تظهر الأسهم الأمريكية في ول ستريت تعافيًا منذ افتتاح تعاملات الأسبوع الجديد بدفعة من عمليات شراء قام بها ثيران وول ستريت لتعويض الخسائر التي تعرضت لها البورصة في نيويورك الجمعة الماضية بعد ظهور بيانات التوظيف الأمريكية.
وأثارت تلك البيانات تكهنات بإمكانية تمهل الفيدرالي في خفض الفائدة في اجتماع سبتمبر الجاري أو على الأقل خفضها بما لا يتجاوز 25 نقطة أساس نظرًا لتحسن أوضاع سوق العمل.
وكانت هذه التكهنات من أهم العوامل السلبية التي أدت إلى خسائر كبيرة لأسهم وول ستريت نهاية الأسبوع الماضي نظرا لما تنطوي عليه من سلبية، إذ تغذي اعتقاد بإمكانية استمرار معدلات الفائدة الفيدرالية عند مستويات مرتفعة تاريخية لفترة قد تطول.
ومن شأن البيئة الاقتصادية التي تنطوي على معدلات فائدة مرتفعة أن تؤثر سلبًا على أداء الشركات ونموها الحقيقي والمالي، مما يجعل الأسهم أقل جاذبية للمستثمرين.
وارتفع داو جونز الصناعي إلى 40941 نقطة بعد أن أضاف حوالي 600 نقطة أو 1.5%. كما ارتفع مؤشر ستاندردز آند بورس500 إلى 5481 نقطة بعد إضافة حوالي 73 نقطة أو 1.4% إلى إغلاق الجلسة الماضية مع ارتفاع ناسداك للصناعات التكنولوجية الثقيلة إلى 16913 نقطة بعد إضافة حوالي 221 نقطة أو 1.4%.
بيانات التوظيف الأمريكية
حقق نمو الوظائف ونمو الأجور في الولايات المتحدة ارتفاعًا في أغسطس الماضي، وفقا لما صدر من بيانات التوظيف الأمريكية عن مكتب إحصاء العمالة في الولايات المتحدة الجمعة الماضية، والتي ألقت الضوء على تحسن كبير في أوضاع سوق العمل.
وارتفع مؤشر التغير في توظيف القطاعات غير الزراعية في الولايات المتحدة إلى 142000 وظيفة في أغسطس الماضي مقابل القراءة السابقة التي سجلت 89000 وظيفة. رغم هذا الارتفاع، جاءت القراءة أقل من توقعات الأسواق التي أشارت إلى 160000 وظيفة.
وارتفع نمو الأجور بصفة عامة في الولايات المتحدة، وهو ما اتضح من خلال قراءات مؤشر متوسط الكسب في الساعة في الولايات المتحدة التي أظهرت ارتفاعًا على أساس شهري وسنوي.
وارتفعت قراءة مؤشر متوسط الكسب في الساعة في الولايات المتحدة على أساس سنوي إلى 3.8% الشهر الماضي مقابل قراءة نفس الشهر من العام الماضي التي سجلت 3.6%، وهو ما جاء أعلى من توقعات الأسواق التي أشارت إلى 3.7%.
وارتفعت القراءة الشهرية أيضًا إلى 0.4% في أغسطس الماضي مقابل القراءة السابقة التي سجلت 0.2%، وهو ما تجاوز توقعات الأسواق التي أشارت إلى ارتفاع بواقع 0.3%.
وعلى الرغم من أن بيانات التوظيف كانت في الفترة الأخيرة من أهم العوامل التي تحدد مصير الأسواق نظرا لأهميتها وما تنطوي عليه من إشارات إلى المسار المستقبلي للفائدة الفيدرالية، تمكنت الأسهم الأمريكية من التخلص من أثرها السلبي الذي تعرضت له وول ستريت على مدار تعاملات الجمعة الماضية.
بيئة غير صديقة للشركات
ولم تتلق الأسهم في بورصة وول ستريت الدعم من عمليات شراء لتغطية الخسائر فقط، لكنها استفادت أيضًا من استيعاب المستثمرين في أسواق المال للبيانات وما أشارت إليه من أرقام.
ورأى المستثمرون أن هناك بين طيات البيانات الإيجابية – التي تدل على تحسن في أوضاع سوق العمل في الولايات المتحدة – بعض السلبية التي قد تدعم الفيدرالي في موقفه المؤيد بشدة في الوقت الحالي للبدء في خفض الفائدة في اجتماع سبتمبر الجاري.
فنمو الوظائف، رغم ما أظهره من تحسن كبير في أغسطس الماضي مقارنة بقراءة الشهر السابق، جاء دون المستويات التي أشارت إليها توقعات السوق في الفترة الأخيرة.
كما جاءت ارتفاعات قراءات نمو الأجور – سواء على أساس شهري أو سنوي – معتدلة لا تثير انزعاجًا شديدًا ولا تنطوي على إشارات إلى تحسن حاد في أوضاع سوق العمل في الولايات المتحدة. ويُعد التحسن في أوضاع سوق العمل في الولايات المتحدة في الفترة الأخيرة من أهم العوامل التي تثير انزعاج بنك الاحتياطي الفيدرالي، إذ أن نمو الأجور الأمريكية ينعكس بزيادة في معدلات التضخم في البلاد. لذا كلما ارتفع نمو الأجور، كلما تصاعدت مخاوف استمرار البنك المركزي في تبني المستويات المرتفعة التاريخية للفائدة لفترة أطول.
وينعكس العمل بمعدلات فائدة مرتفعة في الولايات المتحدة سلبًا على أسواق الأسهم الأمريكية نظرًسا لما ينتج عن ارتفاع المعدلات من بيئة غير صديقة للشركات التي يصعب عليها الاقتراض من أجل التوسع والنمو في ظل ارتفاع تكلفة الاقتراض، ومن ثم تفشل أغلب الشركات في تحقيق الأداء المالي الإيجابي، مما يفقدها جاذبيتها للمستثمرين.