في الأول من يوليو 2025، أصبحت مدينة سينترا الخلابة في البرتغال مركز النقاش الاقتصادي العالمي، حيث استضاف منتدى البنك المركزي الأوروبي للسياسات المصرفية بعضاً من أكثر قادة البنوك المركزية نفوذاً في العالم. وكان من بينهم جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وكريستين لاجارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، وأندرو بيلي، محافظ بنك إنجلترا. وانضم إليهم كازو أويدا من بنك اليابان وتشانغ يونغ ري من بنك كوريا، حيث شاركوا في نقاش رفيع المستوى حول السياسة النقدية، متناولين قضايا ملحة مثل التضخم وعدم اليقين الجيوسياسي والاستقرار الاقتصادي. وقد وفر المنتدى، الذي يُشبَّه غالبًا بمؤتمر جاكسون هول التابع للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، منصة لهؤلاء القادة الماليين لمعالجة تعقيدات الاقتصاد العالمي المتقلب، مع متابعة تصريحاتهم عن كثب من قبل الأسواق وصناع السياسات في جميع أنحاء العالم.
ركزت الجلسة، التي أدارتها فرانسين لاكوا من بلومبرج، على موضوع “التكيف مع التغيير: التحولات الاقتصادية الكلية واستجابات السياسة”. افتتحت كريستين لاجارد النقاش بإبراز التقلبات المتزايدة في التضخم بسبب الصدمات العالمية مثل جائحة كوفيد-19 والتوترات الجيوسياسية، مثل غزو روسيا لأوكرانيا. وأكدت على ضرورة تحسين البنوك المركزية لأدواتها للحفاظ على استقرار الأسعار في بيئة غير متوقعة، مشيرة إلى أن التغيرات الهيكلية تجعل التضخم أكثر صعوبة في التنبؤ والسيطرة عليه. وأبرزت تصريحاتها نجاح البنك المركزي الأوروبي الأخير في تحقيق هدفه من التضخم، لكنها حذرت من أن الشكوك المستقبلية قد تعقد قرارات السياسة، داعية إلى التواصل الاستباقي مع الجمهور لإدارة التوقعات.
من جهته، اتخذ جيروم باول، الذي يواجه ضغوطاً داخلية من الإدارة الأمريكية لخفض أسعار الفائدة، نبرة حذرة. ووصف الاقتصاد الأمريكي بأنه “سليم بشكل عام”، لكنه أكد على أهمية انتظار بيانات أوضح قبل تعديل السياسة النقدية، خاصة في ضوء الضغوط التضخمية المحتملة من الرسوم الجمركية المقترحة في عهد الرئيس دونالد ترامب. وتناقض نهجه الحذر مع دعوات بعض زملائه في الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة مبكراً، مما يعكس الانقسامات الداخلية داخل الاحتياطي. وأشارت تعليقاته إلى التزام بمواصلة استقلالية الاحتياطي الفيدرالي مع التنقل بين التحديات السياسية والاقتصادية، حيث تنتظر الأسواق بفارغ الصبر إشارات حول تعديلات محتملة في أسعار الفائدة في وقت لاحق من عام 2025.
في الوقت نفسه، كرر أندرو بيلي التزام بنك إنجلترا بالتدرج في خفض أسعار الفائدة، معترفاً بتدهور سوق العمل في المملكة المتحدة لكنه أكد على الحاجة إلى اليقظة ضد التضخم المستمر. وتتماشى تصريحاته مع الشعور العام بين أعضاء الجلسة بأن على البنوك المركزية إعطاء الأولوية لاستقرار الأسعار، حتى لو كان ذلك على حساب النمو الاقتصادي قصير الأجل. وشمل النقاش، الذي حضره اقتصاديون وقادة الأسواق المالية وأكاديميون، مساهمات من أويدا وري، اللذين تناولا التحديات الفريدة في اليابان وكوريا على التوالي. وأبرز منتدى سينترا، الذي تم بثه مباشرة وتلقى تغطية واسعة، التوازن الدقيق الذي يجب أن تحققه البنوك المركزية في عالم يشهد تحولات اقتصادية كلية سريعة، حيث ستشكل قراراتهم الأسواق العالمية في الأشهر القادمة.
