ختمت أسواق المال العالمية تعاملات الأسبوع الماضي بتفوق أصول المخاطرة والذهب على حساب الدولار الأمريكي بعد ظهور دفعات من البيانات الأمريكية التي ألقت الضوء على استقرار الأسعار في الولايات المتحدة علاوة على إلقاء هذه التطورات الاقتصادية الضوء على إمكانية استمرار الفيدرالي في خفض الفائدة بنفس القوة التي بدأ بها الدورة الجديدة للتيسير الكمي. أما الأسبوع المقبل فتتصدر أحداثه بيانات التوظيف الأمريكية بما لها من ثقل وتأثير في الأسواق.
وأنهى الدولار الأمريكي تعاملات الأسبوع الماضي في الاتجاه الهابط مقابل أغلب العملات الرئيسية متأثرًا بالبيانات الاقتصادية، وهو ما دفع مؤشر الدولار – الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة العملات الأمريكية – إلى المزيد من التراجع ليسجل 100.42 نقطة الأٍسبوع الماضي مقابل الإغلاق المسجل الأسبوع السابق عند 100.76 نقطة. وارتفع المؤشر إلى أعلى مستوى له الأسبوع الماضي عند 101.08 نقطة مقابل أدنى المستويات الذي سجل 100.21 نقطة.
كما ارتفعت العقود الآجلة للذهب، محققة مكاسب أسبوعية بحوالي 1.3% بعد أن أنهى المعدن النفيس تعاملات الأسبوع الماضي عند 2680 دولار للأونصة، وهو مستوى قياسي للذهب. وكان إغلاق الأسبوع السابق قد سجل 2647 دولار للأونصة، وهو ما يشير إلى الصعود للأسبوع الثالث على التوالي.
وحققت الأسهم العالمية مكاسب أسبوعية هي أيضًا بدفعة من تحسن شهية المخاطرة عقب إصدار البيانات الاقتصادية التي ألقت الضوء على إمكانية اقتراب البنوك المركزية حول العالم من معدلات فائدة منخفضة من شأنها أن تخفض تكلفة الاقتراض، مما يساع الشركات على تحقيق المزيد من النمو والتحسن في الأداء المالي ومن ثم تزداد جاذبية أسهمها للمستثمرين.
وأضافت مؤشرات داو جونز الصناعي، وستاندردز آند بورس500، وناسداك للصناعات التكنولوجية الثقيلة مكاسب أسبوعية بحوالي 180 نقطة، و20 نقطة، و114 نقطة على الترتيب.
البيانات الأمريكية
سجلت قراءة الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني من هذا العام في الولايات المتحدة 3.00% مقابل القراءة السابقة التي سجلت نفس الرقم، وهو ما جاء متوافقًا مع توقعات الأسواق. وألقى ذلك الضوء على أن الاقتصاد الأمريكي مستمر في الحفاظ على معدل نمو جيد في الفترة الأخيرة.
سجلت قراءة مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي في الولايات المتحدة ارتفاعًا بـ0.1% في أغسطس الماضي مقابل القراءة السابقة التي سجلت 0.2%، وفقًا للحسابات الشهرية للمؤشر. وجاءت القراءة الفعلية متوافقة مع توقعات الأسواق التي أشارت إلى نفس الرقم.
كما ارتفعت القراءة السنوية للمؤشر بـ2.2% الشهر الماضي مقابل القراءة المسجلة في نفس الشهر من العام الماضي عند 2.5%، لكنها جاءت أدنى مع توقعات السوق التي أشارت إلى 2.5%، وفقا للحسابات السنوية للتضخم.
وباستثناء أسعار الغذاء والطاقة، ارتفعت القراءة الشهرية لنفس المؤشر بـ0.1% مقابل القراءة السابقة التي سجلت ارتفاعًا بـ0.2%، وهو ما جاء أقل من توقعات الأسواق التي رجحت أن القراءة قد لا تشهد أي تغيير.
وسجلت القراءة السنوية باستثناء أسعار الغذاء والطاقة ارتفاعًا بـ2.7% مقابل القراءة السابقة التي سجلت ارتفاعًا بـ2.6%، وهو ما توافق مع توقعات الأسواق.
وحققت ثقة المستهلك الأمريكي ارتفاعًا إلى 70.1 نقطة في سبتمبر الجاري مقابل القراءة السابقة التي سجلت 69 نقطة، وهو ما فاق توقعات السوق التي سجلت
وسجل مؤشر الدخل الشخصي في الولايات المتحدة ارتفاعًا بـ0.2% مقابل القراءة السابقة التي سجلت 0.3%، مما تناقض مع توقعات الأسواق التي أشارت إلى 0.4%.
