ارتفعت أسعار الفضة أثناء تعاملات الاثنين بدفعة من توافر عدة عوامل تؤدي في مجملها إلى ارتفاع مستويات الطلب على هذا المعدن الأبيض، من بينها كونها من المعادن النفيس، وكونها رخيصة السعر، ولأن استخداماتها الصناعية كثيرة.
وارتفعت الفضة إلى 38.95 دولار للأونصة مقابل الإغلاق اليومي الماضي الذي سجل 38.14 دولار للأونصة.
وهبط المعدن النفيس إلى أدنى مستوى له في يوم التداول الاثنين عند 38.11 دولار مقابل أعلى المستويات الذي سجل 39.05 دولار للأونصة.
وهناك مئات الملايين من الناس حول العالم يؤمنون بحكمة الاستثمار في المال الحقيقي — أي الذهب والفضة — ولكنهم لا يستطيعون شراء حتى أونصة واحدة من الذهب. ومع اقتراب سعر الذهب من 2500 دولار للأونصة، فإن امتلاك أونصة واحدة أصبح خارج نطاق القدرة المالية لغالبية سكان العالم.
لذا تمثل الفضة، والتي يبلغ يقترب سعرها من 40 30 دولار للأونصة، خيارًا استثماريًا في المعادن النفيسة أكثر قدرة على التحمل.
لذلك، من الطبيعي أنه مع ازدياد عدد المستثمرين الذين يدخلون الذهب والفضة في محافظهم الاستثمارية أن يشهد عدد المستثمرين الذين يشترون الفضة بدلًا من الذهب زيادة كبيرة.
استثمار منخفض التكلفة
وشهد الطلب الاستثماري على الفضة ارتفاعًا هائلًا، ويمكن ملاحظة ذلك بسهولة من خلال الزيادة الكبيرة في الطلب على عملات “سيلفر أمريكان إيغل”، والتي قفزت من حوالي 10 ملايين أونصة في عام 2005 إلى ما يقرب من 50 مليون أونصة بعد عشر سنوات فقط، في عام 2015.
,نظراً لأن الفضة أقل تكلفة بكثير لكل أونصة مقارنة بالذهب، فإنها تمثل وسيلة أكثر عملية للتبادل النقدي عند استخدامها كعملة حقيقية. فحتى لو كنت تحمل عملة ذهبية تزن عُشر أونصة فقط، فإن قيمتها تقارب 250 دولارًا أمريكيًا — وهو مبلغ غير عملي لاستخدامه في دفع ثمن احتياجات من محل البقالة أو تعبئة وقود السيارة.
أما عملة فضية بوزن أونصة واحدة، وتُقدّر قيمتها بحوالي 31 دولاًرا أمريكيًا، فقد تكون مناسبة تمامًا لتغطية تكلفة تعبئة خزان الوقود.
زيادة الطلب الصناعي
بالإضافة إلى احتفاظها بقيمتها طوال الوقت، تتمتع الفضة بعامل آخر يدعم تلك القيمة — وهي استخداماتها الصناعية الواسعة والعملية، والتي تزداد باستمرار.
فللفضة خصائص فريدة كمعدن تجعلها مطلوبة بشدة في تصنيع كل ما يحتوي على أي كمية من المعادن تقريبًا. فهي تُعد أكثر المعادن المعروفة كفاءة في توصيل الحرارة والكهرباء، مما يجعلها مثالية للاستخدام في تصنيع الإلكترونيات.
فكانت تُستخدم — ولا تزال — في أشياء مثل تصنيع أجهزة التلفاز والراديو والأدوات الموسيقية. وبمرور الوقت، ازداد عدد التطبيقات الصناعية التي تحتاج إلى كميات كبيرة من الفضة مع كل تطور كبير في التكنولوجيا.
على ذلك، أصبح هناك آلاف التطبيقات الصناعية التي تعتمد على الفضة.
وتُستخدم الفضة كمكون أساسي في البطاريات والهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر وأنظمة الإضاءة، ورقائق تحديد الهوية بترددات الراديو، وغيرها الكثير من المنتجات الصناعية.
ويُعد هذا المعدن النفيس عنصر ضروري في مجال الطاقة الخضراء. ففي عام2022 فقط، استهلكت الخلايا الكهروضوئية — وهي العنصر الأساسي في توليد الطاقة الشمسية — أكثر من 225 مليون أونصة من الفضة حول العالم، أي ما يقارب 20% من الإمدادات العالمية من المعدن الأبيض.
وتشير تقديرات إلى أن تقنيات الطاقة الخضراء المختلفة قد تستهلك أكثر من 1.5 مليار أونصة من الفضة سنويًا خلال العقد المقبل.
معدل الذهب إلى الفضة
هناك عامل ثالث وراء ارتفاع الفضة هو استمرار ارتفاع معدل الذهب إلى الفضة. ومعنى معدل الذهب إلى الفضة هو عدد أونصات الفضة التي تساوي أونصة من الذهب.
وظل هذا المعدل مستقرًا لفترة طويلة ليتراوح بين 15.1 أونصة من الفضة و 20.1 أونصة من الفضة، وهو المعدل الذي ساد الأسواق حتى القرن العشرين.
ومنذ توقف العمل بالمعيار الذهبي في السبعينيات من القرن العشرين، ارتفع معدل الذهب إلى الفضة بشكل كبير حتى تراوح بين 50.1 أونصة و100.1 أونصة.
لكن هذا المعدل تراجع إلى أدنى مستوى له في 12 شهرًا في الفترة الأخيرة إلى 75 أونصة مقابل المستوى السابق الذي سجل 90 أونصة.
وكلما انخفض معدل الذهب إلى الفضة، كلما ارتفعت أسعار الفضة. ولا يزال هذا المعدل مرشحًا للمزيد من الانخفاض بفعل استمرار زيادة الطلب على المعدن الأبيض علاوة على تعدد الاستخدامات الصناعية له.