شهدت أسعار النفط الخام ارتفاعًا ملحوظًا، حيث تجاوزت سعر خام غرب تكساس الوسيط حاجز 80 دولارًا للبرميل، وارتفع نفط برنت إلى أكثر من 84.19 دولارًا للبرميل في حين تراقب أسواق الطاقة التطورات الأخيرة عن كثب، خاصةً الإجراءات التي تتخذها منظمة أوبك وحلفاؤها في إطار أوبك+، وفي هذا التحليل الشامل، دعونا نستعرض العوامل الرئيسية التي تدفع بأسعار النفط للارتفاع في الوقت الحالي.
تتأثر أسعار النفط الحالية بشكل رئيسي بديناميات العرض والطلب، وسياسات البنوك المركزية، والمخاوف الجيوسياسية ومن المتوقع أن تستمر هذه المتغيرات في التأثير على سوق الطاقة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، لذا ننصح المستثمرون في قطاع الطاقة بمتابعة الأحداث الجديدة والبقاء على اطلاع فيما يتعلق بتأثيراتها.
تقليص إنتاج النفط وأوبك +
استقرت أسواق النفط نتيجة للقيود الطوعية التي فرضتها أوبك وحلفاؤها على إنتاج النفط. ومنذ الربع الثالث من عام 2023، تم خفض إنتاج النفط بمقدار 2.2 مليون برميل يوميًا وكان الهدف هو منع إنتاج النفط العالمي من تجاوز مستويات الطلب العالمي ومع اقتراب اجتماع أوبك الافتراضي في 2 يونيو، أي بعد بضعة أيام فقط، يتوقع مراقبو السوق أن تستمر هذا الخفض الطوعي في إنتاج النفط.
تراجع الطلب العالمي
على عكس التوقعات الأولية، لم يرتفع الطلب على النفط الخام عالميًا بنفس القوة المتوقعة في عام 2024. وساهمت قيود العرض جنبًا إلى جنب مع الانتعاش الاقتصادي البطيء والتعافي من تأثيرات كوفيد-19 في تحقيق نوع من التوازن وهناك فرصة أشار إليها الخبراء بالقول إن إنتاج النفط العالمي سيتجاوز قدرة الاقتصادات على استهلاكه، مما يدفع أسعار النفط للارتفاع ويستمر التداخل المعقد بين العرض والطلب في أن يكون عنصرًا حاسمًا في هذه المعادلة.
إمدادات النفط الخام في الولايات المتحدة
إن إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة لا يزال مصدر قلق. قد تتأثر الأسعار إذا استمر العرض في تجاوز الطلب بسبب الفائض. يتم مراقبة التقارير الأسبوعية حول إمدادات النفط الخام وعدد البراميل من إدارة معلومات الطاقة (EIA) ومعهد البترول الأمريكي (API) بشكل واسع من قبل المستثمرين. ويشير عدد البراميل الأعلى من المتوقع في إحصائيات الإدارة والمعهد المذكوريْن الأخيرة، إلى استمرار النمو في العرض حتى عام 2024.
مؤشرات مهمة
يمكن العثور على معلومات مهمة حول المنتجات البترولية الرئيسية وأنشطة مصافي النفط في تقرير معهد البترول الأمريكي الأسبوعي لمخزون النفط الخام وتؤثر هذه العوامل بشكل كبير على مزاج السوق ويمكن أن تؤدي إلى تغييرات في الأسعار. بالإضافة إلى ذلك، أدى انطلاق موسم قيادة السيارات في الصيف في الولايات المتحدة إلى حماس أعلى في السوق مع توجه الكثيرين إلى الطرق لقضاء عطلاتهم والسفر، من المتوقع أن يزداد الطلب على النفط.
تأثير أسعار الفائدة
تتأثر تغييرات أسعار النفط الخام بشكل كبير بديناميات أسعار الفائدة. وإليك نبذة عن كيفية حدوث ذلك:
العلاقة العكسية: تاريخيًا، كانت هناك علاقة عكسية بين أسعار النفط وأسعار الفائدة. وترتفع تكلفة الاقتراض عندما ترتفع أسعار الفائدة، مما يمكن أن يقلل من إيقاع نمو النشاط الاقتصادي. ويؤدي الطلب المنخفض على النفط إلى خفض الأسعار. من ناحية أخرى، تشجع أسعار الفائدة المنخفضة عادة على التوسع الاقتصادي، مما يزيد من الطلب على النفط ويدفع بأسعاره للاتجاه الصعودي.
