يحافظ سعر الذهب على استقراره عند مستوى أقل من 3700 دولار، في الوقت الذي تترقب فيه الأسواق العالمية قرار الاحتياطي الفيدرالي بشأن سياسته النقدية. ومع التوقعات الواسعة بخفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، أصبح التركيز الأساسي ليس على القرار نفسه، بل على الخطط المستقبلية للبنك المركزي. هذا المناخ من الترقب الشديد يؤثر على الأسواق، حيث يظهر الذهب مرونة ملحوظة على الرغم من عمليات جني الأرباح الطفيفة.
انقسام الفيدرالي وتضارب الإشارات الاقتصادية
الاحتياطي الفيدرالي ليس على قلب رجل واحد في اتخاذ قراره. فبينما يُتوقع خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، هناك انقسام بين صناع السياسة. بعضهم، مثل الحاكم المعين حديثًا ستيفن ميران، قد يدفع باتجاه خفض أكثر قوة بمقدار 50 نقطة أساس لدعم الاقتصاد. في المقابل، قد يصوت بعض المسؤولين الآخرين على إبقاء أسعار الفائدة دون تغيير، مما يعكس موقفًا أكثر حذرًا تجاه التضخم. هذا الانقسام داخل البنك المركزي يؤكد مدى تعقيد المشهد الاقتصادي الحالي.
وتزداد الأمور تعقيدًا بسبب التقارير الاقتصادية المتضاربة. ففي أغسطس، فاقت مبيعات التجزئة التوقعات، مما يشير إلى مرونة الإنفاق الاستهلاكي. لكن في المقابل، شهد قطاع الإسكان تراجعًا كبيرًا، حيث هبطت بداية بناء المنازل إلى أدنى مستوياتها منذ شهور. هذا المزيج من البيانات يمثل تحديًا للفيدرالي الذي يجب أن يوازن بين قوة المستهلك وعلامات التباطؤ في قطاع الإسكان. إن توقعات السوق الحالية بخفض إجمالي قدره 125 نقطة أساس حتى عام 2026 تشير إلى أن المستثمرين يعتقدون أن البنك سيستمر في مسار التيسير، رغم هذه الإشارات المتضاربة.
أهمية ما لم يُصرّح به
الحدث الأهم الذي سيحرك السوق غالبًا هو المؤتمر الصحفي لرئيس الفيدرالي، جيروم باول. كل كلمة يقولها ستخضع للتحليل الدقيق بحثًا عن أي تلميحات حول المسار المستقبلي لأسعار الفائدة. ومع ذلك، يعتقد الكثيرون أن باول سيتجنب عمدًا إعطاء تعهدات صارمة. تسمح استراتيجية “التحوط” هذه للفيدرالي بالحفاظ على مرونته، وهي أداة حاسمة في حال ارتفع التضخم بشكل غير متوقع أو تغيرت الظروف الاقتصادية.
ينعكس ترقب السوق في مؤشرات مالية رئيسية أخرى. فمؤشر الدولار الأمريكي (DXY) لا يزال مستقرًا نسبيًا، وعوائد سندات الخزانة الأمريكية، بما في ذلك سندات العشر سنوات، تحافظ على ثباتها. يشير هذا الهدوء الذي يسبق العاصفة إلى أن السوق قد قام بالفعل بتسعير خفض الفائدة المتوقع، وأن التقلبات الحقيقية ستظهر فقط بعد الكشف عن تفاصيل التوقعات المستقبلية للفيدرالي.
