كان الأسبوع الماضي حافلًا بالأحداث الهامة التي كان لها عظيم الأثر في حركة السعر في أسواق المال العالمية، والتي أدت في نهاية الأمر إلى تغلب أصول الملاذ الآمن على أصول المخاطرة وسط توقعات بتحسن في معنويات الأسواق في الأسبوع الجديد. وفيما يلي ملخص الأسبوع لأسواق المال العالمية.
وتضمنت تلك العوامل بيانات اقتصادية على صعيد النشاط التجاري الأمريكي وبيانات توظيف وغير ذلك من البيانات التي سلطت الضوء على الأوضاع الاقتصادية والمسار المستقبلي الذي قد يسلكه الاقتصاد في الفترة المقبلة.
كما أصدرت شركات هامة مدرجة في مؤشرات بورصة نيويورك تقارير الأرباح التي تنوعت بين إيجابي وسلبي علاوة على تركيز أغلبها على التعريفة الجمركية وأداء الشركات في الفترة المقبلة.
وشهد الأسبوع الماضي أيضًا الإعلان عن أول اتفاقية تجارية منذ فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسومًا جمركية على عدد كبير من أهم الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في الثاني من إبريل الماضي، وهي الاتفاقية التجارية مع المملكة المتحدة.
وللمرة الأولى أيضًا، أعلن ترامب موعد البدء في المفاوضات التجارية بين بلاده والصين التي تستهدف التوصل إلى اتفاقية تجارية تهدئ من حدة التوترات بين البلدين على صعيد التبادل التجاري.
مكاسب أسبوعية محدودة للدولار الأمريكي
حقق الدولار الأمريكي مكاسب أسبوعية محدودة نظرًا للتقلبات الحادة في حركة السعر في أسبوع سادته أنباء متباينة على صعيد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين وأنباء إيجابية عن اتفاقات تجارية وتحديد موعد انطلا محادثات تجارية بين واشنطن وبكين.
وفي بدايات الأسبوع الماضي، تراجع في مستويات التفاؤل في الأسواق قبيل إعلان تاريخ البدء في المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين الأسبوع الماضي.
كما تأثرت العملة لأمريكية ببيانات اقتصادية ألقت الضوء على إمكانية أن تطول الفترة التي يتعرض خلالها الاقتصاد الأمريكي للانكماش بعد أن كشفت عن اتساع العجز لتجاري الأمريكي إلى مستويات قياسية.
كما صدرت تصريحات من رئيس الفيدرالي في نيويورك جون وليامز سلطت الضوء على إمكانية مواجهة الاقتصاد الأمريكي أوقاتًا عصيبة في الفترة المقبلة.
وتراجعت السيولة في الأسواق بعد الإعلان عن اتفاق تجاري أمريكي بريطاني، مما انعكس سلبًا على الدولار الأمريكي بعد أن وُجهت أغلب السيولة إلى شراء الأسهم العالمية.

الذهب يحقق مكاسب أسبوعية
أنهى الذهب تعاملات الأسبوع في الاتجاه الصاعد، مستغلًا بعض التطورات السلبية التي سيطرت على الأسواق لبعض الوقت قبل الإعلان عن اتفاق تجاري بين الولايات المتحدة المملكة المتحدة وبد المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين في نهاية الأسبوع.
وعلى مدار الأسبوع الماضي، استفاد المعدن النفيس من بعض التطورات السلبية التي أضرت بحركة سعر الدولار الأمريكي، من أبرزها حالة من السلبية سادت معنويات السوق لتدفع الذهب إلى مستويات أعلى بعد تصريحات للرئيس الأمريكي دونالد ترامب جاء فيها أنه لا يخطط للتحدث مع نظيره الصيني شي جينبينج في وقتٍ قريبٍ، وهو ما أثار حالة من السلبية إزاء مستقبل العلاقات التجارية بين واشنطن وبكين.
كما سجل العجز التجاري الأمريكي رقمًا قياسيًا بلغ 140.5- مليار دولار في إبريل الماضي مقابل العجز المسجل الشهر السابق بـ123.2- مليار دولار، وهو ما جاء أوسع مما أشارت إليه توقعات الأسواق عند 129.00- مليار دولار.
ويعتبر العجز التجاري الصارخ المسجل في الشهر الماضي من أهم العوامل التي من شأنها أن تؤثر سلبًا على قراءات الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما أثار حالة من السلبية في أسواق المال العالمية، خاصة وأنه يأتي بعد أيام من صدور قراءة الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي للربع الأول من هذا العام، والتي ألقت الضوء على انكماش الاقتصاد بـ0.3%.
وهناك علاقة عكسية بين الدولار الأمريكي والذهب، وهو ما يجعل كلًا منهما يسير في الاتجاه المعاكس للآخر. وبالقعل تحققت تلك العلاقة.
