تناقش هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية تشديد قيود حماية أصول المستثمرين في أسواق المال بعد انهيار عدد من الشركات الكبرى في قطاع العملات المشفرة العام الماضي، ما كشف عن أن أموال العملاء لم تكن تتمتع بالقدر الكافي من الأمان الذي أعلنت عنه تلك الشركات أثناء استقبال الاستثمارات.
ووافقت الهيئة الأمريكية المسؤولة عن الرقابة على أسواق المال الأربعاء على مناقشة قيود مقترحة أكثر صرامة من شأنها أن تلزم مستشاري الاستثمار بتأمين جميع الأصول التي يديرونها، بما في ذلك توفير بدائل مثل العملات المشفرة وغيرها من الأصول في شكل ضمانات تودع لدى ضامنين مؤهلين.
تأتي إجراءات ضمان المحتملة بعد سلسلة من إخفاقات الشركات العاملة في قطاع الأصول الرقمية المتداولة في الفترة الأخيرة بعد أن روجت تلك الشركات لأن أموال العملاء مودعة في حسابات منفصلة ومؤمنة. لكن عقب إِشهار بعض هذه الكيانات إفلاسها، اكتشف العملاء أن أصولهم يتم التعامل معها على أنها أصول غير مؤمنة وغير منفصلة وتمثل جزء لا يتجزأ من الشركات التي أفلست.
وطرحت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية قواعد رقابة للمناقشة، والتي تستهدف توفير غطاء للأصول في حين ركزت أغلب المناقشات على كيفية تطبيق تلك القواعد على العملات المشفرة.
وقال جاري جينسلر، رئيس الهيئة: “رغم أن بعض شركات العملات المشفرة والشركات المقرضة للمستثمرين في هذا القطاع تزعم أنها تضمن أموال العملاء، لا يمكن الاعتماد على هذا النوع من الشركات كضامن مؤهل”.
وأضاف: “من المتوقع أن يغطي هذا المقترح جميع فئات الأصول المتداولة، وجميع الأصول المشفرة – بما في ذلك التي تتمتع بتغطية مثل أموال السندات والأصول التي لا تنتمي إلى فئة الأموال والسندات”.
وأثناء مراجعة نطاق القواعد الحالية، تناقش الهيئة الصلاحيات الممنوحة لها في 2010 بعد فضيحة برنارد مادوف عندما اكتشفت أن خسائر بالمليارات لعملاء هذه الشركة التي تورطت في ممارسات احتيال في ذلك الوقت في إطار نموذج “مخطط بونزي” المعروف الذي يتضمن جمع أموال من مستثمرين ووعدهم بتوزيع أرباح كبيرة عليهم، وهو ما يحدث بالفعل اعتمادا على أموال يحصل عليها الكيان الاستثماري من مستثمرين جدد ويستمر الاحتيال بشكل هرمي؛ أي كلما حصلت الشركة على أموال من مستثمرين جدد، وزرعت بعضها على مستثمرين أقدم منهم.
وفتحت الهيئة الرقابية المالية الأكبر في الولايات المتحدة ملف القيود والضمانات بعد عام من الاضطرابات التي سادت قطاع العملات المشفرة والأصول الرقمية، مما أدى إلى وقوف الكثير من المقرضين في طابور طويل ينتظرون دورهم في إشهار الإفلاس.
وكانت المجموعة الأكبر على الإطلاق في سوق العملات المشفرة التي انهارت العام الماضي هي FTX التي جذبت عددا كبيرا من الشركات العامة في القطاع معها إلى القاع بعد أن أشهرت إفلاسها وواجه رئيسها التنفيذي ومؤسسها سام بانكمان فرايد اتهامات بإساءة استخدام أصول المستثمرين.
وبموجب القواعد المقترحة، يتوجب على شركات الاستشارات الاستثمارية توقيع اتفاقيات مع ضامنين مؤهلين لضمان وضع أموال العملاء في حسابات منفصلة ومؤمنة ضد انهيار الشركات المشغلة لمنصات التداول أو الشركات الاستثمارية. ويشير مصطلح “ضامنون مؤهلون” إلى مؤسسات خاضعة لقواعد صارمة مثل المجموعات المالية، والبنوك ، وشركات الوساطة، والشركات الموثوقة.
وصوت أربعة من إجمالي المفوضين الخمسة لهيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية لصالح القواعد الجديدة، ومن ثم تُطرح للحوار في القطاع المالي ثم يتم التصويت عليها مرة ثانية قبل اعتمادها وتحويلها إلى قواعد مفعلة.
وفي وقت سابق من اجتماع الأربعاء، أقرت الهيئة تقليص فترة تسوية التعاملات في أسواق المال إلى النصف لتكون يوما واحدا بدلا من يومين، وهي مبادرة ازداد الاهتمام بها منذ عرض شركة روبنهود المشغل لمنصة تداول في الأصول لهزة عنيفة عام 2021 بعد ارتفاع جنوني لسهمها.