ختم الدولار الأمريكي تعاملات الأربعاء مقابل أغلب العملات الرئيسية في الاتجاه الهابط عقب إصدار الفيدرالي قرارا بتثبيت الفائدة في ختام اجتماع نوفمبر الجاري مع إصدار تحديث للتقديرات الاقتصادية.
وهبطت العملة الأمريكية بعد ظهور قناعة لدى المستثمرين بأن الفيدرالي – عقب انتهاء اجتماعه الذي استمر ليومين – قد انتهى من دورة التشديد الكمي الحالية وأنه قد يتوقف عن رفع الفائدة حتى نهاية العام الجاري على الأقل.
وقررت لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة الإبقاء على معدل الفائدة عند نفس المستويات الحالية – 5.25% – 5.5% – دون تغيير رغم ترك الباب مفتوحا أمام المزيد من رفع الفائدة في اجتماع ديسمبر المقبل، وفقا لتصريحات رئيس الفيدرالي جيروم باول التي أدلى بها في المؤتمر الصحفي الذي انعقد عقب إعلان قرارات السياسة النقدية.
وأشار بيان الفائدة وتصريحات باول أيضا إلى أن الاقتصاد الأمريكي أظهر قدرا كبيرا من القوة مع استمرار تحسن أوضاع سوق العمل إلى حدٍ كبيرٍ رغم التشديد الكمي الذي قام به البنك المركزي على مدار أكثر من عام.
رسائل باول
جاءت رسائل باول مربكة بعض الشيء، إذ ذكر أن الباب لا يزال مفتوحا أمام رفع الفائدة في الفترة المقبلة. لكنه في نفس الوقت ركز على أن الاقتصاد الأمريكي يظهر تقدما مفاجئا في الفترة الأخيرة علاوة على التطرق إلى التشديد الذي يسيطر على الأوضاع المالية في البلاد وتعاني منه الشركات ومؤسسات الأعمال والأسر على حدٍ سواء.
وكان التطرق إلى هذين الأمرين ينطوي على الكثير من التناقض، إذ يشير تعافي الاقتصاد بقوة إلى ضرورة أن يلجأ البنك المركزي إلى المزيد من رفع الفائدة في الفترة المقبلة لما يمكن أن يطرأ على الطلب من ارتفاع يؤدي بدوره إلى المزيد من ارتفاع التضخم. في المقابل كانت هناك إشارة إلى التشديد المالي الذي يسيطر على الاقتصاد، وهو الأمر الذي من شأنه أن يدفع بالبنك المركزي إلى التوقف عن رفع الفائدة لتخفيف الضغط عن الاقتصاد.
لكن رئيس الفيدرالي رجح كفة التوقف عن رفع الفائدة عندما ركز في خطابه على الارتفاعات الكبيرة التي شهدتها عائدات سندات الخزانة الأمريكية في الفترة الأخيرة إلى مستويات قياسية، مما دفع المستثمرين إلى الميل إلى أن الفيدرالي قد يستمر في العمل بالمعدلات الحالية لوقت طويل، وهو ما انعكس سلبا على الدولار الأمريكي.
وقال باول: “نحن منتبهون للزيادة في عائدات سندات الخزانة الأمريكية طويل الأجل، فمعدلات الفائدة المرتفعة قد تحمل بين طياتها إشارات ضمنية إلى السياسة النقدية، لكن ينبغي أن تظل مطبقة لفترة طويلة”.
الدين الأمريكي
وأضاف: “عائدات سندات الخزانة الأمريكية المرتفعة تنعكس على الأسواق في شكل آثار على تكلفة الاقتراض، لكن لا يبدو أن توقعات السياسة النقدية هي السبب في ارتفاع تلك العائدات”.
وتعززت توقعات التوقف عن رفع الفائدة الفيدرالية بحقيقة تشير إلى أن الفيدرالي أبقى على معدلات الفائدة التي يتبناها منذ اجتماع يوليو الماضي لاجتماعين على التوالي، وهو ما رجح أن يكون هناك نية لدى لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة للاستمرار على نفس المعدلات لفترة طويلة، خاصة وأن اللجنة اتخذت القرار برفع الفائدة لإحدى عشرة مرة على التوالي.
وكان الدين الأمريكي من أهم القضايا التي تطرق إليها جيروم باول أيضا أثناء الحديث عن الأوضاع الاقتصادية، وهي القضية التي لا تقل أهمية عن التحسن الكبير في النمو في الولايات المتحدة.
وأصدرت وزارة الخزانة الأمريكية تقريرا هذا الأسبوع عن توقعات احتياجات الولايات المتحدة من الدين التي تلبيها عن طريق إصدار سندات الخزانة الأمريكية، والذي أشار إلى أن وزارة الخزانة الأمريكية قد تحتاج إلى إصدار سندات بقيمة 776 مليار دولار في الربع الأخير من 2023.
ورغم أن هذه التوقعات الرسمية جاءت أدنى من تقديرات الأسواق – التي رجحت إمكانية حاجة الولايات المتحدة إلى دين بقيمة ترليون دولار – أدى الحديث عن هذه القضية والتركيز على عائدات السندات الأمريكية في المؤتمر الصحفي الذي عقده جيروم باول عقب إعلان قرار الفائدة إلى المزيد من الضغط على العملة الأمريكية.