أنهت أسواق المال العالمية تعاملات الأسبوع (11-15 يوليو 2022) بحالة من السلبية الشديد وتدهور حاد في شهية المخاطرة بدفعة من استمرار ارتفاع التضخم الأمريكي إلى مستويات غير مسبوقة في أربعة عقود، وقرارات رفع الفائدة الصادرة عن بنك الاحتياطي النيوزلندي وبنك كندا، وتقارير أشارت إلى خفض تقديرات الناتج المحلي الأمريكي علاوة على استمرار تهديد مخاوف الركود للاقتصاد العالمي ومخاوف معاناة من عجز في منتجات الطاقة بسبب الحرب في أوكرانيا، والتي تهدد اقتصاد منطقة اليورو.
وأسفرت تلك المؤثرات عن مكاسب أسبوعية للدولار الأمريكي، وهبوط أغلب أصول المخاطرة التي تعرضت لخسائر أسبوعية كبيرة بسبب العوامل التي أدت إلى تدهور معنويات المستثمرين.
وختم الدولار الأمريكي تعاملات الأسبوع المنتهي في 15 يوليو الجاري في الاتجاه الصاعد بعد أن حقق مكاسب كبيرة معتمدا على التراجع الحاد في شهية المخاطرة.
وأنهى مؤشر الدولار، الأكثر دقة في تقييم أداء العملة الأمريكية مقابل سلة العملات الرئيسية، تعاملات الفترة من 11 إلى 15 يوليو الجاري بارتفاع إلى 108.00 نقطة مقابل الإغلاق الأسبوعي الماضي الذي سجل 107.16 نقطة.
وسجلت قراءة مؤشر أسعار المستهلك في الولايات المتحدة ارتفاعا بواقع 1.3% في يونيو الماضي مقابل القراءة السابقة التي سجلت 1.00%، وفقا للمستويات الشهرية.
وشهد التضخم السنوي لأسعار المستهلك الأمريكي أيضا ارتفاعا بنسبة 9.1% في يونيو مقابل قراءة نفس الشهر من العام الماضي التي سجلت 8.6%، وفقا للقراءة السنوية التي فاقت توقعات السوق التي أشارت إلى ارتفاع لا يتجاوز 8.%.
وارتفعت مؤشر أسعار المستهلك باستثناء أسعار الغذاء والطاقة بـ 0.7% الشهر الماضي مقابل قراءة الشهر السابق التي سجلت 0.6%. وعلى أساس سنوي، شهدت قراءة المؤشر هبوطا هامشيا بواقع 5.9% مقابل قراءة مايو الماضي التي سجلت 6.00%.
وارتفعت قراءات التضخم في أسعار المنتجين الأمريكيين الخميس بنسبة 1.1% في يونيو الماضي مقابل القراءة السابقة التي سجلت ارتفاعا بـ 0.9%، وهو ما جاء أعلى من توقعات الأسواق التي أشارت إلى 0.8%، أي ارتفاع أقل من القراءة المسجلة لأداء التضخم في الشهر السابق.
كما ارتفعت القراءة السنوية للتضخم في أسعار المنتجين في الولايات المتحدة بواقع 11.3% مقابل القراءة السابقة التي سجلت ارتفاعا بنسبة 10.9%، وهو ما جاء أدنى من توقعات السوق التي أشارت إلى ارتفاع أقل بواقع 10.7%.
خسائر أسبوعية للذهب
تعرض الذهب لخسائر في نهاية أسبوع التداول المنقضي الجمعة (15-07-2022) بضغط من ارتفاع الدولار الأمريكي الذي استفاد كثيرا من تدهور شهية المخاطرة بسبب الارتفاعات الحادة في معدل التضخم على مستوى أسعار المستهلك وأسعار المنتجين في الولايات المتحدة.
وهبطت العقود الآجلة للذهب في الأسبوع المنتهي في 15 يوليو الجاري إلى 1706 دولار للأونصة مقابل الإغلاق الأسبوعي الماضي الذي سجل 1741 دولار للأونصة. وارتفع الذهب إلى أعلى المستويات في أسبوع التداول الماضي عند 1745 دولار مقابل أدنى المستويات الذي سجل 1697 دولار.