تأثير الدولار الأمريكي: يتم استخدام الدولار الأمريكي على نطاق عالمي لتسعير النفط. يجعل الدولار الأمريكي الأضعف النفط أرخص نسبيًا بالنسبة للمشترين بعملات أخرى، مما يزيد من الطلب ويدفع الأسعار للأعلى. وعلى العكس، يمكن أن يكبح الدولار الأقوي أسعار النفط.
توقعات اجتماع أوبك+: يتوقع المتداولون والمحللون أن يمتد تخفيض الإنتاج الحالي للنفط خلال الاجتماع الافتراضي القادم لمجموعة أوبك + التوازن الحساس ما يدعم الأسعار دون قمع التعافي الاقتصادي. وتجدر الإشارة إلى أن أسعار خام برنت تراوحت في نطاق 80 دولارًا للبرميل، وتهدف أوبك+ إلى الحفاظ عليها ضمن النطاق بين 80 و90 دولارًا.
الضغوط الجيوسياسية:
النزاع الروسي – الأوكراني: أثارت هجمات الصواريخ الأخيرة من روسيا على أوكرانيا وخطط روسيا لتوسيع حدودها في البحر البلطيق العديد من المخاوف بشأن إمدادات النفط الخام. كما أن أي انقطاع في إنتاج النفط أو نقله بسبب التوترات الجيوسياسية يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.
مؤتمر أوبك+ الافتراضي: قرر أعضاء أوبك ودول أخرى منتجة للنفط عقد مؤتمر افتراضي بدلاً من الاجتماع شخصيًا وعلى الرغم من أن هذا الحدث قد لا يؤدي إلى تصريحات كبيرة، إلا أنه يسهم في انتشار حالة من عدم اليقين في السوق.
موقف الاحتياطي الفيدرالي: أحبط الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي آمال خفض أسعار الفائدة في وقت مبكر من العام 2024، ما يعزز الطلب على النفط الخام ويدفع الأسعار للأعلى وكان المستثمرون قد توقعوا سابقًا تخفيضًا في أسعار الفائدة، لكن موقف الاحتياطي الحالي قد غير التوقعات.
مؤشر الدولار الأمريكي (DXY):
يقترب مؤشر DXY، الذي يقيس قيمة الدولار مقابل سلة من العملات الأخرى، من مستوى 105.00 وتشير بيانات مؤشر مديري المشتريات الأمريكية الإيجابية لشهر مايو إلى استمرار النمو الاقتصادي ومع عودة السيولة إلى الدولار، ترتفع أسعار النفط.
بيانات السلع المعمرة:
تشير البيانات الهبوطية لتقديرات طلبيات السلع المعمرة السابقة إلى احتمال أكبر لخفض أسعار الفائدة في سبتمبر، على الرغم من الموقف المائل إلى تشديد السياسة النقدية من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي ويؤثر هذا التوقع بشكل أكبر على أسعار النفط.
تراجع إنتاج المكسيك من النفط:
كان إنتاج النفط المكسيكي في أبريل أقل بنحو 6.4٪ عن العام السابق. ويترجم ذلك إلى انخفاض بنحو 1.56 مليون برميل يوميا. ويؤثر انخفاض إنتاج النفط على العرض الإجمالي ويساهم في تقلب الأسعار.
شهية المخاطرة:
تجددت شهية المستثمرين للمخاطرة، خاصة بعد أن عصف مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي بآمال خفض أسعار الفائدة في يونيو وتضع الأسواق الآن فرصة ضئيلة لخفض سعر الفائدة من قبل اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في سبتمبر، بانخفاض حاد عن التوقعات السابقة.
تداعيات بارزة لعوامل أخرى
التضخم: يمكن أن يؤدي ارتفاع أسعار النفط إلى زيادة التضخم، مع ارتفاع تكاليف النقل وإنتاج النفط وهذا يمكن أن يؤدي إلى إبطاء النمو الاقتصادي، حيث أن المستهلكين لديهم دخل أقل يمكن إنفاقه على السلع والخدمات الأخرى.
عدم اليقين الاقتصادي: تؤدي التوترات الجيوسياسية إلى خلق حالة من عدم اليقين، مما يؤثر على قرارات الاستثمار والاستقرار الاقتصادي العام، وخاصة التوترات بالشرق الأوسط مصدر كميات لا يستهان بها من النفط.
التأثير على المستهلك: يمكن أن يؤثر ارتفاع أسعار النفط بشكل مباشر على المستهلكين من خلال ارتفاع تكاليف الوقود، مما يؤثر على ميزانيات العائلات.