تعاني إيران من عقوبات وحظر على صادرات النفط التي تمثل المصدر الأساسي للدخل الذي يوفر الاحتياجات التمويلية للبلاد كونها تمثل القدر الأكبر على الإطلاق من الصادرات الإيرانية، وهو ما يؤثر بالإيجاب على أسعار النفط.
وتفرض الولايات المتحدة وعدد من دول الغرب عقوبات على الجمهورية الإسلامية للحد من تطويرها للأسلحة النووية والصواريخ الباليستية.
كما تستهدف تلك العقوبات تقويض قدرات طهران على تمويل الجماعات المسلحة التي يعتبرها الغرب، في مقدمته واشنطن، منظمات إرهابية مثل حركة حماس وحزب الله والحوثيين.
وظهر الاهتمام بهذه العقوبات على السطح مرة ثانية وبقوة منذ تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب زمام السلطة في الولايات المتحدة في يناير الماضي، إذ يستعيد ترامب تدريجيًا سياسته المعروفة “بالحد الأقصى من الضغط” التي انتهجها ضد إيران في فترة ولايته الأولى.
وانسحب الرئيس ترامب من الاتفاق النووي بين قوى الغرب وإيران في 2018، كما أعاد فرض العقوبات السابقة وأضاف عقوبات أخرى في حملة “الحد الأقصى من الضغط” في محاولة لردع طهران عن الاستمرار في أنشطتها النووية.
ومنذ ظهور تقارير تشير إلى أن إيران تنقي مواد نووية في 2002، فرضت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى عقوبات عليها في محاولة لمنعها من تطوير سلاح نووي.
وأشارت تقارير أيضاً إلى أن إيران تنتهك التعهدات التي أطلقتها عندما وقعت على معاهدة منع الانتشار النووي عام 1967، بألا تصبح دولة مسلحة نووياً أبدا.
وتقول إيران إن لها الحق في تنقية المواد النووية، وتصر على أن أهدافها سلمية بالكامل، والتي تتمثل في توليد الطاقة الكهربائية، وفقًا للرواية الرسمية الإيرانية. لكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم تتمكن من إثبات ذلك.
وفي 2006، فرضت الأمم المتحدة عقوبات على توريد الأسلحة والتكنولوجيا النووية إلى إيران. وفي 2011، وفرضت الولايات المتحدة عقوبات واسعة النطاق على قطاع النفط الإيراني، وفي 2012 حظر الاتحاد الأوروبي واردات النفط الإيرانية من الدخول إلى منطقة اليورو.
وفي 2015، عندما كان باراك أوباما رئيساً للولايات المتحدة، وقعت إيران اتفاقاً مع الأمم المتحدة والولايات المتحدة ودول أخرى للحد من أنشطتها النووية (المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة أو JCPOA).
وفي إطار هذا الاتفاق، تم تخفيف العقوبات على النفط الإيراني، وهو الأمر الذي استمر حتى نهاية فترة ولاية الرئيس الأمريكي جو بايدن.
وكان لذلك بالغ الأثر على صادرات إيران من النفط التي انخفضت بحلول عام 2020 إلى نحو 400 ألف برميل يومياً.
وجاء بايدن ليخفف العقوبات على صادرات النفط الإيراني في محاولة لإقناع إيران بالعودة إلى طاولة المفاوضات بشأن برنامجها النووي.
لكن رداً على الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل في أكتوبر 2024 في إطار التصعيد بين البلدين في إطار الحرب على غزة، شدد بايدن موقفه، وفرض عقوبات على العديد من الناقلات التي تحمل النفط الإيراني في أكتوبر وديسمبر على الترتيب.
وتستهدف العقوبات الأخيرة التي فرضتها إدارة ترامب ما وصفته بـ “شبكة دولية من الشركات” التي تزعم واشنطن أنها متورطة في صفقات غير مشروعة لبيع النفط الإيراني إلى الصين وتوجيه العائدات إلى القوات المسلحة في البلاد.
وتقول واشنطن إن إجراءاتها تهدف إلى وقف الأموال التي تزعم أن إيران ترسلها إلى جماعات مسلحة مثل حماس وحزب الله والحوثيين الذين تعتبرهم واشنطن تنظيمات إرهابية.
وقال ترامب إنه يريد خفض صادرات النفط الإيرانية “إلى الصفر”. وهذا من أجل ممارسة ضغوط دبلوماسية على حكومتها. وقال: “أود التوصل إلى اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي”، وذلك من خلال الضغط على الموارد التمويلية لطهران وإجبارها على المزيد من التنازلات على صعيد أنشطتها النووية.
وقالت إيران إن العقوبات الأمركية على صادراتها النفطية تهدد بزعزعة استقرار أسواق النفط العالمية. ودعت الدول الأعضاء في منظمة أوبك إلى اتخاذ إجراءات لمواجهة تأثير العقوبات على الاقتصاد الإيراني على وجه التحديد وأسواق النفط العالمية بصفة عامة.
وفي أغلب الأحيان، يصب الحديث عن العقوبات على صادرات النفط الإيراني – سواء الإبقاء على العقوبات المفروضة بالفعل أو فرض عقوبات جديدة – في صالح النفط لما يحمله من إشارات إلى المزيد من التراجع المحتمل في المعروض العالمي من النفط.