نور تريندز / مستجدات أسواق / أسواق السلع Noor Trends / حزمة التحفيز اليابانية تضع بنك اليابان على مفترق طرق
الدولار/ ين

حزمة التحفيز اليابانية تضع بنك اليابان على مفترق طرق

أقرت الحكومة اليابانية أكبر حزمة تحفيز اقتصادي لها منذ فترة الجائحة، بقيمة هائلة تصل إلى 21.3 تريليون ين (ما يقارب 135 مليار دولار أمريكي). وعلى الرغم من أن الهدف المعلن هو دعم الاقتصاد الذي انكمش في الربع الثالث ومواجهة التضخم الذي يضغط على الأسر، إلا أن التداعيات الفورية لهذه السياسة المالية التوسعية كانت هزات في سوق العملات والسندات، ووضعت السلطات النقدية في طوكيو أمام معضلة معقدة.

الإنفاق السخي: تدهور مالي وعملة ضعيفة

تأتي هذه الحزمة العملاقة في وقت حرج، حيث واجه الاقتصاد الياباني انكماشاً لأول مرة في ستة أرباع. ولتمويل هذا الإنفاق، الذي يشمل تخفيضات ضريبية كبيرة ودعماً نقدياً للأسر، إلى جانب استثمارات استراتيجية في قطاعات النمو المستقبلية مثل أشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي، تخطط الحكومة لإصدار سندات جديدة.

وأدت هذه الخطوة إلى تدهور فوري في التوقعات المالية للبلاد، التي تعاني بالفعل من أعلى نسبة دين عام إلى الناتج المحلي الإجمالي على مستوى العالم. ومع تزايد القلق بشأن زيادة المعروض من الديون الحكومية، سجلت عوائد السندات الحكومية اليابانية، خاصة طويلة الأجل (40 عاماً)، مستويات قياسية. هذا الارتفاع يمثل تحدياً هيكلياً كبيراً، حيث يزيد من تكلفة خدمة الدين ويضع ضغطاً على الميزانية العامة للدولة.

الين تحت التهديد وحافة التدخل

بالتزامن مع التدهور المالي، تعرض الين الياباني لمزيد من الضعف، حيث تفسر الأسواق زيادة السيولة والإنفاق الحكومي على أنها عامل ضغط على قيمة العملة.

وفي محاولة لإثناء المتداولين عن بيع الين، صعّدت السلطات اليابانية من تحذيراتها اللفظية. فقد أكد مسؤولو الحكومة أنهم لن يترددوا في اتخاذ “إجراءات مناسبة” ضد أي تقلبات مفرطة وغير منضبطة في السوق، وهي إشارات واضحة إلى احتمال التدخل المباشر لدعم العملة.

هذه التهديدات، التي أصبحت أكثر قوة في الأيام الأخيرة، نجحت مؤقتاً في كبح جماح انخفاض الين، مما دفع المضاربين إلى توخي الحذر الشديد بالقرب من أدنى مستوياته المسجلة.

صراع السياسات: البنك المركزي في مأزق

تضع حزمة التحفيز البنك المركزي الياباني في موقف لا يُحسد عليه. فالحكومة تتبنى سياسة مالية توسعية، بينما يجد البنك المركزي نفسه مطالباً بمحاربة التضخم الذي ظل مستمراً فوق هدفه البالغ 2% لسنوات.

معضلة رفع الفائدة: من جهة، يشير التضخم المستمر وضعف الين (الذي يدفع الأسعار للارتفاع) إلى ضرورة رفع أسعار الفائدة لترسيخ استقرار الأسعار. وقد ترك محافظ البنك المركزي الباب مفتوحاً لزيادة محتملة في ديسمبر أو يناير.

ضغط الانكماش: ومن جهة أخرى، يضغط الانكماش الاقتصادي المسجل في الربع الثالث بشدة على البنك لتأجيل أي خطوة نحو التضييق النقدي.

هذا التناقض بين الضرورة النقدية (مكافحة التضخم) والضرورة الاقتصادية (دعم النمو المتراجع) يخلق حالة من عدم اليقين في السوق بشأن المسار المستقبلي لسياسة بنك اليابان.

الدولار المتراجع عامل مضاد

على الجانب الآخر من معادلة زوج العملات الدولار مقابل الين، فإن الدولار الأمريكي يواجه رياحاً معاكسة خاصة به. فقد أدت التعليقات الأخيرة الصادرة عن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي إلى زيادة رهانات السوق على خفض وشيك لأسعار الفائدة في الولايات المتحدة، حيث تُسعِّر الأسواق حالياً احتمالية تزيد عن 80% لخفض تكاليف الاقتراض في اجتماع ديسمبر. هذا التوقع يحد من أي مكاسب كبيرة للدولار ويعمل كعامل مضاد لضعف الين الناجم عن التحفيز، مما يترك زوج العملات في نطاق تداولي متقلب.

تترقب الأسواق الآن البيانات الأمريكية المرتقبة (أسعار المنتجين ومبيعات التجزئة)، والتي ستحدد مدى قوة توقعات خفض الفائدة الأمريكية، وبالتالي ستلعب دوراً رئيسياً في تحديد الاتجاه قصير الأجل لزوج الدولار مقابل الين.

تحقق أيضا

الذكاء الاصطناعي

انتعاش قطاع التكنولوجيا يقود وول ستريت نحو الصعود بفضل تزايد رهانات خفض الفائدة

اختتمت مؤشرات الأسهم الأمريكية تداولات يوم الاثنين على ارتفاع، موسعة مكاسبها التي بدأت يوم الجمعة. …