شهد اليورو تحركات جديرة بالاهتمام في الفترة الأخيرة بسبب عوامل تنوعت بين ما هو سياسي وما هو اقتصادي. وتقع البيانات الاقتصادية، خاصة بيانات التضخم، في طليعة العوامل المؤثرة في حركة سعر اليورو نظرا لتركيز البنك المركزي الأوروبي على تحقيق استقرار الأسعار في المنطقة باستخدام أدوات السياسة النقدية، في مقدمتها معدل الفائدة.
وظهرت بيانات التضخم في ألمانيا، أكبر اقتصادات منطقة اليورو، الخميس لتعكس حالة من ثبات معدلات التضخم عند مستويات منخفضة دفعت بالبنك المركزي في اجتماع يونيو الماضي إلى البدء في خفض الفائدة بواقع 25 نقطة أساس إلى 4.25% مقابل 4.5%، ما يُعد تحولا إلى التيسير الكمي بدلا من التشديد الذي أدى إلى تراجع التضخم.
ويتوقع على نطاق واسع أن يبقي المركزي الأوروبي على معدل الفائدة دون تغيير في اجتماع يوليو الذي ينعقد الخميس المقبل، وأن يخلو بيان الفائدة من أي ذكر لخفض الفائدة في اجتماع سبتمبر المقبل، وهو ما قد يساعد اليورو على البقاء في الاتجاه الصاعد.
انعدام يقين سياسي
تعرض اليورو لهزة قوية في الفترة الأخيرة في بسبب تطورات في المشهد السياسي الأوروبي؛ إذ سيطر اليمين المتشدد على البرلمان الأوروبي، مثيرا الكثير من المخاوف حيال سياساته الاقتصادية سيئة السمعة التي قد تضر باقتصاد المنطقة.
ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى انتخابات برلمانية مبكرة أسفرت جولتها الأولى عن فوز اليمين المتشدد بعدد تاريخي من المقاعد في البرلمان الفرنسي، مما أثار مخاوف حيال سيطرة هذا التيار على الحكم.
لكن مع ظهور نتائج الجولة النهائية من الانتخابات، تراجع اليمين المتشدد إلى المركز الثالث وابتعد تمامًا عن عملية تشكيل الائتلاف الحاكم لصالح تحالف اليسار الفرنسي الذي احتل المركز الأول بينما حل ثانيا تحالف الوسط بقيادة رئيس البلاد إيمانويل ماكرون، وهو ما منح اليورو متنفسًا بعد أن اطمئن المستثمرون في العملة والأصول الأوروبية على أن السياسيات المقبلة سوف تكون صديقة للاستثمار والأعمال.
اليورو وعقوبات موسكو
هناك آثار للعقوبات المفروضة على روسيا من قبل الغرب على العملة الأوروبية الموحدة، وهي العقوبات التي تتضمن فرض حظر على التعامل مع النظام المصرفي الروسي وتجميد الأصول الروسية لدى البنوك ومؤسسات الاستثمار الأوروبية علاوة على فرض عقوبات على مسؤولين روسيين.
ويكمن الخطر الأكبر على اليورو من العقوبات على موسكو في إمكانية أن تتقوض الثقة في الاقتصاد الأوروبي والجهات المعنية المسؤولة عنه بسبب تجميد الأصول الروسية لدى البنوك والمؤسسات المصرفية وغيرها من المؤسسات في منطقة اليورو، إذ من الممكن أن ينتاب القلق المستثمرين حيال إمكانية أن تُجمد أصولهم من قبل السلطات الأوروبية.
اليورو وأسعار الطاقة
يعتمد الاتحاد الأوروبي على منتجات الطاقة الروسية بصفة أساسية، ومن ثم قد يواجه اليورو صعوبات حال حدوث اضطرابات في توافر تلك المنتجات أو ارتفاع أسعارها إلى حدٍ مبالغ فيه.
وقد يكون لارتفاع أسعار منتجات الطاقة بسبب الحرب في أوكرانيا من العوامل التي تصب في صالح العملة الأوروبية الموحدة، إذ قد يدفع ارتفاع أسعار الطاقة معدل التضخم إلى أعلى ومن ثم يبطئ البنك المركزي الأوروبي من وتيرة خفض الفائدة.
إضافة إلى ذلك، قد تؤدي الاضطرابات الجيوسياسية إلى زيادة الطلب على عملات وأصول الملاذ الآمن، وهو ما من شأنه أن يضعف اليورو مقابل الدولار الأمريكي.