تحكمت عدة عوامل في أسواق المال العالمية على مدار أسبوع التداول من 17 إلى 21 أكتوبر الجاري أدت في مجملها إلى تحسن في شهية المخاطرة في أسواق المال العالمية.
وانعكس هذا التفاؤل، الذي يرجع للبيانات الاقتصادية وتوقعات موقف السياسة النقدية للفيدرالي وتوالي الأحداث السياسية الهامة في الملكة المتحدة والتدخل في سعر الصرف في اليابان، على حركة سعر الأصول المتداولة في أسواق المال العالمية في شكل ارتفاع في تعامل الأسهم الأمريكية.
كما تراجع الدولار الأمريكي وتعرض لخسائر أسبوعية في نهاية نفس الفترة بينما ارتفعت عائدات سندات الخزانة الأمريكية في نهاية الأسبوع الماضي. كما ارتفعت العقود الآجلة للذهب.
وكان لتقارير الأرباح الإيجابية دورا كبيرا في تحسن شهية المخاطرة في أسواق المال العالمية، إذ عكست تجاوز أرباح وإيرادات الشركات المدرجة في مؤشرات البورصات العالمية الأرقام التي أشارت إليها توقعات الأسواق.
حققت الأسهم الأمريكية ارتفاعات أسبوعية بعد تحسن شهية المخاطرة على مدار الأسبوع الماضي اعتمادا على تقارير الأرباح الإيجابية، وبيانات إيجابية أيضا، وظهور إشارات إلى إمكانية إبطاء الفيدرالي من وتيرة رفع الفائدة.
وحقق داو جونز ارتفاعا أسبوعيا بواقع 5.00% مع مكاسب أسبوعية لمؤشر ستاندردز آند بورس500 بنفس النسبة وصعود ناسداك للصناعات التكنولوجية الثقيلة إلى مستويات تعكس ارتفاعات أكبر.
وذكر تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال أن هناك من بين أعضاء مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي من لديهم رغبة في أن يخفض البنك المركزي الفائدة بـ 50 نقطة فقط.
وكانت التقارير عن خطط صانعي السياسة النقدية في الفيدرالي لدعم رفع أقل للفائدة وراء حالة من الارتياح التي انعكست إيجابيا على أًول المخاطرة في مقدمتها الأسهم الأمريكية، وهو ما وضع الدولار الأمريكي تجت ضغط قوي في الاتجاه الهابط.
وارتفعت مطالبات إعانات لبطالة الأسبوعية في الولايات المتحدة إلى 214 ألف مطالبة في الأسبوع المنتهي في 14 أكتوبر الجاري، وهو ما يشير إلى ارتفاع أقل من القراءة السابقة والتوقعات التي أشارت إلى 226 ألف مطالبة و230 ألف مطالبة على الترتيب.
لكن إجمالي المستفيدين من إعانات البطالة الأمريكية إلى 1.385 مليون مستفيد مقابل القراءة السابقة التي سجلت 1.364 مليون مستفيد، وهو ما جاء أعلى من التوقعات التي أشارت إلى 1.375 مليون مستفيد.
وأظهر مؤشر فيلادلفيا التصنيعي تحسنا إلى 8.7- نقطة مقابل القراءة السابقة التي سجلت 9.9- نقطة، وهو ما جاء أدنى من التوقعات التي أشارت إلى تحسن أكبر عند 5.00- نقطة.
وتراجعت مبيعات المنازل الكائنة في الولايات المتحدة في سبتمبر الماضي إلى 4.71 مليون وحدة مقابل القراءة السابقة التي سجلت 4.78 مليون وحدة، لكن هذا التراجع جاء أفضل من توقعات السوق الذي سجل 4.7 مليون وحدة.
الذهب يرتفع مع عائدات السندات الأمريكية
أنهت عائدات سندات الخزانة الأمريكية تعاملات الأسبوع (17 – 21 أكتوبر 2022) في الاتجاه الصاعد، محققة مكاسب دفعا بها إلى مستويات أعلى من 4.2% بدفعة من تقارير الأرباح الإيجابية وتقدم عكسته دفعات من البيانات الأمريكية.
