سيطرت عوامل متناقضة على حركة السعر في أسواق المال العالمية على مدار أسبوع التداول المنتهي في 27 أكتوبر الجاري، والتي تركزت في بعض التقارير الأرباح، وبيانات أمريكية هامة، وتجدد للتوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط.
وصدرت تقارير أرباح لشركات كبرى مدرجة في مؤشرات بورصة نيويورك، أبرزها ميتا، المالكة لفيسبوك، وأمازون، وإنتل، وفورد، وIBM، وألفابيت مالكة جوجل.
كما صدرت بيانات النمو الأمريكية التي أثارت حالة من السلبية رغم أنها ألقت الضوء على استمرار تحقيق الاقتصاد الأمريكي نموا، مما أدى إلى تصاعد توقعات بالمزيد من رفع الفائدة من قبل الفيدرالي في الفترة المقبلة، إذ رأى المستثمرون في أسواق المال أن استمرار النمو يعكس استمرار نمو الطلب الذي بدوره يزيد من فرص ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة.
كما ظهرت تطورات على صعيد التوترات في الشرق الأوسط جددت مخاوف الأسواق حيال إمكانية اتساع نطاق الحرب في غزة بعد أن لاحت في الأفق استعدادات لهجوم بري من الجيش الإسرائيلي على غزة، وهو الهجوم الذي ظهرت بوادره بالفعل في نهاية الأسبوع الماضي.
تقارير الأرباح
صدر تقرير أرباح شركة ألفابيت، الشركة الأم لجوجل، الأربعاء الماضي، مؤكدة أن الشركة حققت أرباحا بـ 1.55 دولار للسهم الواحد في الربع الثالث من 2023 مقابل التوقعات التي أشارت إلى 1.45 دولار للسهم الواحد، وفقا لمؤسسة “إل إس إي جي” لأبحاث السوق المعروفة سابقا بريفينيتيف.
وبلغت إيرادات الشركة في الربع الثالث من هذا العام 76.69 مليار دولار مقابل التوقعات الصادرة مؤسسة “إل إس إي جي” لأبحاث السوق، المعروفة سابقا بريفينيتيف، التي أشارت إلى 75.79 مليار دولار.
وارتفعت أرباح ميكروسوفت إلى 2.99 دولار للسهم مقابل التوقعات الصادرة عن مؤسسة “إل إس إي جي” لأبحاث السوق، المعروفة سابقا بريفينيتيف، التي أشارت إلى 2.65 دولار للسهم.
وبلغت إيرادات الشركة في الربع الثالث من العام الجاري إلى 56.52 مليار دولار مقابل التوقعات الصادرة عن مؤسسة “إل إس إي جي” لأبحاث السوق، المعروفة سابقا بريفينيتيف، التي أشارت إلى 54.50 مليار دولار.
حققت شركة ميتا، الشركة الأم لفيسبوك، أرباحا وإيرادات تجاوزت توقعات الأسواق الأربعاء، وفقا لتقرير الأداء المالي الصادر بشأن الربع الثالث من هذا العام.
وحققت الشركة أرباحا بـ4.39 دولار للسهم الواحد، وهو ما فاق توقعات الأسواق التي أشارت إلى 3.63 دولار للسهم، وفقا لمؤسسة “إل إس إي جي” لأبحاث السوق المعروفة سابقا بريفينيتيف.
وسجلت إيرادات الشركة ارتفاعا هي أيضا إلى 34.15 مليار دولار مقابل التوقعات التي أشارت إلى 33.56 مليار دولار، و وفقا لمؤسسة “إل إس إي جي” لأبحاث السوق المعروفة سابقا بريفينيتيف.
كما سجلت شركة أمازون، عملاق التجزئة الأمريكي، ارتفاعا إلى مستويات فاقت توقعات الأسواق بالإضافة إلى تجاوز إيرادات الشركة توقعات السوق أيضا، وفقا لتقرير الأداء المالي للربع الثالث من 2023 الصادر الخميس.
وارتفعت أرباح الشركة إلى 94 سنت للسهم الواحد مقابل التوقعات التي أشارت إلى 58 سنت للسهم الواحد، وفقا لمؤسسة أبحاث السوق “إل إس إي جي”، المعروفة سابقا بريفينيتيف.
كما ارتفعت إيرادات الشركة إلى 143.1 مليار دولار مقابل توقعات مؤسسة أبحاث السوق “إل إس إي جي”، المعروفة سابقا بريفينيتيف، التي أشارت إلى 141.4 مليار دولار في الربع الثالث من هذا العام.
يتضح من استعراض أرباح أهم الشركات المدرجة في مؤشرات بورصة نيويورك الأسبوع الماضي أن أغلب الشركات حققت أداء ماليا إيجابيا في ربع السنة الثالث من 2023.
النمو الأمريكي وتوترات الشرق الأوسط
ارتفعت قراءة الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة في الربع الثالث من هذا العام إلى 4.9% في ربع السنة الثالث من العام الجاري مقابل قراءة النمو في نفس الفترة من العام الماضي عند 2.1%، وهو ما تجاوز التوقعات التي أشارت إلى 4.2%.
