شهد الدولار الأمريكي تقلبات كبيرة خلال الأسبوع الماضي، حيث تناوب التأثير بين العوامل الإيجابية والسلبية التي تحرك الأسواق. من العوامل الداعمة للدولار، تأكيد مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي، بقيادة رئيسه جيروم باول، على ضرورة “الانتظار” لفترة أطول قبل التفكير في خفض أسعار الفائدة. كما ساهمت زيادة ثقة المستهلكين الأمريكيين، حيث تم تعديل مؤشر ثقة المستهلك لشهر يونيو من جامعة ميشيجان إلى 60.7، متجاوزًا التوقعات التي كانت تشير إلى استقراره عند 60.5.
إضافة إلى ذلك، عززت من موجة التفاؤل بشأت الاتفاقيات التجارية تصريحات وزير التجارة الأمريكي هوارد لوتنيك، الذي أعلن عن قرب التوصل إلى اتفاق تجاري نهائي مع الصين، مع خطط لإطلاق العديد من الصفقات التجارية الشهر المقبل. كما أظهرت بيانات مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE) أن التضخم الأمريكي يقترب من الهدف الرسمي للاحتياطي الفيدرالي، مع تراجع الإنفاق والدخل الشخصي. على الجانب السلبي، استفاد الدولار من تراجع التوترات في الشرق الأوسط بعد اتفاق وقف إطلاق النار بوساطة قطرية بين إيران وإسرائيل، مما حسّن شهية المستثمرين للمخاطرة وأضعف الدولار. كذلك، أثارت تقارير عن نية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعيين رئيس جديد للاحتياطي الفيدرالي قبل انتهاء ولاية باول مخاوف بشأن استقلالية البنك المركزي.

التضخم العام والأساسي في نفقات الاستهلاك الشخصي يظل محصورًا في نطاق 2.5% (على أساس سنوي)
المصدر: بلومبرج
انخفاض أسعار الذهب وسط تراجع التوترات الجيوسياسية
تراجعت أسعار الذهب الأسبوع الماضي نتيجة عدة عوامل. ساهم اتفاق وقف إطلاق النار في الشرق الأوسط في تقليل جاذبية الذهب كملاذ آمن، حيث تحولت الأسواق إلى مزاج أكثر ميلاً للمخاطرة. كما أثارت تقارير عن احتمال تغيير قيادة الاحتياطي الفيدرالي مخاوف بشأن أمن مخزونات الذهب المادية في خزائن البنك، خاصة بالنسبة لدول مثل ألمانيا وإيطاليا. بالإضافة إلى ذلك، دعمت التعليقات المتشددة من صناع السياسة في الاحتياطي الفيدرالي، بقيادة باول، قوة الدولار، مما أثر سلبًا على الذهب بسبب العلاقة العكسية بينهما.
اليورو يرتفع بدعم من ضعف الدولار وسياسة البنك المركزي الأوروبي
ارتفع اليورو بنسبة 1.5% مقابل الدولار، مستفيدًا من ضعف العملة الأمريكية وتطورات إيجابية في منطقة اليورو. دعا عضو مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي، سينتينو، إلى مزيد من تحفيز اقتصاد منطقة اليورو، بينما أشار فيليروي دي جالو، محافظ بنك فرنسا المركزي، إلى إمكانية خفض أسعار الفائدة خلال الأشهر الستة المقبلة. كما دعمت البيانات الاقتصادية الإيجابية، مثل ارتفاع مؤشر IFO لمناخ الأعمال الألماني إلى أعلى مستوى في 13 شهرًا وزيادة تسجيلات السيارات الجديدة في منطقة اليورو بنسبة 1.6% على أساس سنوي، قوة اليورو. كذلك، ساهم ارتفاع عائد السندات الألمانية لأجل 10 سنوات إلى أعلى مستوى في أسبوع في تعزيز جاذبية اليورو من خلال فروق أسعار الفائدة.
