يواصل النفط الصعود منذ مستهل التعاملات اليومية الأربعاء استكمالًا للاتجاه الصاعد القوي الذي تغذيه تطورات على صعيد المشهد السياسي في الولايات المتحدة، مخزونات النفط الأمريكية، والتوترات في الشرق الأوسط علاوة على التحسن في شهية المخاطرة في الأسواق.
وأعلن دونالد ترامب فوزه بنفسه في انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024 وهزيمة منافسته كامالا هاريس، وذلك بعد حسمه السباق الرئاسي في عدد من الولايات المتأرجحة. لكن لم يعلن أي مصدر آخر سوى حملة ترامب هذا الفوز.
وتمكن الجمهوريون من الفوز بأغلبية مقاعد مجلس الشيوخ الأمريكي بعد أن سحب البساط من تحت أقدام الديمقراطيين والاستيلاء على أغلب المقاعد التي كانوا يسيطرون عليها في فرجينيا الغربية وأوهايو.
ولم يحقق أي من الحزبين تقدما واضحا في المعركة للسيطرة على مجلس النواب حيث يتمتع الجمهوريون في الوقت الراهن بأغلبية ضئيلة، وهو ما يبقي المجلس التشريعي معلقًا بعد فشل كلا الحزبين في تحقيق الأغلبية.
وتقوم سياسات ترامب الاقتصادية على فرض المزيد من التعريفات الجمركية واعتماد المزيد من الإعفاءات الضريبية للأسر والشركات، وهو ما يجعل هذه السياسات صديقة للأعمال، ومن ثم يرى كثيرون أنها جيدة للاقتصاد الأمريكي.
وظهرت بيانات حكومية لمخزونات النفط الأمريكية لتلقي الضوء على ارتفاع في مخزونات النفط بواقع 515 ألف برميل في الأسبوع المنتهي في 25 أكتوبر الجاري مقابل الارتفاع البالغ حوالي عشرة أضعاف هذا الرقم في الأسبوع السابق بواقع 5.470 مليون برميل، وهو ما جاء أقل بكثير من التوقعات التي أشارت إلى ارتفاع بـ2.300 مليون برميل.
وأشارت البيانات الصادرة عن المعهد الأمريكي للدراسات النفطية إلى تراجع في مخزونات النفط الخام والجازولين في الولايات المتحدة. وهبطت مخزونات النفط الخام الأمريكية باقع 573000 برميل في الأسبوع المنتهي في 25 أكتوبر الجاري في حين هبطت مخزونات الجازولين بحوالي 282000 برميل مع تراجع مشتقات النفط بحوالي 1.46 مليون برميل في نفس الفترة، وفقًا للبيانات الصادرة الثلاثاء الماضي.
وارتفعت العقود الآجلة للنفط إلى 72.20 دولار للبرميل مقابل الإغلاق المسجل في الجلسة الماضية عند 71.81 دولار للبرميل. وهبطت عقود الخام الأمريكي إلى أدنى مستوى لها في يوم التداول الثلاثاء عند 72.25 دولار مقابل أعلى المستويات الذي سجل 71.89 دولار.
التوترات الجيوسياسية
أسهم استمرار التوترات في الشرق الأوسط فيما حققه النفط من ارتفاع، إذ قالت مصادر أمنية لبنانية إن إسرائيل شنت هجمات مكثفة على مدينة بعلبك شمال شرق بيروت، وقرى محيطة بها في سهل البقاع بشرق لبنان، بعد أن أصدر الجيش الإسرائيلي أمر إخلاء للمدينة وضواحيها.
وأعلنت لجنة الطوارئ اللبنانية أنه خلال الـ 24 ساعة الماضية، سُجلت 101 غارة جوية إسرائيلية على مناطق مختلفة من لبنان، معظمها في الجنوب و النبطية و بعلبك.
وأفادت مصادر لبنانية بأن إحدى الغارات استهدفت محيط مستشفى دار الأمل في بعلبك.
ونقلت مصادر لبنانية عن وزارة الصحة وقوع 9 قتلى بينهم أطفال و11 جريحاً جرّاء قصف الطيران الإسرائيلي منازل المواطنين في بلدة بدنايل بالبقاع شرق لبنان.
وشنت إسرائيل غارة جوية على بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة الثلاثاء الماضي، مما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات مع عدد من الفلسطينيين أصبحوا في عداد المفقودين علاوة على خسائر مادية لحقت بالبلدة، وهو ما أعاد شبح تصاعد توترات الشرق الأوسط إلى أسواق النفط العالمية من جديد وأدى إلى معاودة النفط الارتفاع.
الهبوط المرن
ظهرت دفعات من البيانات الأمريكية الأربعاء رجحت إمكانية تحقق سيناريو الهبوط المرن على الأرض، إذ ألقت الضوء على تحسن كبير في أوضاع سوق العمل وتقدم ملحوظ على صعيد مكافحة الفيدرالي للتضخم.
وارتفع الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة في الربع الثالث من العام الجاري بـ2.8% مقابل القراءة المسجلة في نفس الفترة من العام الماضي التي سجلت 3.00%، وهو ما جاء من التوقعات التي أشارت إلى ارتفاع بـ3.00%.
كما ارتفع مؤشر التغير في توظيف القطاعات غير الزراعية في الولايات المتحدة الصادر عن الإدارة الأمريكية للمعالجة الإلكترونية للبيانات (ADP) إلى 233000 وظيفة في أكتوبر الجاري مقابل القراءة السابقة التي سجلت 159000 وظيفة، وهو ما جاء أعلى من توقعات الأسواق التي أشارت إلى ارتفاع بما لا يتجاوز 115000 وظيفة.
كما ارتفع مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي، الذي يُعد الأفضل والأكثر اعتمادية ومصداقية لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي بين مؤشرات التضخم، إلى 1.5% في الربع الثالث من 2024 مقابل القراءة السابقة التي سجلت 2.5%، وهو ما جاء تحت الرسمي للتضخم المحدد من قبل البنك المركزي مما يُعد من التطورات الإيجابية التي تصب في صالح شهية المخاطرة ومن ثم ارتفعت الأسهم في وول ستريت.
وارتفعت قراءة مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي باستثناء أسعار الغذاء والطاقة بـ2.2% في الربع الماضي من هذا العام مقابل القراءة المسجلة في نفس الفترة من العام الماضي عند 2.8%، وهو ما فاق توقعات السوق إلى حد ما بعد أن كانت تشير إلى 2.1%.
وكانت هذه البيانات من أهم الأسباب التي تقف وراء تحسن في شهية المخاطرة في أسواق المال، مما أدى إلى المزيد من زخم الصعود في الفترة الأخيرة. ومن المتعارف عليه أن النفط من أهم أصول المخاطرة في أسواق المال العالمية.