أنهى الدولار الأمريكي تعاملات الأسبوع الماضي في الاتجاه الصاعد بدفعة من رسائل ضمنها الفيدرالي في نتائج اجتماعه المنتهي في الأول من مايو الجاري سلطت الضوء على أن هناك ميل داخل اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة إلى الإبقاء على معدل الفائدة عند المستويات المرتفعة القياسية الحالية.
وارتفع مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة العملات الرئيسية، إلى 104.75 نقطة مقابل الإغلاق الأسبوعي الماضي الذي سجل 104.48 نقطة. وهبط المؤشر إلى أدنى المستويات في يوم التداول الخميس عند 104.64 نقطة مقابل أعلى المستويات الذي سجل 105.12.
وعكست نتائج اجتماع الفيدرالي المنتهي في الأول من مايو الجاري حالة من القلق تتزايد لدى صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي حيال إحراز المزيد من التقدم على صعيد خفض التضخم، إذ أشار الأعضاء إلى أنهم يفتقرون إلى الثقة اللازمة للبدء في خفض الفائدة، وذلك بعد إصدار الفيدرالي نتائج اجتماعه الأخير الأربعاء.
وأظهرت النتائج أن هناك قلق لدى صناع السياسة النقدية في الفيدرالي حيال التقدم في اتجاه خفض الفائدة في وقت قريب. وأشارت أيضًا إلى أن “المشاركين في الاجتماع رأوا أنه بينما تراجع التضخم على مدار العام الماضي، أظهرت الأشهر القليلة الماضية غياب المزيد من التقدم على صعيد الهبوط بالتضخم إلى هدف اللجنة المحدد بـ2.00%.”
الأسهم في وول ستريت
أظهرت الأسهم الأمريكية أداء سلبيا في مجمله في الأسبوع المنتهي في 24 مايو 2024، وهو ما جاء بسبب خطاب الفيدرالي في نتائج اجتماعه الأحدث على الإطلاق، وظهور بيانات تؤيد هذا الخطاب.
وكشفت نتائج اجتماع الفيدرالي الصادرة الأربعاء أن “الكثير من المشاركين أبدوا استعدادهم للعودة إلى التشديد الكمي للسياسة النقدية في حالة ظهور مخاطر لصعود التضخم بطريقة أو بأخرى وطالما كان هذا الإجراء مناسبًا”.
كما رأى المشاركون أن “الإبقاء على معدل الفائدة عند المستويات الحالية في هذا الاجتماع جاء مدعومًا بالبيانات التي ظهرت منذ الاجتماع السابق، والتي ألقت الضوء على استمرار النمو الاقتصادي القوي”.
وأبدى أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة تفاؤلا حيال مستقبليات النمو رغم التوقعات التي رددها بعضهم بأن النمو قد يظهر أداء متواضعًا في الفترة المقبلة.
وأضاف الفيدرالي: “سوف يستغرق الأمر وقتًا أطول مما كان متوقعًا حتى تكون لدينا ثقة أكبر في هبوط لتضخم”، مؤكدة أن الكثير من أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة أظهروا حالة من انعدام اليقين حيال القدر الحالي من تشديد السياسة النقدية.
وتراجع داو جونز الصناعي إلى 39061 نقطة بعد أن خسر حوالي 612 نقطة أو 1.6%. كما هبط مؤشر ستاندردز آند بورس500 إلى 5298 نقطة بعد أن فقد حوالي 22 نقطة أو 0.7% وسار ناسداك للصناعات التكنولوجية الثقيلة على نفس المنوال ليخسر حوالي 184 نقطة أو 1.1%، مستقرا عند مستوى 16920 نقطة.
ولم يفلت من براثن الهبوط سوى مؤشر ناسداك للصناعات التكنولوجيا الثقيلة الذي حقق مكاسب أسبوعية في تلك الفترة بحوالي 1.1%، وهو على الأرجح ما جاء نتيجة للمكاسب القياسية التي حققها سهم شركة “إن فيديا”.
وارتفع سهم شركة إن فيديا إلى مستوى قياسي جديد عند 1000 دولار للمرة الأولى الأربعاء الماضي بدفعة من نتائج الأداء المالي للربع الأول من 2024، والتي ألقت الضوء أرباح فاقت التوقعات لعملاق الشرائح الإلكترونية.
عائدات السندات الأمريكية
كان أداء عائدات السندات الأمريكية إيجابيًا إلى حدٍ كبيرٍ بعد أن استفادت كثيرًا من توقعات تصاعدت بالإبقاء على معدلات الفائدة عند المستويات المرتفعة الحالية دون تغيير لبعض الوقت.
واستندت تلك التوقعات إلى نتائج اجتماع الفيدرالي الذي انعقد في أوائل مايو الجاري التي أشارت إلى ميل بين أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة إلى التمهل في خفض الفائدة نظرًا لعدم وجود القدر الكافي من الثقة في أن التضخم قد يتراجع بصفة مستدامة.
وهناك علاقة قوية بين عائدات سندات الخزانة الأمريكية وتوقعات الفائدة. فتصاعد توقعات خفض الفائدة يؤدي إلى هبوط هذه العائدات بينما يؤدي تراجع توقعات الإبقاء عليها عند نفس المستويات الحالية إلى ارتفاع عائدات السندات الحكومية.