وختمت عائدات سندات الخزانة الأمريكية تعاملات الأسبوع المنتهي في 21 أكتوبر الجاري عند 4.228% مقابل الإغلاق الأسبوعي الماضي الذي سجل 4.000%. وبلغت العائدات أدنى مستوى لها في أسبوع التداول المنقضي عند 3.990% مقابل أعلى المستويات الذي سجل 4.383%.
وارتفعت أرباح شركة تيسلا، عملاق صناعة السيارات الكهربائية، إلى 1.05 دولار للسهم في الربع الثالث من 2022 مقابل التوقعات التي أشارت إلى 99 سنت للسهم.
لكن إيرادات الشركة هبطت إلى 21.45 مليار دولار في نفس الفترة مقابل التوقعات التي أشارت إلى 21.96 مليار دولار.
ولم يشهد صافي دخل الشركة العملاقة أي تغيير في الربع الثالث من العام الجاري ليتوقف عند 3.33 مليار دولار بارتفاع بواقع 27.9%، وهو نفس الرقم المسجل في نفس الفترة من العام الماضي.
كما عكست البيانات الأمريكية تحسنا في قطاعي التصنيع والإسكان وسوق العمل في الولايات المتحدة، وهو ما أدى إلى المزيد من التفاؤل ودفع بعائدات السندات الأمريكية نحو تحقيق مكاسب قياسية.
وأنهى الدولار الأمريكي تعاملات أسبوع التداول (17 – 21 أكتوبر 2022) بخسائر متأثرا بالتحسن الكبير في شهية المخاطرة في الأسواق نظرا لنفس العوامل التي دفعت بالعائدات على سندات الخزانة الأمريكية إلى أعلى.
وكانت الضغوط التي يعاني منها الدولار الأمريكي في الاتجاه الهابط وراء المكاسب الأسبوعية التي حققتها العقود الآجلة للذهب، إذ يربط المعدن النفيس علاقة عكسية بالدولار الأمريكي.
الإسترليني واستقالة تراس
كان أسبوعا حافلا بالأحداث الهامة في المملكة المتحدة، مما يجعل فهم العوامل التي تحكمت في حركة سعر الإسترليني في تلك الفترة أمرا ينطوي على قدر كبير من الصعوبة.
وسوف نحاول التطرق إلى الأسباب وراء المكاسب الأسبوعية للعملة البريطانية في الفترة من 17 إلى 21 أكتوبر الجاري.
وأعلنت ليز تراس، رئيسة وزراء بريطانيا، استقالتها من منصبها الخميس الماضي بعد ستة أسابيع فقط من تولي رئاسة الوزراء. وتقدمت الأجندة الاقتصادية للحكومة الجديدة في المملكة المتحدة قائمة العوامل التي دفعت بتراس إلى هذا القرار.
وكان رد فعل الإسترليني إيجابيا على مدار يوم التداول المنقضي، إذ استمرت العملة في الصعود مقابل الدولار الأمريكي وأنهى زوج الإسترليني دولار تعاملاته في الاتجاه الصاعد.
كان الإسترليني من أكبر الرابحين في سوق العملات العالمية (فوركس) في ختام تعاملات الخميس، وهو ما جاء نتيجة رؤية تبناها المستثمرون في الأسواق، خاصة ثيران الإسترليني، تتضمن أن استقالة رئيسة الوزراء لحالية يُعد بداية لمرحلة أكثر وضوحا ينتقل إليها المشهد السياسي في البلاد بعد مرحلة كانت حافلة بالانقسام السياسي في البلاد حتى بين أعضاء الحزب الحاكم وبعضهم البعض.
الين والتدخل في سعر الصرف
حقق الين الياباني ارتفاعا أسبوعيا في الفترة من 17 إلى 21 أكتوبر الجاري معتمدا على التكهنات بأن وزارة المالية اليابانية قد تدخلت لدعم العملة بعد الانهيار الذي تعرضت له في الفترة الأخيرة.
ورجحت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية أن السطات اليابانية قد تكون تدخلت في سعر الصرف لدعم الين الياباني بمشتريات تقدر بحوالي 30 مليار دولار الأسبوع الماضي في إطار ما يمكن وصفه بالتدخل الثاني على التوالي في شهر.