ويدل ارتفاع النمو إلى هذا الحد على أن الولايات المتحدة تعيش حالة من تحسن الطلب، وهو ما يصب في صالح المزيد من ارتفاع معدل التضخم الذي يحاربه الفيدرالي، مما قد يضطر الفيدرالي للمزيد من رفع الفائدة.
وعلى صعيد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، تتمركز القوات الإسرائيلية حاليا في المنطقة الشمالية من قطاع غزة، في بيت حانون، ويبدو أنها تتقدم قليلا نحو الجنوب من هناك.
ونظرا لانقطاع الإنترنت عن قطاع غزة، كان من الصعب للغاية معرفة ما كان يجري هناك على مدار نهاية الأسبوع الماضي، وبينما يتركز القصف بشكل كبير على الشمال، إلا إنه بإمكانك سماع دوي الانفجارات على بعد أميال من المنطقة وبالتأكيد في جميع أنحاء القطاع.لكن جميع المصادر تؤكد أنه لن يحدث حتى الآن اجتياح بري من قبل الجيش الإسرائيلي لغزة وسط أنباء تتردد عن عودة الاتصالات للقطاع بعد أن انقطعت لحوالي يومين.
حركة السعر
أنهى الدولار الأمريكي تعاملات الأسبوع الماضي في الاتجاه الصاعد بدفعة من قراءات النمو في الولايات المتحدة والإقبال الشديد على أصول الملاذ الآمن بسبب الارتفاع في تجنب المخاطرة نظرا لتجدد المخاوف الجيوسياسية في الشرق الأوسط مع بداية التوغلات المحدودة للجيش الإسرائيلي في قطاع غزة.
وحقق مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة العملات الرئيسية، ارتفاعا إلى 106.60 نقطة مقابل الإغلاق الأسبوعي الماضي الذي سجل 105.39 نقطة. وارتفع المؤشر إلى أعلى مستوى له في أسبوع التداول الماضي عند 10.76 نقطة مقابل أدنى المستويات الذي سجل 105.39 نقطة.
وحقق الذهب مكاسب أسبوعية أيضا رغم ارتفاع الدولار الأمريكي معتمدا على تصاعد التوترات في منطقة الشرق الأوسط نظرا لسخونة الأحداث وتلاحقها على صعيد حرب غزة.
وحقق الذهب مكاسب أسبوعية بحوالي 1.3% في الأسبوع المنتهي في 27 أكتوبر الجاري، مستقرا عند 2006 دولار للأونصة، مما يشير إلى أعلى المستويات في خمسة أشهر مقابل الإغلاق الأسبوعي الماضي الذي سجل 1980 دولار للأونصة.
وكسرت عائدات سندات الخزانة الأمريكية المعيارية، لأجل عشر سنوات، المقاومة القوية عند 5.00%، مما يشير إلى أعلى المستويات في أكثر من 15 سنة بدفعة من الاستمرار في العمل بمعدلات فائدة قياسية مرتفعة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي علاوة على مخاوف ذات صلة بالأوضاع المالية في الولايات المتحدة.
وأنهت الأسهم الأمريكية تعاملات الأسبوع الماضي في الاتجاه الهابط متأثرة بالتدهور في شهية المخاطرة نظرا لتصاعد مخاوف التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وارتفاع النمو الأمريكي.
الأسبوع المقبل
تصدر الأسبوع المقبل قرارات الفائدة والسياسة النقدية لعدد من البنوك المركزية، في مقدمتها وأكثرها تأثيرا في الأسواق بنك الاحتياطي الفيدرالي الذي يتوقع على نطاق واسع أن يبقي على معدل الفائدة كما هو دون تغيير.
لذا يتوقع أن يظل البنك متبنيا لمعدل الفائدة الرئيسية في منطقة 5.25%-5.5% دون تغيير بعد أن رفع البنك المركزي الفائدة 11 مرة منذ مارس 2022 في إطار مساعي للحد من ارتفاع معدل التضخم في الولايات المتحدة.
وكان صناع السياسة النقدية في الفيدرالي قد أعربوا عن رغبتهم في يستمر العمل بمعدلات فائدة مرتفعة لفترة طويلة حتى يتأكد البنك المركزي من استدامة هبوط الأسعار في الفترة المقبلة.
كما تصدر قرارات السياسة النقدية أيضا من قبل بنك إنجلترا، والبنك المركزي الأوروبي، وبنك اليابان، مما يجعل الأسبوع الجديد أسبوعا من العيار الثقيل فيما يتعلق بأهمية الأحداث التي يشهدها وتأثيرها على الأسواق.
وتأتي تقارير الأرباح أيضا لتحتل مكانا بارزا في بين الأحداث المؤثرة في حركة السعر الأسبوع المقبل، إذ تنتظر الأسواق تقارير الأرباح التي تصدر عن شركات أبل، وماكدونالدز، و”إتش إس بي سي”، وبي إنتريست، وفايزر، وكاتربيلار، وبايبال، وشل، وستاربكس.