يتوقع على نطاق واسع أن يسجل التضخم أرقامًا تكشف تباطؤ في نمو الأسعار في الولايات المتحدة، مما قد يمهد الطريق أمام بنك الاحتياطي الفيدرالي لدراسة جادة لخفض معدلات الفائدة في وقت لاحق من العام الجاري.
في غضون ذلك، قد تسجل قراءات الدخل والإنفاق للمستهلك الأمريكي إشارات على أن الاقتصاد في الولايات المتحدة لا يسير بخطى ثابتة على صعيد النمو وفي الوقت ذاته، هناك توقعات أخرى تسود الأسواق بأن يكون الخفض الأول للفائدة من قبل الفيدرالي في نوفمبر المقبل، وهو ما من شأنه أن يخفف الضغوط الناتجة عن ارتفاع معدلات الفائدة على كل المستويات.
وتنتظر الأسواق سلسلة قراءات نفقات الاستهلاك الشخصي والدخل الشخصي وإنفاق المستهلك في الولايات المتحدة وتأتي مؤشرات نفقات الاستهلاك الشخصي في مقدمة هذه الدفعة من البيانات من حيث الأهمية لأنها تعتبر الأكثر مصداقية واعتمادية بالنسبة للجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة التي تتخذ قرارات السياسة النقدية وقرارات تغيير أو تثبيت معدلات الفائدة.
وظهرت الخميس دفعة من المؤشرات الأولية لنفقات الاستهلاك الشخصي، والتي سلطت الضوء على تراجع محدود في القراءات ربع السنوية لهذا المؤشر؛ إذ سجلت قراءة مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي في الولايات المتحدة ارتفاعًا بنسبة 3.3% في الربع الأول من العام الجاري مقابل القراءة السابقة التي سجلت ارتفاعًا أكبر بقليل بواقع 3.4%.
وسجل مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي باستثناء أسعار الغذاء والطاقة في الولايات المتحدة ارتفاعًا بـ3.6% في الربع الأول من 2024 مقابل القراءة السابقة التي سجلت ارتفاعًا إلى مستويات أعلى بقليل بـ3.7%.
كما تأثرت هذه القراءات سلبًا بقراءات النمو في الربع الأول من العام الجاري التي ألقت الضوء على ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي بوتيرة أبطأ من ذي قبل وسجلت القراءة السنوية للناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة ارتفاعًا بـ1.3% في الربع الأول من العام الجاري، وهو أقل مما سجلته القراءة السابقة من ارتفع بـ1.6%.
أسعار الغذاء والطاقة
من المتوقع أن يرتفع التضخم باستثناء أسعار الغذاء والطاقة بحوالي 0.2%، مما يلقي الضوء على تراجع مقارنة بالقراءة التي سجلت ارتفاعًا بـ 0.3% في مارس الماضي وتقع القراءات التي تستثني هذه الفئات من الأسعار – الأكثر تقلبًا بين مكونات أسعار المستهلك – على قدرٍ كبيرٍ من الأهمية بالنسبة لبنك الاحتياطي الفيدرالي الذي يركز على هذا النوع من المؤشرات التماسًا لقدر أكبر من الدقة. كما يعتقد مسؤولو السياسة النقدية أن هذه مؤشرات تلقي الضوء على اتجاهات التضخم الأوسع نطاقًا لذا يعتمدون عليها أثناء دراسة أوضاع السياسة النقدية واتخاذ القرارات بشأن التحركات المستقبلية.
وينتظر مسؤولو الفيدرالي أن يظهر المزيد من استقرار الأسعار في البلاد وأن يواصل التضخم الهبوط بشكل مستدام منذ يوليو الماضي عندما أبقى الفيدرالي معدل الفائدة عند نفس المستويات الحالية دون تغيير – والتي تمثل أعلى المستويات منذ حوالي 23 سنة تقريبًا – وذلك التماسًا لأي إشارات إلى أن ارتفاع الأسعار بدأ يتباطأ وأن التضخم متجه بخطى ثابتة نحو هدف البنك المركزي المحدد بـ2.00%.
وكانت قراءات التضخم قد سجلت مستويات أسوأ من توقعات السوق في وقت سابق من هذا العام، مما أدى إلى تبدد الآمال في خفض الفائدة هذا الصيف وتحول أغلب توقعات السوق إلى إمكانية البدء في خفض معدلات الفائدة في أواخر 2024.
ودفعت القراءات التي ظهرت في الفترة الأخيرة للتضخم عددًا من أعضاء مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى أن يسكبوا ماءً باردًا على توقعات خفض الفائدة التي تصاعدت إلى حدٍ بعيدٍ في الأخيرة، وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى تصريحات أحد أعضاء مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي، التي نشرت مؤخرًا إذ أشار إلى أنه من الحكمة أن ينتظر الفيدرالي عدة أشهر قبل خفض الفائدة حتى يضمن أن التضخم تراجع وبالفعل عاد إلى المسار المؤدي إلى هدف البنك المركزي المحدد بـ2.00%.
ويرى صانعو السياسة النقدية أنه في غياب ضعف واضح لسوق العمل، فإنهم بحاجة إلى أن يروا بيانات تضخم جيدة لعدة أشهر قبل أن يشعروا بالارتياح لدعم اتخاذ إجراء تيسيري على صعيد السياسة النقدية.
ويبدو أن أعضاء الفيدرالي يريدون بشدة تجنب السقوط من أعلى الجرف، وهذا هو المهم. فهم لا يرون أي شيء على الإطلاق الآن يشير إلى أن الانتظار لثلاثة أو أربعة أشهر ما قد يؤدي إلى انزلاق الاقتصاد إلى الهاوية.
ويبدو من تلك التصريحات وغيرها من تصريحات أعضاء آخرين بالفيدرالي أن ثمة ميل عام إلى البدء في خفض الفائدة الفيدرالية في سبتمبر المقبل، لكن فقط في حالة ظهور بيانات تضخم جيدة تلقي الضوء على استمرار هبوط التضخم بوتيرة مستدامة.
كما زادت تلك التصريحات من ثقة المستثمرين في أن الفيدرالي مقبل على خفض الفائدة هذا العام، مما أثار تكهنات لدى المستثمرين في أسواق المال العالمية بأن خفض الفائدة الأول للفيدرالي قد يكون في سبتمبر المقبل بينما قد يشهد الاجتماع الأخير للفيدرالي هذا العام الخفض الثاني.