يتوقع أن يكون لقرار وكالة موديز بخفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة عواقب وخيمة على أموال المستثمرين في الأسواق.
وكان خفض التصنيف الائتماني للدين الأمريكي من أهم العوامل التي وقفت وراء الارتفاع الكبير الذي شهدته عائدات السندات الأمريكية في الساعات الأولى من تعاملات الفترة الأمريكية الاثنين.
وجاء هذا الارتفاع بسبب ميل كبير من قبل المستثمرين في أسواق المال العالمية إلى التخلص من سندات الخزانة الأمريكية التي تراجع تصنيفها، وهو ما انعكس إيجابيًا على عائدات السندات الأمريكية التي تستفيد من هبوط قيمة هذه السندات.
وارتفعت عائدات السندات الأمريكية لأجل عشر سنوات إلى مستويات أعلى من 5.00% في حين تجاوزت عائدات سندات الخزانة الأمريكية مستوى 4.50%.
لكن بعد استيعاب المستثمرين ما حدث، هدأت المخاوف حيال هذا الخفض، مما أدى إلى عودة المستثمرين إلى شراء سندات الخزانة الأمريكية. وأدى ذلك إلى ارتفاع قيمة هذه الأوراق المالية التي تربطها علاقة عكسية بين القيمة والعائدات.
وترتبط عائدات السندات الأمريكية بالعديد من المنتجات المالية للمستهلك مثل الفائدة على الرهون العقارية. وقد يكون من الصعب للغاية تفادي الأثر الذي تخلفه التقلبات العنيفة في هذه العائدات.
خفض التصنيف الأمريكي
وخفضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني تصنيف الولايات المتحدة بدرجة واحدة إلى “Aa1” مقابل التصنيف السابق الذي سجل “Aaa”، وهو ما قالت الوكالة إنه يأتي بسبب ارتفاع مستويات الدين الأمريكي والفائدة الأمريكية التي “تسجل مستويات أعلى بكثير من نظيراتها من الأوراق المالية السيادية”.
في هذا السياق، أشارت الوكالة إلى العبء المتزايد لعجز موازنة الحكومة الفيدرالية في الوقت الذي يتوقع أن تؤدي فيه محاولات تحويل الإعفاءات الضريبية المؤقتة التي أقرها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في فترة ولايته الأولى إلى إعفاءات دائمة إلى زيادة الدين الفيدرالي بتريليونات الدولارات.
كما يرتبط خفض التصنيف الائتماني بارتفاع تكلفة الإقراض لأنه عندما تنطوي أصول مملكة لدولة ما على قدر أكبر من المخاطرة الائتمانية، سوف يحرص المستثمرون على أن يتلقوا عائدات أعلى بكثير من المعتاد تعويضًا لهم عما يتحملونه من مخاطرة عالية.
كما يأتي خفض التصنيف الائتماني للدين الأمريكي وسط استمرار مخاوف التعريفة الجمركية الأمريكية التي يتوقع، حال تنفيذها بنسب مرتفعة بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين، أن تضيف المزيد من الضغوط التضخمية إلى المشهد بالإضافة إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي، وهو ما قد يدخل بالاقتصاد في دوامة الركود التضخمي التي عندما تجتمع مع تكلفة اقتراض مرتفعة، قد يؤدي ذلك إلى أزمة لا يمكن تداركها.
ولا تزال التحذيرات من التعريفة الجمركية مستمرة، إذ ظهرت على ألسنة عدد من أعضاء مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي في مقدمتهم رئيس المجلس جيروم باول.
التصنيف والمستهلك
عندما يتراجع التصنيف الائتماني قد يواجه المستهلك الأمريكي زيادة في تكلفة الاقتراض بصفة عامة، والتي قد تترجم إلى ارتفاع في الفائدة على الرهون العقارية، وبطاقات الائتمان، والقروض الشخصية، وهو ما يحدث بشكل طبيعي عندما تتراجع الثقة في الأوضاع الائتمانية الأمريكية، وهو ما تحقق بالفعل عقب الإعلان عن خفض التصنيف الأمريكي.
يُذكر أن وكالة موديز كانت هي الأخيرة بين وكالات التنصيف الائتماني التي تحتفظ بتصنيف الدين الأمريكي “Aaa”، إذ خفته وكالة ستاندردز آند بورس500 أغسطس 2011 بينما خفضته وكالة فيتش للتصنيف الائتماني في أغسطس 2023.