وتراجع الدولار الأمريكي لتوافر عدة عوامل سلبية أدت إلى تدهور في شهية المخاطرة في أسواق المال العالمية، أبرزها بيانات التضخم الأمريكية وتقديرات لصندوق النقد الدولي.
وخفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي للعام 2022 إلى 2.3٪ مقارنة بالتوقعات السابقة 2.9٪ في أواخر يونيو الماضي، كنتيجة للبيانات الاقتصادية الأمريكية التي جاءت دون التوقعات.
وقال صندوق النقد الدولي إنه يتوقع أن تؤدي إجراءات سياسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى إبطاء النمو الاقتصادي، كما توقع أن يصل الإنفاق الاستهلاكي إلى الصفر بحلول أوائل عام 2023، وزيادة معدل البطالة إلى حوالي 5٪ بحلول نهاية عام 2023.
وقال مديرو صندوق النقد الدولي إن تمرير بقية إجراءات أجندة الإصلاح الاقتصادي التي تتبناها إدارة بايدن أمر بالغ الأهمية لتعزيز جانب العرض في الاقتصاد، مما يساهم في خفض التضخم.
اليورو وتعادل القيمة
وتراجع اليورو/ دولار إلى 1.0068 مقابل الإغلاق الأسبوعي الماضي الذي سجل 1.0085، مما يشير إلى نطاق تداول ضيق.
أنهى اليورو تعاملات الأسبوع الماضي في الاتجاه الهابط بسبب الارتفاع الحاد للدولار الأمريكي الذي اعتمد على تدهور شهية المخاطرة على مدار الأسبوع الماضي.
وارتفع الزوج إلى أعلى مستوى له أثناء تداولات الأسبوع الماضي عند 1.0183 مقابل أدنى المستويات الذي سجل 0.9952.
وأضاف إلى سلبية التعاملات على زوج اليورو/ دولار الارتفاع الذي شهده الدولار بتوافر مصادر أخرى لتدهور شهية المخاطرة؛ أبرزها الارتفاع في معدل التضخم على مستوى أسعار المستهلك والمنتجين في الولايات المتحدة وخفض صندوق النقد الدولي تقديرات النمو الأمريكي لعام 2022.
يُضاف إلى ذلك، عوامل سلبية أخرى تؤثر على اليورو تتمثل في تراجع شهية المخاطرة في أسواق المال والذي يؤثر على جميع أصول المخاطرة منها العملة الأوروبية الموحدة، ومخاوف الركود التي تهدد جميع الاقتصادات الرئيسية بسبب اضطرابات سلاسل التوريد وارتفاع التضخم إلى مستويات هائلة نظرا لأزمة فيروس كورونا وغزو روسيا لأوكرانيا وما نتج عن تلك الأزمات من مخاطر تهدد الاقتصاد العالمي، كما أن هناك مخاوف أخرى تهدد اقتصاد منطقة اليورو بصفة خاصة تتمثل في أن المنطقة سوف تستغني عن إمدادات النفط الروسي في نهاية العام الحالي بالإضافة إلى
وأسهم عدد من قرارات رفع الفائدة التي صدرت الأسبوع الماضي فيما حققته العملة الأمريكية من ارتفاع الأسبوع الماضي، إذ رفع البنك المركزي النيوزيلندي خلال تعاملات اليوم الأربعاء سعر الفائدة للمرة السادسة على التوالي وأشار إلى أنه لا يزال مرتاحًا لمساره التشديد الصارم المخطط لكبح جماح التضخم الجامح.
فقد رفع بنك الاحتياطي النيوزيلندي (RBNZ) معدل النقد الرسمي (OCR) بمقدار 50 نقطة أساس إلى 2.5٪، وهو مستوى لم نشهده منذ مارس 2016. وقال البنك إن استمرار التشديد السريع للحفاظ على استقرار الأسعار ودعم الحد الأقصى من التوظيف المستدام كان مناسبًا.
