نور تريندز / التقارير الاقتصادية / كيف يمكن للصين التغلب على الأزمة الاقتصادية؟
China Crisi

كيف يمكن للصين التغلب على الأزمة الاقتصادية؟

كان إفلاس إيفرجراند، أكبر مجموعة عقارية تابعة للقطاع الخاص في الصين، من الأسباب التي لفتت أنظار العالم إلى ما يحدث لثاني أكبر اقتصادات العالم. ولكن معاناة الشركات صغيرة ومتوسطة الحجم في الصين لم تحظ بالاهتمام الذي تستحقه في الوقت الذي توضع فيه قواعد جديدة تحكم عملها من أجل  الحد من المخاطر التي قد تتعرض لها والتخفيف من حدة الضغوط التي تقع على كاهل صغار المقترضين الذين يحتاجون إلى الائتمانات من أجل البقاء.

ففي حين تكمن خطورة تعثر شركة مثل إيفرجراند في حجمها العملاق – إذ تقدر قيمة الالتزامات المالية للمجموعة بحوالي 300 مليار دولار –  لا يقل التخلف عن السداد من قِبَل الشركات المحلية خطرا مقارنة بالمجموعة العقارية العملاقة، إذ يعكس تعثر هذه الكيانات صغيرة ومتوسطة الحجم اتساع نطاق المشكلة في الاقتصاد الصيني، خاصة وأن الكيانات الصغيرة والمتوسطة تشغل ما يقرب من 80% من العمالة في المدن الصينية.

وتدرك بكين جيدا أنها تعاني من أزمة حادة في السيولة تواجهها الشركات صغيرة ومتوسطة الحجم، وتستهدف المزيد من المساهمة من قبل البنوك الصينية في حل هذه الأزمة من خلال تقديم المزيد من القروض. لكن للأسف، لم يقتصر فشل صناع السياسات الاقتصادية في تحريك الأمور فحسب، بل ركزوا أيضاً على الحد من المخاطر على حساب النشاط الاقتصادي الحقيقي الذي تقوم به شركات القطاع الخاص، وهو ما أثر سلبا على الأوضاع الاقتصادية في الصين التي تحتاج – بدلا من استهداف المخاطر – توفير قدر أكبر من الرعاية لشركات القطاع الخاص كجزء من الحل لما يعانيه الاقتصاد الصيني في المرحلة الراهنة، لا جزء من المشكلة.

وقد لا تكون الشركات الخاصة الصغيرة والمحلية في الصين معروفة خارج الولايات التي تعمل بها، لكنها تمثل القوة الحقيقية للاقتصاد الصيني، خاصة على المستوى المحلي. وفي السنوات الأخيرة، تحملت مؤسسات الأعمال من هذه الأحجام وطأة التباطؤ الاقتصادي، وإغلاقات كوفيد، والحملة التنظيمية على التمويل الخاص، فضلا عن الإقراض للصناعات التي تعاني من فائض في المعروض.

النمو الاقتصادي الصيني – سنوي – المصدر: tradingeconomics

ومن أخطر العقبات التي تواجه هذا النوع من ما تم تطبيقه في الفترة الأخيرة من قواعد تنظيمية تبنتها بكين من أجل الحد من مخاطر التعثر. وأضافت تلك القواعد المزيد من الأعباء على كاهل تلك الشركات، إذ أدت – على سبيل المثال – إلى انسداد واحدة من أهم قنوات توفير السيولة للشركات من قبل البنوك الصينية عبر أدوات مالية معروفة باسم”شهادات القبول المصرفية”. ويطلق البعض على تلك الأدوات “الفواتير”، وهي تتمتع بشعبية كبيرة كوسيلة لضمان حصول الشركات الصغيرة على أموالها مقدمًا، والتي تطورت لتصبح قناة رئيسية للسيولة والائتمان في السنوات الخمس الماضية.

وهذه الفواتير هي التزام من قبل البنك بدفع مبلغ محدد نيابة عن العميل (الشركة المقترضة)، ويشيع استخدامها في التعاملات التجارية الخارجية أو مع أطراف خارج البلاد، وتستخدم عادة كضمان للسداد كما أنها قابلة للتداول.

لكن القواعد التنظيمية الجديدة أدت إلى تقييد قناة التمويل المهمة هذه. وقد سعت هذه الإصلاحات إلى دعم الاستقرار المالي للبنوك الإقليمية من خلال الحد من إساءة استخدام هذه الأدوات. وهي تشمل اشتراط أن تستند الفواتير إلى “علاقات المعاملات الحقيقية” وجعل البنوك تصنف فواتير القبول المتأخرة على أنها قروض متعثرة.

وتكشف البيانات الخاصة بائتمانات مؤسسات الأعمال من هذا الحجم أيضًا أن الضغوط المتراكمة على الشركات المحلية المثقلة بالديون بدأت تشكل أعباء إضافية على البنوك أيضًا. كما تخلفت مئات من فروع البنوك المحلية عن سداد شهادات القبول المصرفية في 2023، بما في ذلك منافذ بعض البنوك الأربعة الكبرى المملوكة للدولة.

ومن المتوقع أن يظل الاقتصاد الصيني عرضة للخطر طالما استمرت أزمة القطاع العقاري والخسائر التي يتعرض لها القطاع المصرفي، وهي الأزمات التي تستمر في التأثير سلبا على النمو الاقتصادي. وحال إعطاء بكين الأولوية لتجنب المخاطرة على حساب الشركات صغيرة ومتوسطة الحجم – التي تدعم الاقتصاد المحلي والإقليمي – وعدم توفيرها قنوات لتمويل تلك الشركات، نرجح أننا قد نشاهد المزيد من إشارات التباطؤ الاقتصادي لثاني أكبر اقتصادات العالم.

تحقق أيضا

بنك إنجلترا

إلى متى قد يتوقف بنك إنجلترا عن خفض الفائدة؟

يصدر بنك إنجلترا قرار الفائدة الخميس وسط توقعات بأن يبقي البنك المركزي على معدل الفائدة …