نور تريندز / التقارير الاقتصادية / ماذا يحدث في سوق السندات السيادية؟
عائدات سندات الخزانة الأمريكية
عائدات السندات الأمريكية تواصل الصعود وسط ترقب المستثمرين قرار الفيدرالي

ماذا يحدث في سوق السندات السيادية؟

تراجعت سندات الخزانة الأمريكية بشكل ملحوظ مع دخول الشهر الأخير من هذا العام، وذلك في ظل موجة بيع عالمية شهدتها أسواق السندات الحكومية.

وجاء هذا الهبوط بدفعة من إصدارات سندات الشركات بشكل بكميات كبيرة، مما يعكس تحسن الأوضاع المالية، إلى جانب توقعات متزايدة بخفض الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي.

وارتفعت العائدات على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات بحوالي خمس نقاط أساس لتسجل أعلى مستوياتها في أكثر من أسبوع.

وتزايدت وتيرة الصعود خلال جلسة الثلاثاء في الولايات المتحدة، إذ قادت السندات طويلة الأجل الحركة وأنهت التداول بارتفاع يقارب ثماني نقاط أساس.

جاء ذلك بعد أن أعلنت شركة ميرك آند كو عن أكبر إصدار ضمن سلسلة من الطروحات التي بلغت قيمتها الإجمالية 15.8 مليار دولار.

إلى جانب منافستها سندات الخزانة على السيولة، تعكس قوة إصدارات السندات شركات تحسن الأوضاع المالية، وهو ما يرتبط جزئيًا بخفض الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي وصعود الأسهم الأمريكية.

وأكد خبراء جولدمان ساكس أن مؤشر الأوضاع المالية الأمريكية “شهد تيسيرًا ملحوظًا خلال العام، بما في ذلك انخفاضًا بمقدار 25 نقطة أساس خلال الأسبوع الماضي”.

في الوقت نفسه، ارتفعت التوقعات بأن يقوم الفيدرالي بخفض الفائدة مجددًا الأسبوع المقبل، رغم اعتراض بعض صانعي السياسة الذين يخشون من استمرار التضخم فوق المستوى المستهدف من قبل البنك المركزي المحدد بـ2.00%.

ويرجح أن توقعات التضخم قد تكون صاحبة نصيب الأسد من الأثر السلبي الذي تعرضت له عائدات السندات الأمريكية طويلة الأجل. فخفض الفائدة بينما التضخم لا يزال فوق الهدف لا يزال محل جدل.

ماذا فعلت ميرك آند كو؟

استأنف خبراء بنك أوف أمريكا توقعاتهم بخفض الفائدة في اجتماع 10 ديسمبر، استنادًا إلى بيانات التوظيف لشهر سبتمبر التي صدرت متأخرة في 20 نوفمبر، وأظهرت ارتفاع معدل البطالة إلى نحو 4.5%.

كما دعم رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك جون ويليامز المزيد من التيسير في ظل مؤشرات ضعف سوق العمل.

وشهدت الأسواق أيضًا بيانات اقتصادية ضعيفة الاثنين، إذ تراجع مؤشر خاص بالقطاع الصناعي الأمريكي بشكل مفاجئ، وانخفض مكون التوظيف فيه، مما أبطأ وتيرة بيع سندات الخزانة.

وقاد إصدار شركة ميرك آند كو بقيمة 8 مليارات دولار قائمة من ثمانية مقترضين، وهي أول إصدارات منذ توقف النشاط قبيل عطلة عيد الشكر في الولايات المتحدة.

وبلغت حصيلة هذه الإصدارات نحو 16 مليار دولار، أي ما يعادل ثلاثة أرباع التوقعات الأسبوعية البالغة 20 مليار دولار. وبشكل عام، جمعت الشركات 1.55 ترليون دولار عبر إصدارات السندات خلال العام حتى نوفمبر.

وساعدت عائدات سندات الخزانة على تسهيل هذه الإصدارات، إذ انخفض العائد على السندات لأجل عشر سنوات إلى ما دون 4.000% في بعض الفترات خلال الشهرين الماضيين، وكان آخرها الأسبوع الماضي بعد تصريحات وليامز التي أشار فيها إلى إمكانية خفض الفائدة مجددًا قريبًا.

ويعمل صانعو السياسة النقدية في الولايات المتحدة وسط نقص في البيانات نتيجة توقف الحكومة لمدة ستة أسابيع، مما أدى إلى تأجيل نشر مؤشرات اقتصادية رئيسية.

رغم ذلك، يدعم المتداولون احتمالًا بنسبة 80.00% لخفض الفائدة الأسبوع المقبل، وهو سيكون الخفض الثالث هذا العام.

وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه اختار بالفعل خليفة لرئيس الفيدرالي جيروم باول، الذي تنتهي ولايته في مايو المقبل، بعد أن انتقده طوال العام لعدم خفض الفائدة بما يكفي.

وأشارت تقارير إلى أن مدير المجلس الاقتصادي الوطني في البيت الأبيض كيفن هاسيت أصبح المرشح الأوفر حظًا.

وعلى الصعيد العالمي، كانت السندات الحكومية تحت ضغط بالفعل قبل بدء التداول في الولايات المتحدة، إذ ارتفع العائد على السندات اليابانية لأجل عشر سنوات إلى أعلى مستوى منذ عام 2008، وسط توقعات برفع بنك اليابان أسعار الفائدة هذا الشهر.

كما ارتفعت تكاليف الاقتراض لأجل عامين في اليابان، وهي الأكثر حساسية للتغيرات في السياسة النقدية، لتتجاوز 1% لأول مرة منذ 17 عامًا.

الفائدة اليابانية

جاء هذا التحرك مدفوعًا بتصريحات محافظ بنك اليابان كازو أويدا التي عززت احتمالات رفع الفائدة، حيث ارتفعت توقعات الأسواق لاحتمال اتخاذ القرار في اجتماع 19 ديسمبر إلى نحو 80.00%، مقارنة بأقل من 25% قبل أسبوع واحد فقط.

,يبقى المستثمرون في سندات الخزانة الأمريكية شديدي الحساسية تجاه سياسة بنك اليابان، نظرًا لدوره في التحكم بتدفقات السيولة العالمية بالين.

وقد يؤدي ارتفاع الفائدة في اليابان إلى جذب المستثمرين المحليين للاحتفاظ بمزيد من الأموال في السندات الحكومية اليابانية بدلًا من الأصول ذات العائدات المرتفعة في الخارج مثل سندات الخزانة الأمريكية.

بهذا، وجدت سندات الخزانة الأمريكية نفسها تحت ضغط مزدوج. فمن جهة، هناك زيادة قوية في إصدارات السندات الشركات التي تعكس تحسن الأوضاع المالية، ومن جهة أخرى، توقعات خفض الفائدة الأمريكية وتغيرات السياسة النقدية في اليابان.

وبينما يترقب المستثمرون قرار الفيدرالي في ديسمبر، تبقى الأسواق العالمية في حالة توتر مع استمرار تقلبات العائدات وتزايد المخاطر المرتبطة بالتضخم والسياسات النقدية المتباينة.

تحقق أيضا

نور كابيتال – التحليل الفني الأسبوعي – شاشة سي ان بي سي عربية – 22 ديسمبر 2025