيد عن هدف البنك المركزي المحدد بـ2.00%.
وسجل مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة العملات الرئيسية، خسائر أسبوعية في الفترة المنتهية في 23 أغسطس الجاري تقدر هبطت به إلى 100.57 نقطة الجمعة الماضية مقابل الإغلاق الأسبوعي الماضي عند 101.88 نقطة. وبلغ أعلى مستوى للمؤشر 101.98 نقطة مقابل أدنى المستويات الذي سجل 100.56 نقطة.
الأسبوع المقبل
تركز الأسواق الأسبوع المقبل على المفكرة المزدحمة لتقارير الأرباح لعدد كبير من الشركات المدرجة في مؤشرات بورصة نيويورك، أبرزها إن فيديا، وديل، وسايلزفورس.
وتقع هذه التقارير على قدر كبير من الأهمية في الوقت الراهن، إذ تلقي الضوء على أداء واحد من القطاعات الفرعية في قطاع التكنولوجيا؛ هو الذكاء الاصطناعي. كما تلقي الضوء على أوضاع ومعدلات الاستهلاك في الولايات المتحدة.
وهناك أيضًا مؤسسات مصرفية ومالية من المقرر أن تصدر تقارير أرباحها الأسبوع الجديد، أبرزها سكوتيا بانك. وهناك شركات في قطاعات عالية الاستهلاك أيضًا من شأن أدائها المالي أن يلقي الضوء على معدلات الاستهلاك ومن ثم قد يسهم في إلقاء الضوء على المسار المستقبلي للتضخم. وتصدر سلسلة مؤشرات، هي الأهم والأكثر مصداقية واعتمادية لدى الفيدرالي بين مؤشرات التضخم؛ هي مؤشرات نفقات الاستهلاك الشخصي. وتكمن أهمية هذه الدفعة من بيانات التضخم في أنها تأتي بعد نتائج اجتماع الفيدرالي التي أظهرت ميلًا قويًا لدى أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة للبدء في خفض الفائدة في الاجتماع المقبل. كما تأتي بعد إطلاق جيروم باول، رئيس مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي، أقوى وأوضح إشارة إلى خفض الفائدة في سبتمبر المقبل.
أداء سعر الذهب:
في خطاب طال انتظاره في ندوة بنك الاحتياطي الفيدرالي في جاكسون هول، أشار رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إلى أن الوقت قد حان لتعديل السياسة النقدية. وسلط الضوء على انخفاض مخاطر التضخم والتزايد في المخاوف بشأن سوق العمل. ونتيجة لذلك، شهد سوق الذهب عمليات شراء كبيرة، حيث تم تداول عقود الذهب الآجلة لشهر ديسمبر عند 2551.60 دولارًا للأونصة – وهي زيادة بأكثر من 1% ليوم واحد. وفي وقت كتابة هذا التقرير، يتم تداول المعدن الثمين عند 2512 دولارًا للأونصة.
وصف المحللون تعليقات باول بأنها “حمامة بلا شك”. وأثناء تناول العوامل وراء ارتفاع التضخم في عام 2022، أعرب عن تفاؤله بأن البنك المركزي يمكنه إدارة التضخم مع دعم النمو الاقتصادي والعمالة. وتظل توقعات السوق مرتفعة، مع احتمال بنسبة 32% لخفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ومع ذلك، أكد باول أن الاحتياطي الفيدرالي لن يسرع دورة التيسير. مع تسعير الأسواق لخفضات أسعار الفائدة المحتملة، قد يشهد سوق الذهب تقلبًا.
قد يؤدي ضعف سوق العمل الأمريكي إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في اجتماع السياسة في سبتمبر. تشير النبرة الحمامية إلى التعديلات المستمرة في السياسة النقدية. انخفض الدولار وعوائد سندات الخزانة الأمريكية بعد تعليقات رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، التي أشار فيها إلى ثقته في أن التضخم يقترب من هدف 2% وأن أسعار الفائدة يجب أن تنخفض.
تحركات سعر النفط:
شهدت أسعار النفط زيادة متواضعة يوم الجمعة، ممتدة من المكاسب التي حققتها في اليوم السابق ومقاطعة سلسلة الخسائر للأسبوع. ومع ذلك، فإن الانتعاش قد يكون قصير الأمد مع وجود مخاوف كبيرة بشأن الطلب وفائض العرض المحتمل.
تجد أوبك نفسها في وضع صعب. إن الالتزام بالتزامات خفض الإنتاج السابقة يمكن أن يعزز مصداقيتها، لكن عكس المسار يمكن أن يقوض نفوذها على أسعار النفط. سيؤثر قرار الكارتل بشكل كبير على توقعات السوق.
يواجه مؤشر الدولار الأمريكي (DXY) أيضًا لحظة حاسمة. من المتوقع أن يكون لندوة جاكسون هول السنوية، التي تتضمن خطابًا لرئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، تأثير كبير على معنويات السوق والتغييرات المحتملة في السياسة.
أخبار النفط والعوامل المؤثرة على السوق:
حذر المحللون من أن سوق النفط قد يكافح لامتصاص براميل أوبك الإضافية بمجرد رفع تخفيضات الإنتاج. خفض مورغان ستانلي توقعاته لخام برنت إلى 80 دولارًا للبرميل، مشيرًا إلى ضعف نمو الطلب العالمي والاستهلاك الصيني البطيء. من المتوقع أن يتم إصدار تعداد منصات الحفر النفطية لبكر هيوز في وقت لاحق اليوم. ينتظر بشدة خطاب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في ندوة جاكسون هول.