وشهد الأسبوع المنقضي بعض الإيجابيات التي دفعت الدولار الأمريكي في الاتجاه الصاعد في بعض الأوقات، إذ استفادت العملة الأمريكية من تطورات إيجابية على صعيد التعريفة الجمركية بعد إعلان ترامب توصل الولايات المتحدة إلى اتفاق تجاري مع المملكة المتحدة علاوة على توقعات بتحسن العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين بعد الإعلان عن بدء مفاوضات تجارية بين البلدين في نهاية الأسبوع. كما استفاد الدولار الأمريكي من الإشارات إلى التمهل في خفض الفائدة لبعض الوقت في بيان الفيدرالي وتصريحات رئيسه جيروم باول، مما يصب في صالح العملة الأمريكية أيضًا.
نهاية أسبوع سلبية للأسهم الأمريكية
كان أداء الأسهم الأمريكية سلبيًا إلى حدٍ ما في مجمله على مدار تعاملات الأسبوع المنتهي في التاسع من مايو الجاري بعد أن أكد بنك الاحتياطي الفيدرالي ميله إلى الإبقاء على الفائدة وموقف السياسة النقدية الحالي دون تغيير لبعض الوقت.
كما تأثرت العملة الأمريكية سلبًا ببعض تقارير الأرباح السلبية التي ألقت الضوء على قلق لدى شركات مثل فورد، التي لقت إصدار نظرة مستقبلية للإيرادات في 2025 علاوة على تقرير أرباح شركة بالانتير، المتخصصة في الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الدفاع، الذي أثار قدرًا من السلبية أيضًا رغم تحقيق الشركة أرباحًا تفوق توقعات الأسواق.
وكان إجراء تثبيت الفائدة الأربعاء الماضي في حد ذاته من العوامل التي أضرت بالأسهم الأمريكي كثيرًا. لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، إذ بعث الفيدرالي برسائل متناقضة إلى الأسواق غلبت عليها نغمة سلبية.
وركز الفيدرالي على “التقلبات في الصادرات” في مستهل بيان الفائدة، وهو ما نرجح أنه على صلة قوية التعريفة الجمركية وسياسات ترامب التجارية.
ورغم تأكيده على أن الأوضاع الاقتصادية جيدة وأن النشاط الاقتصادي يتقدم بخطى ثابتة، حذر الفيدرالي من قدر كبير من انعدام اليقين يحيط بالنظرة المستقبلية للاقتصاد ويزيد من المخاطر التي تواجه تكليفه الثنائي.
وأشار إلى إمكانية استمرار ارتفاع نمو الأسعار وسط تباطؤ النشاط الاقتصادي. وقال بيان الفائدة أيضًا إن مخاطر ارتفاع التضخم وزيادة معدل البطالة تتزايد في الفترة الأخيرة.
كما تضمنت تصريحات جيروم باول، رئيس الفيدرالي، إِشارات أسهمت في تراجع الأسهم الأمريكية بعد أن أكد أنه “ينبغي الانتظار لبعض الوقت قبل أي تغيير في معدل الفائدة”.

وتوقع جون وليامز، رئيس الفيدرالي في نيويورك، الجمعة الماضية أن “يتباطأ النمو الاقتصادي إلى حدٍ كبيرٍ” مع ارتفاع في معدلات التضخم والبطالة في الولايات المتحدة.
ويعتبر ما أشار إليه وليامز إشارة إلى العناصر المكونة لبيئة الركود التضخمي، والذي حال تحققه في البلاد من المتوقع أن يسارع الفيدرالي إلى احتواء الموقف من خلال خفض الفائدة وغير ذلك من إجراءات التيسير الكمي. وكانت هذه التصريحات من أهم العوامل السلبية التي أضافت إلى ضغوط تعرضت لها بورصة نيويورك في الاتجاه الهابط.
وكان الأسهم الأمريكية قد تلقت دفعة في الاتجاه الصاعد من عدة عوامل ألقت الضوء على تحسن محتمل في العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
كما تلقت الأسهم في وول ستريت دعمًا قويًا من تقارير أرباح ظهرت على مدار تعاملات الأسبوع المنقضي، أبرزها تقارير أرباح شركة ديزني لاند عن الربع الأول من 2025 الذي ألقى الضوء على أرباح وإيرادات فاقت توقعات الأسواق.
وأعلن الرئيس ترامب الأسبوع الماضي أنه تم التوصل إلى اتفاق تجاري شامل بين بلاده والمملكة المتحدة، مؤكدًا أن المملكة المتحدة “تعهدت بالإسراع في زيادة وارداتها من الولايات المتحدة”.
وقال ترامب إن “الاتفاق تضمن أيضًا تسهيل الحصول على كميات أكبر من لحوم الأبقار والإيثانول”، مؤكدًا أن بريطانيا تعهدت بإزالة المعوقات التجارية بخلاف التعريفة الجمركية.
وأشار إلى أن التفاصيل النهائية للاتفاق التجاري بين البلدين سوف تكتب على مدار الأسابيع القليلة المقبلة. وأضاف أن الصين لديها رغبة قوية لإبرام اتفاق تجاري مع بلاده، وهو ما دعم شهية المخاطرة وأدى إلى ارتفاع الأسهم الأمريكية الأسبوع الماضي.