وعلى الرغم من أن جميع الاقتصاديين الذين استطلعت رويترز آراءهم تقريبًا كانوا يتوقعون أن ترفع لجنة السياسة بالبنك المركزي النيوزيلندي سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، كانت هناك تكهنات بأنه قد يخفف من توقعاته المتشددة، في ظل التراجع المقلق في ثقة الأعمال والمستهلكين والانخفاض المتسارع في أسعار المنازل.
وبلغ معدل الفائدة الكندية الأساسي 2.5% مقابل المعدل السابق الذي سجل 1.5% بعد قرار رفع الفائدة من بنك كندا بوتيرة أسرع من توقعات السوق بنسبة 1.00%، وهو ما يجعل الفائدة الكندية هي الأعلى على الإطلاق بين معدلات الفائدة المطبقة في دول الاقتصادات الرئيسية، وهو ما عزز أداء العملة الكندية مقابل أغلب العملات الرئيسية.
الإسترليني والمشهد السياسي
على مدار الأسبوع المنقضي في 15 يوليو الجاري، عانى الإسترليني من هبوط حاد مقابل الدولار الأمريكي الذي استفاد كثيرا من عدة عوامل سلبية سيطرت على الأسواق في تلك الفترة علاوة على مشكلة خاصة بالعملة البريطانية تتعلق بالمشهد السياسي في البلاد.
وهبط الإسترليني/ دولار إلى 1.1866 مقابل الإغلاق الأسبوعي الماضي الذي سجل 1.2027. وارتفع الزوج إلى أعلى مستوى له في الأسبوع الماضي عند 1.2036 مقابل أدنى المستويات الذي سجل 1.1759.
وختم الدولار الأمريكي تعاملات الأسبوع المنتهي في 15 يوليو الجاري في الاتجاه الصاعد بعد أن حقق مكاسب كبيرة معتمدا على التراجع الحاد في شهية المخاطرة.
وأنتهت جولتان من جولات التصويت على بديل لرئيس الوزراء البريطاني المستقيل بوريس جونسون، مما أسفر عن حصول خمسة من المرشحين على دعم أعضاء حزب المحافظين لرئاسة الحزب.
وأسفرت النتائج عن خمسة مرشحين للمنصب؛ هم وزير الخزانة في حكومة جونسون ريشي سوناك، ووزيرة الدولة لشؤون السياسات التجارية بيني موردونت، ووزيرة الخارجية ليز تروس، وزيرة الحكم المحلي كيمي بادينوت، ورئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس العموم توم توجتدهات.
ومن المقرر أن يشارك المرشحون الخمسة في مناظرات تلفزيونية في الفترة المقبلة، مما يزيد من الضغط على العملة البريطانية في الفترة المقبلة بسبب حالة انعدام اليقين التي تسود المشهد السياسي في المملكة المتحدة.
تقارير الأرباح
قال بنك جيه بي مورجان تشيس اليوم الخميس الماضي إن أرباح الربع الثاني تراجعت مع قيام البنك ببناء احتياطيات للقروض المعدومة بمقدار 428 مليون دولار.
فقد سجلت أرباح البنك 2.76 دولار للسهم، وكان التقدير وفقًا لرفينيتيف 2.88 دولارًا للسهم. وسجلت الإيرادات 31.63 مليار دولار، مقابل 31.95 مليار دولار المتوقعة.
وعليه، ستتم مراقبة بنك جيه بي مورجان، وهو أكبر بنك أمريكي من حيث الأصول، عن كثب بحثًا عن أدلة حول أداء الصناعة المصرفية خلال ربع العام الذي تميز باتجاهات متضاربة.و أصدرت مجموعة مورجان ستانلي المالية تقارير الأداء المالي للربع الثاني من العام الجاري التي ألقت الضوء على أن أرباح الشركة لم تتمكن من تحقيق المستويات التي أشارت إليها توقعات السوق.
وقالت مورجان ستانلي الجمعة الماضية إنها حققت أرباحا سحلت 2.5 مليار دولار أو 1.39 دولار للسهم الواحد في الربع الثاني من 2022 مقابل أرباح نفس الفترة من العام الماضي التي سجلت 3.51 مليار دولار أو 1.85 دولار للسهم الواحد.
