خفضت المملكة العربية السعودية إنتاجها من النفط إلى مستويات لم تشهدها منذ ذروة جائحة فيروس كورونا للدفاع عن أسعار النفط، وهي مناورة أدت إلى تقليص حصتها في السوق مقارنة بروسيا وإيران، أعضاء أوبك+، في الفترة الأخيرة.
وفي ضوء ما يتوقعه محللون من سعر مستهدف من قبل السعودية للنفط عند 75 دولارًا للبرميل، قد تضطر المملكة إلى الحفاظ على مستويات إنتاجها المنخفضة لفترة طويلة، إلم تحتاج إلى المزيد من الخفض.
والتزمت السعودية منذ يوليو بتثبيت إنتاجها من النفط عند 9 مليون برميل يوميا. لكنها في الأشهر الأخيرة ضخت أقل من الحجم المستهدف، إذ سجل معدل الإنتاج السعودي 8.82 مليون برميل يوميا و8.94 مليون برميل يوميا في نوفمبر وديسمبر الماضيين على الترتيب، وفقا للأرقام الصادرة عن منظمة أوبك.
وفي إطار التخفيف من وطأة الصدمة التي تتلقاها الأسواق من خفض الإنتاج، حاولت السعودية تحفيز المشترين بخفض موحد بمقدار دولارين للبرميل على أسعار البيع الرسمية لمبيعات النفط الخام في شهر فبراير المقبل إلى جميع المناطق. وقالت مصادر تجارية إن هذه الخطوة قوبلت باستجابة متباينة من السوق.
وليست هذه هي المرة الأولى التي تستخدم فيها السعودية سلاح خفض الإنتاج لمجابهة الهبوط الحاد في الأسعار، إذ سبق لها أن خفضت الإنتاج لمواجهة الركود الذي تعرضت له الأسواق أثناء انتشار وباء كورونا.
ورغم عدم دخول الاقتصاد العالمي في حالة من الركود – كما كان الحال وقت الوباء – ظهرت في الأسواق في الفترة الأخيرة توقعات بأن تخذ السعودية قرارا بالمزيد من خفض الإنتاج في الربع الأول من 2024، وذلك من أجل مواجهة هبوط الأسعار الناتج عن ارتفاعات في المعروض داخل مجموعة أوبك+ وداخلها.
لكن المشكلة اليت قد تواجه الرياض هي أنها لن تتمكن وحدها من تغطية الهبوط الحالي الأسعار من خلال خفض الإنتاج، إذ يتطلب الأمر مشاركة دول المجموعة في الخفض، وهو ما يحتاج إلى خوض جولات صعبة من المفاوضات.
يُذكر أن حصة السعودية من إنتاج النفط لمجموعة أوبك+، الذي بلغت 11.03 مليون برميل يوميًا في سبتمبر 2022، وصلت إلى 9 مليون برميل يوميًا حاليًا في الفترة الأخيرة اعتمادا على خفض طوعي.
تراجعت العقود الآجلة للنفط في ختام تعاملات الثلاثاء متأثرة بزيادة الإنتاج في الولايات المتحدة، وليبيا، والنرويج في الفترة الأخيرة، مما يسلط الضوء على زيادة محتملة في المعروض العالمي من النفط من شأنها أن تضعف الأسعار العالمية.
وارتفع معدل الإنتاج في ولاية شمال داكوتا، ثالث أكبر ولاية منتجة للنفط في الولايات المتحدة، بعد انخفاضه في الفترة الأخيرة بسبب إغلاق بعض الحقول ومواقع الإنتاج بسبب الطقس شديد البرودة، وفقا لإدارة خط أنابيب النفط في الولاية الأمريكية.
كما تراجع الطلب على البنزين في الولايات المتحدة، أكبر اقتصادات العالم، مما يلقي بظلاله على إمكانية تراجع الطلب العالمي على النفط في الفترة المقبلة. وبينما تراجعت مخزونات النفط الخام الأمريكي بـ6.67- مليون برميل، ارتفت مخزونات الجازولين الأمريكية ب7.2 مليون برميل.
وارتفع معدل إنتاج النفط في النرويج إلى 1.85 مليون برميل يوميا في ديسمبر الماضي مقابل المستوى المسجل في الشهر السابق عند 1.81 مليون برميل يوميا، وهو ما توافق مع توقعات الأسواق التي رجحت عدم تسجيل أي تغيير الشهر الماضي.
كما بدأ العمل في حقل شرارة الليبي للنفط، الذي ينتج حوالي 300000 برميل يوميا بعد انتهاء الإضراب الذي بدأه العاملون في الموقع منذ أوائل الشهر الجاري.
وتأتي هذه العوامل في مجملها لتصب في صالح توقعات بالمزيد من خفض إنتاج النفط السعودي في الفترة المقبلة، إذا تنذر هذه التطورات بإمكانية ارتفاع المعروض العالمي من النفط، مما ينعكس سلبا على الأسعار.
وهبطت العقود الآجلة للنفط الأمريكي إلى 74.44 دولار للبرميل مقابل الإغلاق اليومي الماضي الذي سجل 74.57 دولار للبرميل. وارتفعت عقود الخام الأمريكي إلى75.21 دولار مقابل أدنى المستويات الذي سجل 73.44 دولار.