دوَّن الحساب الرسمي للبيت الأبيض على منصة “إكس” للتواصل الاجتماعي منشورًا احتفاليًا بمناسبة عيد العمال، أشاد فيه بسياسات الرئيس دونالد ترامب التجارية، إلا أن المنشور أثار جدلًا واسع النطاق بعد أن زعم أن التعريفة الجمركية حققت إيرادات للولايات المتحدة بحوالي “8 تريليونات دولار”.
وظهرت صورة على بعض مواقع الأخبار والتواصل الاجتماعي للرئيس الأمريكي وهو يحمل وثيقة موقعة تضمنت عبارة بارزة تقول: “سياسات الرئيس ترامب الحمائية ساهمت في ضخ أكثر من 8 تريليونات دولار من الاستثمارات الجديدة في الولايات المتحدة، مما أدى إلى خلق مئات الآلاف من الوظائف”.
الأرقام لا تتطابق
وتكمن المشكلة في هذا الإعلان أن رقم 8 تريليونات دولار من إيرادات الرسوم الجمركية يبدو غير واقعي. فبحسب وزارة الخزانة الأمريكية، بلغ إجمالي الإيرادات الجمركية خلال عام 2025 حتى الآن نحو 142 مليار دولار فقط. وعلى الرغم من ارتفاع هذه الإيرادات، فإن الرقم المذكور في منشور البيت الأبيض مبالغ فيه إلى حدٍ كبيرٍ.
وتمثل ثمانية تريليونات دولار حوالي ثلث الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة، وهو مبلغ يستحيل تحقيقه من الرسوم الجمركية خلال فترة قصيرة.
ويُرجّح أن الصورة المرفقة تحتوي على خطأ مطبعي، إذ يشير المنشور الأصلي إلى أن “سياسات ترامب الحمائية ساهمت في دفع أكثر من 8 تريليونات دولار من الاستثمارات الجديدة”، وليس من الإيرادات الجمركية.
ويعني ذلك أن الرقم المقصود كان على الأرجح يمثل حجم الاستثمارات الجديدة المزعومة في الولايات المتحدة.
وعلى الرغم من صعوبة التحقق من هذا الرقم، فإنه من غير الواضح أيضًا ما الأساس الذي استند إليه أو متى سيتم ضخ هذه الأموال.
وصدرت تصريحات أخرى من إدارة ترامب تشير إلى أن الرقم يقترب من “10 تريليونات دولار” في شكل استثمارات قد تُضخ في الولايات المتحدة في الفترة المقبلة.
وبرغم أنها أرقام مبالغ فيها، هناك بالفعل زيادة ملحوظة في الاستثمارات داخل الولايات المتحدة خلال الأشهر الأخيرة، خاصة في قطاع الذكاء الاصطناعي.
ومع أن بعض الآثار السلبية، شهدت البلاد استثمارات ضخمة كرد فعل على الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب.
هل هي بيانات رسمية؟
يثيرهذاالتباين تساؤلات حول مدى تدقيق الاتصالات الرسمية الصادرة عن البيت الأبيض.
فالمشاركات المنشورة على الحساب الرسمي للإدارة الأمريكية يُفترض أن تعكس السياسات والبيانات الرسمية، وأي أخطاء فيها قد تؤدي إلى تبعات سياسية كبيرة.
وتشير صياغة المنشور الخاص بإيرادات الرسوم الجمركية الأمريكية إلى أن الإدارة ربما كانت تقصد تسليط الضوء على الاستثمارات، وليس على الإيرادات الجمركية، إلا أن عنوان الصورة يجعل التمييز بينهما غير واضح.
ويرى معارضو ترامب أن هذا النوع من الالتباس يساهم في نشر معلومات مضللة حول التأثير الحقيقي للرسوم الجمركية، التي لا تزال قضية سياسية مثيرة للجدل.
عيد العمال وسياسة الوظائف
وزعم البيت الأبيض أن مثل هذه الإجراءات الحمائية التي اتخذها ترامب أسهمت في خلق “مئات الآلاف من الوظائف الجديدة”.
ورغم أن الرسوم الجمركية أدت بالفعل إلى زيادة في الاستثمارات المحلية، إلا أن الدراسات تشير إلى أنها رفعت التكاليف على الشركات والمستهلكين الأمريكيين، وكانت نتائجها متنوعة على صعيد التوظيف. وأظهرت مراجعات مستقلة من مكتب الميزانية في الكونغرس ومراكز بحثية أن الفوائد التي حققها الاقتصاد الأمريكي على صعود التوظيف كانت محدودة في بعض القطاعات بينما تزامنت مع خسائر في قطاعات أخرى.