ختم الدولار الأمريكي تعاملات الأسبوع الماضي في بخسائر متأثرًا بعدة عوامل، أبروها تراجع حدة أثر خطاب الرئيسي الأمريكي على صعيد السياسات التجارية، وشهادة رئيس الفيدرالي جيروم باول، علاوة على بيانات التضخم في أسعار المستهلكين والمنتجين ومبيعات التجزئة في الولايات المتحدة.
وتعرض الدولار الأمريكي لهبوط ظهر في أداء مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة العملات الرئيسية، لخسائر هبطت به من 108.43 نقطة في نهاية الأسبوع السابق إلى 107.75 نقطة نهاية الأسبوع الماضي.
في المقابل، حقق الذهب ارتفاعًا أسبوعيًا الجمعة مستندًا إلى هبوط الدولار الأمريكي الذي تأثر إلى حدٍ بعيدٍ تراجع كبير في مبيعات التجزئة الأمريكية بعد أن فقدت تهديدات التعريفة الجمركية لإدارة ترامب أثرها القوي على الأسواق إلى حدٍ علاوة على ظهور بيانات التضخم ومبيعات التجزئة التي عززت إمكانية خفض الفائدة وشهادة جيروم أمام مجلس الشيوخ الأمريكي.
وأثارت بيانات التضخم في أسعار المستهلك الأمريكي حالة من تجنب المخاطرة في الأسواق أسهمت في ارتفاع الدولار الأمريكي، وهو ما جاء نتيجة لتجاوز القراءات توقعات الأسواق.
وفي اليوم التالي، أدت بيانات التضخم في أسعار المنتجين الأمريكيين إلى آثار عكسية تحملتها العملة رغم ارتفاع بعض هذه المؤشرات إلى مستويات أعلى من التوقعات. لكن تفاصيل قراءات أسعار المنتجين ألقت الضوء -على تراجع قراءات أسعار المنتجين باستثناء أسعار الغذاء والطاقة – وهي الأسعار الأكثر دقة – جاءت أدنى من توقعات السوق، وهو ما كبد الدولار بعض الخسائر.

شهادة باول
وقال جيروم باول، رئيس مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي، أثناء الإجابة على أسئلة المشرعين في إطار شهادته على الأوضاع الاقتصادية الأمريكية أمام مجلس الشيوخ الأمريكي: “الاقتصاد قوي”، مؤكدًا أن “أوضاع سوق العمل تشهد تحسنًا كبيرًا”.
وأضاف أنه “لا داعي للعجلة في تغيير الموقف الحالي للسياسة النقدية”، مشيرًا إلى أن معدلات التضخم أصبحت أقرب من هدف البنك المركزي.
وأشار إلى أن “الفيدرالي يتعامل باهتمام بالغ مع المخاطر التي تحيط بشقي التكليف الرسمي المنوط به”، في إشارة إلى تحقيق الحد الأقصى من التوظيف واستقرار الأسعار.
وأكد بأول أن الموقف الحالي للسياسة النقدية جيد في ضوء المخاطر وانعدام اليقين، مرجحًا أن توقعات التضخم الفصلية قد تشير إلى استقرار المعدلات عند مستويات منخفضة.
وشدد على ضرورة أن يتفادى الفيدرالي “خفض الفائدة “بقدر كبير للغاية أو بسرعة كبيرة للغاية”. وذكر أن التحسن الحالي في أوضاع سوق العمل في الولايات المتحدة أصبح لا يشكل خطرًا على الاقتصاد.
وأشار باول إلى الحالات التي قد يتدفع بالبنك المركزي إلى خفض الفائدة، قائلا: “قد نخفض الفائدة إذا تدهورت أوضاع سوق العمل على غير المتوقع أو هبط التضخم بسرعة أكبر من المتوقع”.
وقال: “نحتاج إلى إحراز المزيد من التقدم على صعيد التضخم”، مضيفًا أن “الاقتصاد في حالة جيدة جدً”.
وأضاف: “معدلات الفائدة على الرهون العقارية تعتمد أكثر على مستويات عائدات سندات الخزانة أقل من ارتباطها بسياسة الفيدرالي”، مؤكدًا أنه لا يمكن التحكم معدلات فائدة المدى الطويل.
وتابع: “المخاطر على صعيد عجز الموازنة، وتوقعات التضخم تعتبر هي أيضًا من أهم محركات معدل الفائدة على المدى الطويل”.
بيانات التضخم الأمريكي