وأشارت الصحيفة إلى أن تلك التدخلات استهدفت دعم العملة اليابانية بعد تراجعه مقابل الدولار الأمريكي إلى أدنى المستويات في 32 سنة.
واستشهدت فاينانشال تايمز على ما ترجحه – من تكهنات تدخل وزارة المالية اليابانية في سعر صرف العملة – ببتصريحات لرئيس وزراء اليابان فوميو كشيدا، أثناء زيارة قام بها إلى أستراليا: “سوف نتخذ الإجراءات المناسبة للتعامل مع التذبذب المفرط في سوق العملات”.
وأضاف: “لا يمكننا لسماح بأن يتسبب التذبذب المفرط إلى ممارسات المضاربة، ونواصل متابعة التطورات في سوق العملات بإحساس بقدر كبير من الاهتمام”.
خسائر أسبوعية للنفط
أنهت العقود الآجلة للنفط الأسبوع (17 – 21 أكتوبر 2022) بخسائر بعد أن بدأ زخم تراجع الصعود الذي دفع بالخام الأسود في الفترة الأخيرة في لاتجاه الصاعد علاوة على تصريحات من جانب أعضاء في مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي أشاروا خلالها إلى أن البنك المركزي يسعى إلى الإبطاء من وتيرة النمو، وارتفاع عدد منصات الحفر الأمريكية للنفط للأسبوع الثاني على التوالي، وقرارات الرئيس الأمريكي جو بايدن التي تضمنت سحب ملايين البراميل من الاحتياطيات الاستراتيجية الأمريكية من النفط.
وأعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن الأربعاء الماضي حزمة من الإجراءات تستهدف خفض أسعار الوقود في الولايات المتحدة بعد أن أصبح الارتفاع الحاد في أسعار الوقود من الهموم العامة التي تشغل الأمريكيين على مدار اليوم.
وتضمنت الحزمة الجديدة سحب 15 مليون برميل من الاحتياطيات الاستراتيجية الأمريكية للنفط في ديسمبر.
وقال باتريك هاركر، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا، الخميس الماضي إنه لمحاربة التضخم، يحاول بنك الاحتياطي الفيدرالي إبطاء الاقتصاد وسيواصل رفع معدل الفائدة المستهدف على المدى القصير.
وحقق عدد منصات الحفر الأمريكية ارتفاعا محدودا بواقع منصتين فقط، وفقا للبيانات الصادرة الجمعة عن عملاق خدمات مواقع إنتاج وحقول النفط في الولايات المتحدة بيكر هيوز.
وارتفع عدد منصات الحفر في قطاع النفط بواقع منصتين فقط إلى 612 منصة مقابل الأرقام المسجلة الأسبوع الماضي عند 610 منصة.
الأسبوع المقبل
يشهد الأسبوع المقبل إصدار ثلاثة من البنوك المركزية الرئيسية قرارات الفائدة، هي البنك المركزي الأوروبي، وبنك كندا، وبنك اليابان.
كما يُكشف النقاب عن عدد كبير من النتائج المالية للربع الثالث من 2022، وتكمن أهمية تقارير أرباح الأسبوع المقبل في أنها تلقي الضوء على عمالقة التكنولوجيا.
وتعلن تقارير الأرباح للربع الثالث من العام الجاري شركات تكنولوجيا عملاقة من بينها ميكروسوفت، وأبل، وألفابيت، وفيزا، وكوكا كولا، ونوفارتس، وجنرال موتورز، ومؤسسة موديز، ويو بي إٍس، تويتر.
وهناك أيضا دفعات من البيانات الاقتصادية التي يتوالى ظهورها على مدار الأيام الخمسة المقبلة التي تتضمن النمو وثقة المستهلك والإنفاق والدخل الشخصي في الولايات المتحدة. وتظهر سلسلة مؤشرات مديري المشتريات في منطقة اليورو والمملكة المتحدة الأسبوع المقبل أيضا.
وتظهر مؤشرات مديري المشتريات وتضخم أسعار المستهلك في أستراليا علاوة على الناتج المحلي الإجمالي في كندا.