وزاد من الإيجابية في الأسواق أيضًا الإعلان عن انطلاق محادثات تجارية بين الولايات المتحدة والصين في سويسرا.
مع ذلك، كانت إشارات غير محددة المعالم إلى تطورات محتملة في العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين من العوامل التي أثارت القلق إزاء المحادثات الجارية بين واشنطن وبكين التي تستمر على مدار نهاية الأسبوع.
ورجح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن التعريفة الجمركية المفروضة على واردات بلاده من الصين قد يكون من المناسب أن تُخفض إلى 80% بدلًا من 145%، وهي النسبة التي لا يمكن في الوقت الراهن تحديد ما إذا كان إيجابية أم سلبية للأسواق.
كما أكدت الصين في وقتٍ سابقٍ على ضرورة أن تلغي الولايات المتحدة التعريفات الجمركية التي فرضها على بكين قبل بدء المفاوضات، وهي التصريحات التي أضرت إلى حدٍ ما بالتعريفة الجمركية.
الين الياباني
تعرض الين الياباني لخسائر أسبوعية بسبب علاقته العكسية مع عائدات سندات الخزانة الأمريكية التي استفادت كثيرًا من تصريحات أدلة بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أوائل الأسبوع الماضي عن أنه لا يخطط للحديث مع نظيره الصيني شي جينبينج.
كما تراجع الين بضغط من ارتفاع عائدات السندات الأمريكية الذي اعتمدت فيه على ما جاء في بيان الفائدة الصادر عن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأربعاء الماضي وتصريحات جيروم باول، رئيس الفيدرالي، التي أدلى بها في مؤتمر صحفي عقب إعلان قرار تثبيت الفائدة.
وظهر في اللغة التي استخدمها الفيدرالي في بيانه وفي التصريحات التي أدلى بها رئيس مجلس محافظي البنك المركزي ميل قوي إلى الإبقاء على معدل الفائدة دون تغيير لفترة قد تطول حتى تتضح الأمور أكثر فيما يتعلق بالمشهد الاقتصادي في الولايات المتحدة بعد حسم أمر التعريفة الجمركية.

العملات المشفرة
تلقت العملات المشفرة دعمًا قويًا من مصدرين الأسبوع الماضي، إذ اشترت أسماء كبرى في عالم الأصول الرقمية كميات كبيرة من البيتكوين علاوة على التفاؤل الذي انتشر في الأسواق لأسباب تتعلق بمستقبل التجارية العالمية.
ولا يزال الطلب المؤسسي على البيتكوين في زيادة، وفقًا للبيانات الصادرة عن “سوسوفاليو”، إذ شهدت صناديق الاستثمار المتداولة بالبيتكوين زيادة في التدفقات التي تدخل إليها بحوالي 425.45 مليون دولار الاثنين الماضي. ويشير ذلك إلى استمرار زيادة تلك التدفقات على مدار الأيام الماضية منذ الخميس الماضي.
وحال استمرار هذه الصناديق في استقبال المزيد من الاستثمارات، من المتوقع أن تشهد البيتكوين المزيد من الصعود في الفترة المقبلة.
واشترت شركة استراتيجي 1985 وحدة بيتكوين في 28 إبريل الماضي و4 مايو الجاري، وفقًا لما أعلنته الشركة الاثنين.
وأدت المشتريات الجديدة إلى زيادة ممتلكات الشركة من البيتكوين إلى 555450 وحدة بيتكوين، مما يمثل حوالي 2.6% من إجمالي المعروض من العملة.
كما قادت مؤسسات آرك 21 شايرز، وبلاكروك، وفايديليتي عمليات شراء على نطاق واسع للبيتكوين وغيرها من العملات المشفرة على مدار الأسبوع الماضي، وهو ما أدى إلى اختراق العملة المشفرة الأوسع انتشارًا على مستوى العالم حاجز 100000 دولار للوحدة.
الأسبوع الجديد
تنتظر الأسواق أحداثًا هامة الأسبوع الجديد، تتقدمها مؤشرات أسعار المستهلك الأمريكي وثقة المستهلك في الولايات المتحدة التي تقع على جانب كبير من الأهمية لصلتها المباشرة بقرارات السياسة النقدية.
كما ينبغي أن نتابع أي التطورات على صعيد المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين التي بدأت نهاية الأسبوع الماضي، إذ تقع على رأس قائمة الأحداث الهامة التي تنتظرها الأسواق هذا الأسبوع.
وتصدر أيضًا بيانات مبيعات التجزئة الأمريكية التي توضح حالة إنفاق المستهلك الذي يعتبر بدوره من أهم المؤشرات الأولية التي يمكننا الاعتماد عليها في تقييم أوضاع الطلب في الولايات المتحدة، ومن ثم تقديرات التضخم.
وتصدر شركة وولمارت، عملاق التجزئة الأمريكي، تقرير أرباح الربع الأول من هذا العام، مما يساعد أيضًا في رسم صورة أكبر لإنفاق المستهلك الأمريكي.