وجاءت أرباح المجموعة العملاقة دون توقعات الأسواق التي أشارت إلى 153 دولار للسهم الواحد. كما ارتفع عائد الشركة إلى 13.13 مليار دولار مقابل توقعات السوق التي أشارت إلى أرقام أعلى عند 13.48 مليار دولار. وتراجع العائد أيضا مقارنة بالمستويات التي تحققت في نفس الفترة من العام الماضي التي سجلت 14.8 مليار دولار.
وفي نفس اليوم، أعلنت شركة تي إس إم سي (TSMC)، أكبر مُصنع للشرائح الإلكترونية حول العالم، نتائج الأداء المالي الخاص بها في الربع الثاني من 2022، والتي ألقت الضوء على تجاوز الأرباح توقعات السوق وسط تبدد لمخاوف استمرار أزمة الشرائح الإلكترونية.
وارتفعت أرباح الشركة العملاقة بحوالي 76% في الفترة من إبريل إلى يونيو الماضيين، مما يشير إلى مستويات فاقت تقديرات ظهرت في الأسواق في وقت سابق.
وارتفع عائد الشركة أيضا إلى 534.14 مليار دولار، مما يشير إلى زيادة بواقع 48.5% في الربع الثاني من 2022، وهو ما فاق توقعات السوق التي أشارت إلى 524.02 مليار دولار.
وجاءت تلك الأرقام مبشرة بمستقبليات أفضل مما كان متوقعا، إذ رأى أغلب المحللين أن عائدات الشركة قد تتأثر سلبا بسبب ارتفاع التضخم الشديد وما يمكن أن يخلفه من أثر سلبي على الطلب على الشرائح الإلكترونية.
الأسبوع المقبل
تنتظر الأسواق الأسبوع المقبل الكثير من الإثارة، إذ تترقب ظهور بيانات إسكان أمريكية هامة، وإعلان النتائج المالية والأرباح لعدد من الشركات الكبرى، علاوة على قرار الفائدة المرتقب من قبل البنك المركزي الأوروبي.
وتظهر بيانات إسكان أمريكية هامة الأسبوع المقبل في مقدمتها، مؤشر أسعار المنازل، ومؤشر بناء منازل جديدة الذي يتوقع أن يشهد تحسنا محدوا مع تحسن مشابه يتوقع لمؤشر تصاريح البناء.
وتعلن شركات كبرى نتائجها المالية وتقارير أرباح الربع الثاني من 2022، والتي تتضمن بانك أوف أميركا، وجولدمان ساكس، وتشارلز شواب، وجونسون آند جونسون، ونوفارتس، ونيتفليكس، وتيسلا، وأبوت لابورايتوريز، ووبيكر هيوز، وديسكفر للخدمات المالية، ويونايتد أيرلاينز، وهارلي دايفيدسون، أيه تي آند تي، وينيون باسيفيك ريالرود، وسناب، ودومينوز بيتزا، وأميركان أيرلاينز، وماتيل، وفيروزون، وأميركان إكسبريس.
ويعلن البنك المركزي قرار الفائدة وغيره من القرارات والتقديرات التي تتعلق بالمسار المستقبلي للسياسة النقدية وسط توقعات برفع الفائدة بـ 25 نقطة أساس، وهو رفع الفائدة المحتمل الذي قد يكون الأول من نوعه في عشر سنوات.
وحال اتخاذ هذا القرار، ترتفع الفائدة الأوروبية إلى 0.25-% مقابل المعدل الحالي الذي يتواجد عند 0.5-%، مما يعني أن الفائدة سوف تستمر في المنطقة السالبة.
ويبقي المركزي الأوروبي على معدل الفائدة عند 0.5-% منذ 2014، لكن الارتفاعات الحادة في معدل التضخم الأوروبي، والتي بلغت حد صعود التضخم السنوي في منطقة اليورو بواقع 8.6%، قد يدفع السلطات النقدية الأوروبية إلى رفع الفائدة للمرة الأولى منذ 2011