اتخذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إجراءات وأدلى بتصريحات في الأيام القليلة الماضية ألقت الضوء على تناقض كبير.
وركز هذا التناقض بدوره على اتجاه، قد يكون متعمدًا، إلى إحداث حالة من الارتباك تدفع بالدول التي لم تبرم اتفاقات تجارية مع الولايات المتحدة إلى البدء في محادثات يمكن من خلالها التوصل إلى صفقات تضع حدًا للتوترات التجارية.
وكانت البداية الأحد الماضي بتصريحات لوزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت الذي أشار إلى أن الرئيس الأمريكي بصد إرسال خطابات إلى الدول التي لم توقع اتفاقات تجارية مع الولايات المتحدة.
وأشار إلى أن محتوى هذه الخطابات يتضمن أن الواردات الأمريكية من هذه الدول سوف تخضع لتعريفة جمركية بنفس القيمة التي أُعلنت في الثاني من إبريل الماضي.
وأكد بيسنت أيضًا أننا بصدد مشاهدة اتفاقات تجارية هامة في الفترة المقبلة، وهو ما لم يحدث حتى الآن.
وفي اليوم التالي، بعث ترامب بالفعل هذه الخطابات إلى 14 دولة أخبرها خلالها أن صادراتها إلى الولايات المتحدة سوف تخضع لتعريفة جمركية بنفس قيم الثاني من إبريل قبل اتخاذ القرار بتعليق العمل بالتعريفات الجمركية.
ونشر الرئيس ترامب الاثنين الماضي صورًا من هذه الخطابات في منشورات على منصته الخاصة للتواصل الاجتماعي “تروث سوشال”.
كما فرض ترامب أيضًا تعريفة جمركية إضافية على واردات الولايات المتحدة بقيمة 25% بخلاف أي تعريفات أخرى فُرضت من قبل بشكل عام أو تعريفات جمركية نوعية على قطاعات بعينها.
إيجابيات
بحلول الثلاثاء الماضي، قال ترامب إنه منفتح على المزيد من المفاوضات التجارية.
وخفض ترامب التعريفة الجمركية المفروضة على واردات بلاده من النحاس بقيمة 50%.
الأسواق
اختارت أسواق المال الجانب الإيجابي من تصريحات وإجراءات ترامب، وتحسنت شهية المخاطرة في الأسواق.
ورغم تحسن معنويات السوق، استغل الدولار الأمريكي استمرار شبح التوترات التجارية في تهديد الأسواق في تحقيق ارتفاع جديد.
وأدى ارتفاع الدولار الأمريكي إلى ضغوط تعرض لها الذهب في الاتجاه الهابط لينهي جلسة الثلاثاء الماضي بخسائر.
واستفاد اليورو إلى حدٍ كبير من الأنباء عن الاتفاق التجاري المحتمل بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
لكن ارتفاع اليورو ومن قبله الدولار الأمريكي كان وراء الهبوط الذي تعرض له الجنيه الإسترليني.
للين قصة مختلفة
ولا يزال الين الياباني يعيش مأساته الخاصة، إذ لا يزال يعاني من فرض تعريفة جمركية إضافية على اليابان الاثنين الماضي.
ولا تزال هناك توترات في العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة واليابان، والتي تفاقمت منذ الاثنين الماضي بعد إعلان ترامب فرض تعريفة جمركية إضافية على الواردات الأمريكية من اليابان.
ويبدو أن هذه التوترات تقف وراء التعريفة الجمركية الإضافية، والتي يرجح أن الإدارة الأمريكية تستهدف منها الدفع بطوكيو إلى قدر أكبر من المرونة في التفاوض.
ولا تزال هناك نقاط عالقة بين البلدين على صعيد التبادل التجاري بينهما، أبرزها قضية السيارات اليابانية.
وتهدد واشنطن بفرض رسوم بنسبة 25% على السيارات، وهي من أهم صادرات اليابان إلى الولايات المتحدة.
كما ينتقد ترامب رفض اليابان استيراد كميات أكبر من الأرز الأمريكي، واعتبر ذلك ممارسة تجارية غير عادلة.
وأكد رئيس وزراء اليابان شيجيرو إيشيبا أن بلاده لن تقدم تنازلات سهلة، لكنها تسعى بدلًا من ذلك إلى التوصل إلى اتفاق تجاري “يحقق صالح الطرفين”.
وبينما يعاني الاقتصاد الياباني من توقف النمو الاقتصادي في الوقت الراهن، قد تؤدي أي تعريفات جمركية جديدة إلى الحد من صادراتها إلى الولايات المتحدة.
وحيث أن اقتصاد اليابان قائم على الصادرات، قد تكون سياسات ترامب التجارية مصدرًا من مصادر الخطر على هذا الاقتصاد الأسيوي الكبير، إذ من المرجح أن تتأثر الصادرات سلبًا بسبب الرسوم الجمركية.
وتحسنت شهية المخاطرة بسبب قناعة تترسخ لدى المستثمرين في أسواق المال بأن الرئيس الأمريكي يحاول حلحلة الأوضاع للدفع بالدول التي لم تتقدم نحو إجراء محادثات تجارية مع بلاده إلى التحرك في هذا الاتجاه.
لذلك، يرى المستثمرون أن هذه التقلبات في موقف الرئيس الأمريكي قد تسفر في نهاية الأمر عن التوصل إلى اتفاقات تجارية مع عشرات الدول.
ويؤدي التوصل إلى هذه الاتفاقات إلى التقليل من حجم التعريفة الجمركية المتبادلة، وهو ما ينعكس إيجابيًا على معدلات التضخم التي – في هذه الحالة – لن يُمرر إليها المزيد من الضغوط التضخمية الكبيرة.