الين يحقق مكاسب رغم التحديات الاقتصادية
تمكن الين الياباني من تحقيق مكاسب أسبوعية مقابل الدولار، مدعومًا بضعف العملة الأمريكية وتراجع الطلب على الملاذات الآمنة بعد اتفاق وقف إطلاق النار في الشرق الأوسط. ومع ذلك، واجه الين تحديات داخلية، مثل تراجع مبيعات التجزئة في مايو وبيانات مؤشر أسعار المستهلكين في طوكيو لشهر يونيو التي جاءت دون التوقعات. كما أثارت المخاوف من ارتفاع تكاليف الطاقة تأثيرًا سلبيًا على الاقتصاد الياباني. على الجانب الإيجابي، قدمت تعليقات عضو مجلس إدارة بنك اليابان، تامورا، حول إمكانية رفع أسعار الفائدة إذا زادت مخاطر التضخم، بعض الدعم للين. كذلك، نفى المسؤولون اليابانيون تقريرًا لصحيفة فاينانشيال تايمز زعم أن الولايات المتحدة طلبت من اليابان زيادة الإنفاق الدفاعي إلى 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي.
أسعار النفط تنخفض مع تلاشي المخاوف الجيوسياسية
خسرت أسعار النفط حوالي 12.1% الأسبوع الماضي، متأثرة بشكل رئيسي بتراجع التوترات في الشرق الأوسط بعد اتفاق وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، مما قلل من المخاوف بشأن نقص الإمدادات. على الرغم من وجود عوامل داعمة مثل انخفاض مخزونات النفط والوقود الأمريكية وتراجع عدد منصات الحفر النفطية وفقًا لتقرير بيكر هيوز، إلا أن الهدوء النسبي في الشرق الأوسط كان العامل الأقوى، مما دفع أسعار النفط إلى الانخفاض.
ارتفاع البيتكوين بدعم التفاؤل بالأسواق
واصلت عملة البيتكوين ارتفاعها لليوم الرابع على التوالي، مدفوعة بعوامل اقتصادية كلية وسياسات نقدية وتطورات جيوسياسية. وكان جيروم باول قد أكد على نهج “الانتظار والترقب” فيما يتعلق بسياسة أسعار الفائدة، وهو موقف عززته تصريحات أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة مثل جيفري شميد ورافائيل بوستيك، مما خلق بيئة مواتية للأصول عالية المخاطر. كما دعمت العلاقة الإيجابية بين البيتكوين ومؤشر S&P 500، الذي وصل إلى مستويات لم يشهدها منذ فبراير، ارتفاع العملة الرقمية. ساهم اتفاق وقف إطلاق النار في الشرق الأوسط في استقرار الأسواق، بينما عكست تدفقات بقيمة 588.6 مليون دولار إلى صناديق البيتكوين المتداولة في الولايات المتحدة، حسب بيانات بينانس، ثقة المستثمرين القوية. طالما استمرت هذه العوامل، قد يواصل البيتكوين زخمه الصعودي.
الأحداث الرئيسية المنتظرة هذا الأسبوع
تستعد الأسواق المالية لأسبوع حافل بالأحداث الهامة. في الولايات المتحدة، ستكون بيانات التوظيف غير الزراعي (NFP) ونمو الأجور، إلى جانب خطاب رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، محط أنظار المستثمرين.
وفي أوروبا، ستوفر بيانات مبيعات التجزئة الألمانية، علاوة على بيانات التضخم، وبيانات التصنيع، وبيانات البطالة، بالإضافة إلى مؤشر أسعار المستهلك في منطقة اليورو، المزيد من الاتجاهات والرؤى حول صحة الاقتصاد. كما ستكون بيانات التصنيع الصينية، وبيانات الإسكان اليابانية، وبيانات الإسكان والناتج المحلي الإجمالي والتصنيع في المملكة المتحدة، وبيانات التضخم وثقة الأعمال في أستراليا، تحت المجهر إذ يتابعها المستثمرون والمتداولون عن كثب، وقد تشكل اتجاهات الأسواق العالمية.