كما سجل مؤشر الإنفاق الشخصي في الولايات المتحدة ارتفاعًا بـ0.3% مقابل القراءة السابقة التي سجلت 0.5%، مما تناقض مع توقعات الأسواق التي أشارت إلى 0.5%.
تصريحات الفيدرالي
قال أوستان جلوسبي، عضو مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي ، الإثنين إن العام المقبل قد يشهد “خفض الفائدة عدة مرات إذا استمرت للأوضاع الاقتصادية كما هي في الوقت الراهن”.
وأضاف أنه ليس من المهم الآن مناقشة ما “إذا كان الخفض المقبل ٢٥ أو ٥٠ نقطة أساس، إنما الأهم هو إلى أي مدى سوف يستمر البنك المركزي في الخفض”.
وأكد أيضا أن ثمة إجماع على المسار المستقبلي للفائدة الفيدرالية عكسته توقعات اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة والتقدير آت الاقتصادية الرسمية الصادرة عن الفيدرالي الأربعاء الماضي.
جاءت هذه التصريحات بعد أيام من خفض الفيدرالي الفائدة بـ50 نقطة أساس فيما وصفه مراقبون بأنه بداية قوية لدورة نقدية جديدة من التيسير الكمي بعد أن خفض البنك المركزي المعدلات للمرة الأولى في أربع سنوات.
وأكد رئيس مجلي محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول – عقب إعلان القرار بخفض الفائدة 50 نقطة أساس في نهاية اجتماع سبتمبر الماضي – أن البنك المركزي خفض الفائدة “في الوقت المناسب، ولا أعتقد أننا تأخرنا في ذلك. ويرسل ذلك إشارات إلى أننا نعتزم التقدم إلى الأمام. ولا أعتقد أيضًا أنه ينبغي لأحد أن ينظر إلى ما قمنا به ويقول ’هذه هي الوتيرة لجديدة‘”.
وأشار إلى أن الفيدرالي لم يشاهد ارتفاعًا في معدل إلغاء الوظائف في الفترة الأخيرة، مؤكدًا أن “الوقت المناسب لدعم سوق العمل يكون عندما يظهر السوق قويًا. فالمزيد من التراجع في أعداد فرص العمل المتاحة سوف يُترجم مباشرة إلى ارتفاع في معدل البطالة”.
وقال رئيس الفيدرالي: “الاقتصاد الأمريكي في وضع جيد ونستهدف من قرارنا أن نبقي عليه كذلك. كما أننا لم نعلن أننا ’أنجزنا مهمتنا‘ فيما يتعلق بالتضخم، لكننا أظهرنا نتائج مشجعة في هذا الصدد”.
وأضاف: “سوف نخفض التضخم إلى 2.00% وفي نهاية الأمر سوف نصل إلى ما نحتاج إليه على صعيد خدمات الإسكان أيضًا”، مرجحًا أن الفيدرالي كان من الممكن أن يخفض الفائدة في اجتماع يوليو الماضي إذا حصل الفيدرالي على بيانات التوظيف قبل الوقت الذي ظهرت فيه.
الصين والتيسير الكمي
أعلن بنك الصين الشعبية الثلاثاء أنه سوف يتخذ خطوات من أجل خفض تكلفة الاقتراض، وضخ المزيد من السيولة في الاقتصاد، وتخفيف من حدة عمليات سداد الرهون العقارية للأسر الصينية.
وقال بان جونجشينج، محافظ بنك الصين، في مؤتم-ر صحفي مع بداية يوم التداول الثلاثاء إن البنك المركزي سوف يخفض متطلبات الاحتياطي للبنوك التجارية.
وأضاف أن السلطات النقدية تعتزم أيضًا ضخ حوالي مليار يوان صيني (141.7 مليار دولار أمريكي) في الأسواق في إطار برنامج تحفيز مالي طويل الأجل.
وتحكمت تلك الأنباء في حركة السعر في أسواق المال إلى حدٍ كبير لتكون من أبرز محركات السوق الثلاثاء.
eوأثارت هذه الإجراءات حالة من التفاؤل حيال مستقبل الاقتصاد الصيني بعد أن أكدت للأسواق أن الحكومة في بكين سوف تهب لدعم وتحفيز ثاني أكبر اقتصادات العالم لينهض من عثرته، وهي الإجراءات التي جاءت بعد ظهور تكهنات بأن اقتصاد الصين قد لا يحقق الهدف الرسمي للنمو.