وارتفعت العائدات على السندات المعيارية لأجل عشر سنوات إلى 4.470% في ختام تعاملات الأسبوع المنتهي في 24 مايو مقابل الإغلاق الأسبوعي الماضي الذي سجل 4.446%. وهبطت العائدات على هذه الأوراق المالية إلى أدنى مستوى لها على مدار الأسبوع الماضي عند 4.418% مقابل أعلى المستويات الذي سجل 4.497%.
اليورو وتوقعات الفائدة
تراجع اليورو في نهاية الأسبوع الماضي متأثرًا، إذ أدى ظهور إشارات إلى استمرار الضغوط التضخمية الأمريكية في الزيادة وسط شكوك تحيط بإمكانية أن يؤدي انتعاش اقتصاد منطقة اليورو إلى خفض الفائدة عدة مرات من قبل البنوك المركزية الكبرى هذا العام.
وسجل اليورو دولار انخفاضًا إلى 1.0853 في الأسبوع المنتهي في 24 مايو مقابل الإغلاق الأسبوعي الماضي الذي سجل 1.0862. وارتفع الزوج إلى أعلى مستوياته في تلك الفترة عند 1.0873 مقابل أدنى المستويات الذي سجل 1.0809.
ومع ذلك، أصبح المستثمرون أكثر حذرا بعد أن حذر صناع السياسة الأوروبيون من التيسير الكمي بعد يونيو المقبل، مؤكدين على حرصهم على تجنب عودة التضخم إلى تحقيق ارتفاعات حادة.
النفط
تراجعت الأسعار العالمية للنفط على مدار الأسبوع المنتهي 24 مايو الجاري بسبب مخاوف حيال إمكانية أن تؤدي البيانات الاقتصادية الأمريكية القوية إلى الإبقاء على الفائدة عند مستويات مرتفعة قياسية، وهو ما من شأنه أن يكبح جماح الطلب على الوقود.
رغم ذلك، هناك توقعات بأن تشهد الأسعار ارتفاعًا في الفترة المقبلة بسبب قوة الطلب المحتملة في الصيف المقبل، وهي التوقعات التي تأتي وسط تساؤلات تشغل المستثمرين في الأسواق عما إذا كانت عمليات البيع قد تتوقف في وقت قريب.
وأظهر محضر اجتماع السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الصادر الأربعاء الماضي أن صناع السياسات يتساءلون عما إذا كانت الفائدة مرتفعة بما يكفي لكبح جماح التضخم. كما أشارت إلى أن بعض الأعضاء في اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة كان لديهم توجهًا إلى رفع الفائدة إذا ارتفع التضخم مرة ثانية.
لكن جيروم باول، رئيس الفيدرالي، وبعض أعضاء مجلس البنك المركزي استبعدوا أن تُرفع معدلات الفائدة في المرحلة المقبلة.
العملات المشفرة
وافقت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية على طلبات تقدمت بها شركات ناسداك، و CBOE، وبورصة نيويورك لإدراج صناديق استثمار متداولة بالعقود الآجلة لعملة الإيثيريوم المشفرة، مما يمهد الطريق أمام تداول هذا المنتج المالي في وقت لاحق من هذا العام.
لكن مصدري هذه الصناديق لابد أن تحصل على الضوء الأخضر قبل أن تطرح هذا المنتج الجديد. وكان القرار الصادر الخميس بمثابة انتصار مفاجئ لمقدمي تلك الطلبات وللشركات المشغلة لشبكات البلوكتشاين المشغلة للعملات المشفرة ومنصات التداول فيها.
وكان من المتوقع على نطاق واسع في الأسواق أن ترفض هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية هذا الطلب، لكنها بدأت في إظهار موقف مختلف تماما مع التوقعات عندما طلبت تعديلات على تلك الطلبات منذ عدة أيام، وهو ما تبعته بالموافقة على إطلاق هذه المنتجات المالية غير التقليدية.
وتأمل تسع شركات، من بينها “فانيك” و”أيه آر كيه انفستمنت” و”21شايرز” و”بلاكروك”، في الحصول على موافقة الهيئة الأمريكية على إنشاء صناديق استثمار متداولة بالعقود الفورية لثاني أكبر عملة مشفرة في الأسواق.
الأسبوع المقبل
يترقب المستثمرون في أسواق المال العالمية بيانات التضخم باهتمام بالغ، إذ تحتل هذه البيانات بؤرة الضوء في الفترة الأخيرة نظرا لعلاقتها الوطيدة بالمسار المستقبلي للسياسة النقدية.
وتظهر الأسبوع المقبل قراءات نفقات الاستهلاك الشخصي، الأكثر مصداقية واعتمادية لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي، والتي يلتمس فيها المستثمرون التعرف على ما قد يستجد على صعيد الضغوط التضخمية الأمريكية، وهل تزداد أم تتراجع حدتها.
كما يتصدر اهتمام الأسواق تقارير الأرباح التي توفر صورة واضحة عن الأداء المالي لأكبر الشركات المدرجة في مؤشرات الأسهم العالمية. وتظهر الأسبوع المقبل أرباح ديل للكمبيوتر، وعملاقي التجزئة كوتسكو ودولار جينرال بين شركات أخرى هامة.
وتصدر أيضًا دفعات هامة من البيانات الاقتصادية تتصدرها مؤشرات إسكان أمريكية علاوة على قراءات ثقة المستهلك في الولايات المتحدة. كما أن الأسبوع المقبل هو الأسبوع الأخير قبل فترة الصمت التي تتوقف خلالها تصريحات مسؤولي الفيدرالي، لذا سيكون من المهم متابعة هذه الدفعات من التصريحات.