تستعد الولايات المتحدة لفرض عقوبات جديدة على الصين فيما يتعلق بعدد قليل من المؤسسات الصينية في محاولة لمنع بكين من تمويل ودعم حرب روسيا في أوكرانيا ويتزامن تسليط وسائل الإعلام الأمريكية الكبرى الضوء على العقوبات المقترحة مع الزيارة المقررة هذا الأسبوع لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن للصين.
وفيما يتعلق بتسهيل بكين الصادرات المتجهة إلى موسكو، تمارس واشنطن المزيد والمزيد من الضغوط على بكين وإذا لم تستجب الصين للمفاوضات، فإن واشنطن ترى في العقوبات تصعيدًا للوضع.
وقد تكون التهديدات بفرض عقوبات كافية للضغط على بكين، وتاريخيًا، كانت التهديدات السابقة من واشنطن بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الصينية كافية للتأثير على مواقف بكين كانت، وتجدر الإشارة إلى أن الاختناقات في التجارة بين الصين وروسيا ناجمة عن أمر تنفيذي وقعه الرئيس الأمريكي جو بايدن يسمح بفرض عقوبات على أي بنك يدعم الجيش الروسي.
وانسحبت البنوك الصينية من دعم المعاملات التي كان من شأنها أن تؤدي إلى فرض عقوبات خوفا من إجراءات انتقامية أمريكية ومع ذلك، فقد انخفض هذا التهديد مؤخرًا حيث يتم إجراء المزيد من المعاملات بين روسيا والصين من خلال البنوك الصغيرة التي لا تستخدم العملة الأمريكية وبالتالي فهي محصنة ضد العقوبات، كما تجدر الإشارة إلى أن الصينيين والروس على حد سواء يتكيفون دائماً مع الظروف المتغيرة.
وتواجه الصين أيضًا تهديدًا بفرض عقوبات من مجموعة الدول السبع إذا قامت باستفزازات عسكرية في تايوان وأشار تقرير المجلس الأطلسي إلى أن بكين كانت تستعد لمثل هذا السيناريو، ووضعت بعض الضمانات.
وكإجراء احترازي إضافي ضد التدابير العقابية المحتملة، تعمل الصين على إنشاء شبكات مالية يهيمن عليها اليوان بدلا من الدولار الأمريكي ويجري تدشين عدد متزايد من مبادرات الدفع المحلية وعبر الحدود مع الأخذ في الاعتبار احتمال فرض عقوبات غربية ومن غير المرجح أن ترد بكين على العقوبات بإجراءات مماثلة؛ بل إنها تعتزم استهداف الصناعات التي قد تلحق فيها أضرارا غير متناسبة على وجه التحديد، وخاصة من خلال فرض قيود تجارية أو قيود على التصدير على السلع الأساسية مثل التربة النادرة.
وأنشأت الشركات الصينية مرافق ومراكز لوجستية في شمال المكسيك في محاولة للالتفاف على الضرائب الأمريكية أو العقوبات المفروضة على بضائعها ونظراً لعدم وجود مؤشرات تشير إلى أن الصراع التجاري بين الولايات المتحدة والصين سينتهي قريباً، فقد يستمر هذا النمط لفترة من الوقت ووفقاً لقوانين التجارة الدولية، فإن هذه المنتجات هي في جوهرها صينية الصنع، على الرغم من أن مصدرها قد يجعل بعض السياسات الوطنية غير مواتية.
أهداف واشنطن
ومن المتوقع أن تستهدف واشنطن بالعقوبات المحتملة على الصين البنوك الصينية التي تدعم الأنشطة العسكرية الروسية في أوكرانيا، والشركات الصينية المتورطة في انتهاكات حقوق الإنسان في شينجيانج، وشركات التكنولوجية الصينية التي تشكل تهديدًا للأمن الوطني الأمريكي.
ويتمثل الغرض الأساسي من العقوبات الأمريكية المحتملة هي معاقبة الصين على دعمها لروسيا في حرب أوكرانيا، ومعاقبتها على انتهاكات حقوق الإنسان في شينجيانج، علاوة على الحد من نمو التكنولوجيا الصينية وحماية الأمن الوطني الأمريكي.
وقد تؤدي العقوبات الأمريكية المحتملة إلى تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصي، وهو ما من شأنه أن يلقي بظلال سلبية على الأسواق ويسحق أصول المخاطرة في مقدمتها الأسهم الأمريكية التي تعيش مرحلة حساسة من تشهد خلالها الكثير من التقلبات بسبب انعدام اليقين حيال المسار المستقبلي للفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي.
ومن المعروف أن الصين هي المحرك الأقوى للاقتصاد العالمي، وهو ما قد يجعل العقوبات المحتملة على بكين تنطوي على خطورة على الاقتصاد العالمي بصفة عامة. وتزداد هذه الخطورة في ضوء أن العالم بالفعل يواجه مخاطر اقتصادية قد تدفع به إلى الركود وسط تبني البنوك المركزية الرئيسية معدلات فائدة مرتفعة تُعد الأعلى في حوالي نصف قرن.
كما يمكن أن تدفع تلك الإجراءات الأمريكية الصين إلى التصعيد والرد على واشنطن بخطوات مضادة على صعيد الاقتصاد، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى اندلاع حرب اقتصادية شاملة بين أكبر اقتصادين على مستوى العالم. علاوة على ذلك، قد تقود سياسة العقاب الأمريكي تجاه الصين الدولتين إلى سباق تسلح تكنولوجي قد ينعكس سلبًا على معنويات أسواق المال العالمية. وخير دليل على ذلك ما تقوم به الولايات المتحدة من إجراءات تشريعية لتمرير قانون ليجبر شركة بايتدانس، المالكة لتطبيق تيك توك للفيديوهات القصيرة، على بيع التطبيق لمستثمر غير صيني وإلا تعرض التطبيق للحظر في الولايات المتحدة وحُذف من متاجر التطبيقات الأمريكية؛ جوجل بلاي وأبل ستور.