وسجل مؤشر شنجهاي المركب للبورصة الصينية ارتفاعًا إلى 3087 نقطة نهاية الأسبوع الماضي مقابل الإغلاق الأسبوعي الماضي الذي سجل 2746 نقطة. وهبط المؤشر إلى أدنى مستوى له في أسبوع التداول المنتهي 27 سبتمبر الجاري عند 2735 نقطة مقابل أعلى المستويات في نفس الفترة الذي سجل 3088 نقطة.
العملات المشفرة
ظهرت بعض المستجدات في أسواق الأصول الرقمية أدت إلى إغلاقات أسبوعية إيجابية لأغلب العملات المشفرة الهامة، والتي تضمنت عوامل ذات صلة بالمعروض، أخرى تتعلق بالصلة بين حركة سعر هذه الأصول والأسهم الأمريكية، علاوة على تدفقات صناديق الاستثمار المتداولة بالعقود الفورية للبيتكوين وأخواتها.
وحققت عملات البيتكوين، والإيثيريوم، والريبل، والسولانا ارتفاعات أسبوعية تعكس قوة الأداء بعد الارتفاعات التي حققتها الأسهم الأمريكية استنادًا إلى قرار الفيدرالي بخفض الفائدة الكبير الأسبوع السابق والبيانات التي ظهرت الأسبوع الماضي لتعزز تكهنات باستمرار خفض الفائدة على نطاق واسع في الفترة المقبلة.
وازدادت العلاقة الطردية بين البيتكوين ومؤشري ستاندردز آند بورس500 وناسداك للصناعات التكنولوجية الثقيلة قوة الأسبوع الماضي، مما دفع بالأصول الرقمية في الاتجاه الصاعد على مدار الأسبوع الماضي.
كما ألقت تقارير الضوء على زيادة كبيرة في تدفقات الأموال التي تدخل إلى صناديق الاستثمار المتداولة بالعقود الفورية للبيتكوين على مدار أيام الأسبوع الماضي.
ووفقا لشركة “سوسوفاليو” (SoSoValue)، سجلت التدفقات التي دخلت صناديق الاستثمار المتداولة بالعقود الفورية للبيتكوين الخميس الماضي ارتفاعًا بحوالي 100 مليون دولار لليوم الثاني على التوالي، وهو أيضًا ما يؤكد على اليوم الخامس على التوالي الذي تحقق فيه هذه التدفقات أداء إيجابيًا.
الأسبوع المقبل
تسيطر البيانات التي تصدر الأسبوع المقبل على المشهد في الأسواق، بما في ذلك التطورات على صعيد الاقتصاد الأوروبي والأمريكي والعالمي. لكن بيانات التوظيف في الولايات المتحدة تحتر بؤر اهتمام الأسواق لما لها من أثر كبير في توقعات المسار المستقبلي للسياسة النقدية للفيدرالي.
وتظهر بيانات التضخم في ألمانيا، أكبر اقتصادات منطقة اليورو، ومؤشرات التضخم الخاصة بالمنطقة بصفة عامة الأسبوع المقبل. كما تنتظر الأسواق بيانات النمو في المملكة المتحدة، وهو ما يجعل الأنظار تتجه إلى أوروبا في الفترة المقبلة.
كما يتوالى ظهور بيانات التوظيف الأمريكية الأولية على مدار أيام الأسبوع المقبل، والتي تُتوج في نهاية الأسبوع بظهور البيانات الأكثر أهمية التي ترسم صورة واضحة لأوضاع سوق العمل في الولايات المتحدة التي بدورها ترسك صورة أوضح لما قد يكون عليه المسار المستقبلي للفائدة.
وهناك أيضًا دفعة من البيانات الأمريكية تلقي الضوء على الأوضاع الاقتصادية في أهم قطاعين في الاقتصاد الأمريكي؛ القطاع التصنيعي والقطاع الخدمي، والتي من خلالها يمكن التعرف على حالة الاقتصاد.
ويدلي أعضاء في مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي بتصريحات من شأنها أن تلقي المزيد من الضوء على موقف السياسة النقدية الحالية من الأوضاع الاقتصادية وتقييم أعضاء البنك المركزي للمشهد الاقتصادي في الولايات المتحدة.