سجلت قراءات مؤشرات أسعار المستهلك الأمريكي ارتفاعًا فاق توقعات الأسواق الأربعاء في يناير الماضي بدفعة من ارتفاع أسعار الإسكان، والغذاء والطاقة، والارتفاع الحاد في أسعار السيارات المستعملة، وفقًا للبيانات الصادرة الأربعاء الماضي.
وارتفعت القراءة الشهرية لمؤشر أسعار المستهلك الأمريكي في يناير الماضي بـ0.5% مقابل القراءة المسجلة الشهر السابق عند 0.4%، وهو ما تجاوز توقعات السوق التي أشارت إلى 0.3%.
وارتفعت القراءة السنوية للمؤشر بـ3.00% في يناير الماضي مقابل قراءة نفس الشهر من العام الماضي التي سجلت 2.9%، وهو ما فاق توقعات السوق بارتفاع بنسبة 2.9%.
وعلى صعيد استبعاد مكونات الأسعار الأكثر تذبذبًا في أسعار المستهلك، سجل مؤشر أسعار المستهلك باستثناء أسعار الغذاء والطاقة بـ0.4% مقابل القراءة السابقة التي سجلت ارتفاعًا بـ0.2%، مما يشير إلى أرقام أعلى من توقعات السوق التي أشارت إلى 0.3%.
وارتفعت القراءة السنوية للمؤشر 3.3% الشهر الماضي مقابل قراءة نفس الشهر من العام الماضي التي سجلت 3.2%، مما يشير إلى تجاوز توقعات السوق التي أشارت إلى 3.1%.
وارتفعت القراءة الشهرية لمؤشر أسعار المنتجين الأمريكي في يناير الماضي بـ0.4% مقابل القراءة المسجلة الشهر السابق عند 0.5%، لكنه جاء أعلى من توقعات السوق التي أشارت إلى 0.3%.
وارتفعت القراءة السنوية للمؤشر بـ3.5% في يناير الماضي مقابل قراءة نفس الشهر من العام الماضي التي سجلت 3.3%، وهو ما فاق توقعات السوق بارتفاع بنسبة 3.3%.
وعلى صعيد استبعاد مكونات الأسعار الأكثر تذبذبًا في أسعار المنتجين، سجل المؤشر باستثناء أسعار الغذاء والطاقة ارتفاعًا بـ0.3% مقابل القراءة السابقة التي سجلت ارتفاعًا بـ0.4%، مما يشير إلى أرقام أعلى من توقعات السوق التي أشارت إلى 0.3%.
وارتفعت القراءة السنوية للمؤشر 3.6% الشهر الماضي مقابل قراءة نفس الشهر من العام الماضي التي سجلت 3.7%، مما يشير إلى تجاوز توقعات السوق التي أشارت إلى 3.3%.
وعلى الأرجح، توصل المستثمرون في أسواق المال العالمية إلى قناعة بأن مؤشرات أسعار المنتجين التي تستثني أسعار الغذاء والطاقة – الأكثر دقة من القراءات العامة للتضخم في هذه الفئة من الأسعار والتي تراجعت إلى مستويات أدنى من توقعات الأسواق – من شأنها أن تعزز المزيد من توقعات لجوء الفيدرالي إلى خفض الفائدة في الفترة الماضية.
أوبك والنفط
رغم تعرض النفط لخسائر أسبوعية الجمعة الماضية، ظهرت بوادر أمل في المزيد من الصعود في أسعار النفط العالمية، وفقًا لتوقعات وتقديرات منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، التي ألقت الضوء على استمرار ارتفاع معدلات الطلب على النفط في الفترة المقبلة.
وأبقت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) على تقديراتها للطلب العالمي لعاني 2015 و2026 دون تغيير عند 1.45 مليون برميل في هذا العام، و1.43 مليون برميل العام المقبل في تقريرها الصادر فر فبراير الجاري، وفقا للتقرير الصادر الثلاثاء الماضي.
وتوقعت أوبك أن يرتفع معدل استهلاك النفط على مستوى العالم في الفترة المقبلة، وهو ما يأتي على النقيض من تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية التي تتضمن أن الطلب العالمي على النفط وصل إلى ذروته في منطقة لا يتوقع أن يتخطاها إلى مستويات أعلى، مرجحة أنه قد يبدأ في التراجع نظرًا للإقبال على استخدام مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة.
وفي تقريرها الشهري، قالت أوبك إن “سياسات إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أضافت إلى انعدام اليقين في الأسواق،ـ وهو ما يرجح أن ينشأ عنه اضطرابات في قوى العرض والطلب قد لا تعكس الأوضاع الأساسية في سوق النفط العالمي”.

اليورو والمركزي الأوروبي
استفاد اليورو من التراجع في حركة سعر الدولار الأمريكي على مدار الأسبوع الماضي علاوة على تصريحات خرجت من أروقة البنك المركزي الأوروبي رجحت كفة الإبقاء على معدل الفائدة دون تغيير في الاجتماع المقبل للجنة السياسة النقدية.
وقال خواكيم ناجل، محافظ البنك المركزي الألماني وعضو مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي إن البنك المركزي ينبغي ألا يتعجل بالمزيد من خفض الفائدة لأن “خفض تكلفة الاقتراض لم يعد يحسن أو يحفز الاقتصاد”.
وأضاف: “كلما وصلنا بسرعة أكبر إلى معدل الفائدة المحايد، كلما زادت الحاجة إلى أن نتبع نهجًا تدريجيًا” في التعامل مع تحركات الفائدة.
وأشارت تقديرات صادرة عن البنك المركزي الألماني إلى أن معدل الفائدة المحايد، وهو المعدل الذي يُحسب في ضوء قراءات التضخم والنمو، بما يتراوح بين 1.8% و2.5%.
الأسبوع الجديد
تأتي نتائج اجتماع الفيدرالي في يناير الماضي على رأس أهم الأحداث التي تنتظرها الأسواق باهتمام بالغ هذا الأسبوع، والتي قد يكون لها أثرًا ملحوظًا على الأسواق نظرا لأن المستثمرين في الأسواق يلتمسون في تلك النتائج إشارات للمسار المستقبلي للسياسة النقدية.
لكن قد تكون النتائج هذه المرة أقل أهمية من ذي قبل، وذلك لأنها تأتي بعد شهادة رئيس مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول الأسبوع الماضي أمام مجلس الشيوخ الأمريكي. وجاءت هذه الشهادة لتشدد على ما جاء في خطاب الفيدرالي ورئيسه في اجتماع يناير الماضي.
كما يتحدث عدد من أعضاء مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي هذا الأسبوع، من بينهم باتريك هاركر، وماري دالي، وأوستان جلوسبي، وألبرتو مسالم.
وتصدر سلسلة مؤشرات مديري المشتريات الأمريكية بعض مؤشرات الإسكان في الولايات المتحدة، وهي مؤشرات جديرة بالمتابعة.