ظهرت في الفترة الأخيرة جهود صينية روسية تستهدف إزاحة الدولار الأمريكي من على عرش العملات العالمية، وهي الجهود التي يبدو أنها بدأت تؤتي ثمارها في الفترة الأخيرة في شكل تحول كميات كبيرة من التعاملات الدولية للصين إلى اليوان الصيني بدلا من الدولار الأمريكي.
وشهدت مشتريات الصين باليوان من السلع الروسية زيادة ملحوظة على مدار العام الماضي إلى حدٍ أصبحت جميع المشتريات الصينية من النفط والفحم والمعادن الروسية تقريبا تنفذ في إطار تعاملات باليوان الصيني.
وبلغ إجمالي المدفوعات الصينية إلى روسيا مقابل مشتريات منتجات الطاقة والسلع والمعادن حوالي 88 مليار دولار منذ غزو روسيا لأوكرانيا.
وأثارت تلك الزيادة مخاوف حيال أن يؤدي الاستغناء التدريجي عن الدولار الأمريكي من قبل ثاني أكبر اقتصادات العالم إلى انضمام المزيد من الدولار إلى هذا الاتجاه سواء في التعاملات مع روسيا أو غيرها من الدول التي تعاني من عقوبات دولية أو أمريكية أو كلاهما بهدف توفير إمكانية لإجراء التعاملات المالية الدولية.
كما أثار هذا الحجم الكبير للصادرات الروسية إلى الصين باليوان مخاوف حيال إنضمام المزيد من الدول إلى “تكتل الرينيمبي” – وهو اسم آخر للعملة الصينية – وهو تكتل من دول آسيا، خاصة بعد أن رأت هذه الدول الأثر القوي الي يقع على عاتق الاقتصاد الروسي جراء العقوبات الأمريكية.
وتشهد الفترة الأخيرة تطورات على صعيد الدور الذي تلعبه عملات روسيا وعدد من دول آسيا، في مقدمتها الصين، إذ اعتمدت موسكو اليوان الصيني كعملة لتلقي المدفوعات مقابل النفط وغيره من السلع الروسية.
في غضون ذلك، تبذل بكين جهودا لتدويل عملتها على حساب الدولار الأمريكي في الفترة الأخيرة رغم التحكم في رؤوس الأموال الذي يتوقع أن يحول دون أن يحتل اليوان الصيني مكانة دولية كبيرة.
ففي مارس الماضي، أصبح هو العملة الأكثر استخداما في تنفيذ التعاملات الخارجية في الصين إلى حد دفع بالعملة المحلية إلى التفوق على الدولار في إجراء تلك التعاملات.
يأتي ذلك على الرغم من أن اليوان الصيني يستخدم كعملة دولية في 2.5% من التعاملات على مستوى العالم مقابل 39.4% للدولار الأمريكي و35.8% لليورو، وفقا لجمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك (SWIFT).
ورغم أنه طويل على المدى الطويل يطرأ على وضعية ومكانة الدولار الأمريكي الدولية، إلا أنها لا تزال تشكل خطرا على العملة الأمريكية نع كل تقرير يصدر عن هذه القضية نظرا لما تنطوي عليه من خطر على العملة الأمريكية التي تُعد عملة المدفوعات الدولية، وعملة الاحتياط، وعملة الملاذ الآمن الأولى على مستوى العالم.
ورغم أن الصين قد بدأت جهود تدويل عملتها منذ أكثر من عشر سنوات، تقتصر التعاملات الصينية الدولية باليوان على واردات بكين من السلع الأساسية مثل النفط، والغاز الطبيعي، والنحاس، والفحم وغيرها من العملات التي تُسعر في الأساس بالدولار الأمريكي.
وبدأ نمو الاتجاه إلى سداد مقابل النفط والغاز والمعادن الروسية التي تصدر إلى الصين باليوان الصيني العام الماضي عندما فرضت قوى الغرب عقوبات لغزوها أوكرانيا في فبراير 2022، وهي العقوبات التي طالت صادرات النفط الروسي التي تعتمد عليها موسكو كمصدر أساسي لتوفير الاحتياجات التمويلية. شهدت الصادرات الروسية من النفط والفحم والألومنيوم إلى الصين بواقع 52% في 2022.
وشهدت التسويات المالية الدولية للواردات الروسية باليوان الصيني ارتفاعا إلى 23% في نهاية 2022 مقارنة بـ 4.00% من إجمالي تلك التسويات في العام السابق، وفقا للبنك المركزي الروسي.
وقال ألكسندر نوفاك، نائب رئيس وزراء روسيا، إن موسكو سوف تستمر في قبول المزيد من المدفوعات مقابل صادرات منتجات الطاقة باليوان الصيني والروبل الروسي في إطار مساعي للتقليل من الاعتماد على الدولار الأمريكي واليورو.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن ثلثي التعاملات التجارية بين بكين وموسكو تتم تسويتها بالروبل الروسي واليوان الصيني.