تراجعت الأسعار العالمية للنفط والذهب في ختام تعاملات الخميس لأسباب مشتركة وأخرى تتعلق بكل واحد منهما على حدة بعد انتهاء تعاملات يوم حافل بالأحداث.
وهبطت العقود الآجلة للنفط بضغط من ارتفاع الدولار الأمريكي الذي يستمر في الصعود فوق أعلى المستويات في ستة أسابيع مستفيد من عودة توقعات بالمزيد من رفع الفائدة للظهور على السطح من جديد.
كما هبط الذهب بسبب نفس ضغوط العملة الأمريكية التي استفادت كثيرا من بيانات اقتصادية ألقت الضوء على استمرار ارتفاع التضخم إلى مستويات مقلقة في الولايات المتحدة.
ومن المعروف أن السلع الأساسية المقيمة بالدولار الأمريكي تراجع أسعارها كلما ارتفعت العملة الأمريكية، مما يجعل بينها وبين الدولار علاقة عكسية متعارف عليها في الأسواق.
النفط وروسيا
قال ألكسندر نوفاك، نائب رئيس وزراء روسيا: “لا أعتقد أنه ستكون هناك خطوات جديدة نظرا لاتخاذ قرارات محددة الشهر الماضي فيما يتعلق بخفض إنتاج طوعي من قبل بعض الدول”.
وأدلى ألكسندر نوفاك بتلك التصريحات لوسائل إعلام محلية، والتي أثارت شكوكا حول إمكانية أن تستمر أوبك+ على نفس السياسة الإنتاجية المطبقة في الوقت الراهن، والقائمة على أساس خفض الإنتاج بهدف تعزيز الأسعار العالمية للنفط.
ورغم إدلائه بتلك التصريحات – التي أثارت شكوك الأسواق في توقعات قرارات اجتماع يونيو المقبل للتحالف النفطي الأكبر على مستوى العالم – بدا نوفاك وكأنه يحاول التراجع عن تلك التصريحات.
وقال نوفاك، في التصريحات التي أدلى بها الخميس، إن روسيا ومنظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” سوف تتخذان القرار الذي يحقق صالح الأسواق العالمية للنفط.
وكانت تلك التصريحات سببا مباشرا لهبوط العقود الآجلة للنفط بأكثر من 2.5 دولار أثناء جلسة الخميس، وهو ما يُعد خسائر بالمليارات بلدول مجموعة أوبك+.
وهبطت العقود الآجلة للنفط الأمريكي إلى 71.77 دولار للبرميل مقابل الإغلاق اليومي الماضي الذي سجل 74.18 دولار للبرميل. وارتفعت عقود النفط الأمريكي إلى أعلى مستوى لها في جلسة الخميس عند 74.33 دولار مقابل أدنى المستويات الذي سجل 71.00 دولار.
وتنتظر الأسواق العالمية للنفط اجتماع أوبك+ في الرابع من يونيو المقبل، وهو ما قد يجعل الترقب لقرارات التكتل النفطي الأكبر على مستوى العالم من أسباب الضغوط التي قد يعانيها النفط حتى إعلان نتائج الاجتماع.
الذهب والتضخم
كان للذهب قصة مختلفة إلى حدٍ ما عن النفط، رغم اشتراك هذين النوعين من العقود الآجلة في سبب مشترك للهبوط هو ارتفاع الدولار الأمريكي، إذ وقفت بيانات التضخم والنمو وراء الهبوط الذي تعرض له المعدن النفيس.
وظهرت قراءات نفقات الاستهلاك الشخصي، التي يعدها الفيدرالي المؤشرات الأدق والأكثر مصداقية بين مؤشرات التضخم، لتكشف عن استمرار ارتفاع الأسعار في الولايات المتحدة، وهو ما أثار تكهنات بأن هذا الارتفاع قد يدفع بالفيدرالي إلى المزيد من رفع الفائدة ليضع حدا لحالة انعدام اليقين حيال التحرك المقبل لمعدل الفائدة التي أشارت إليها نتائج اجتماع الفيدرالي التي ظهرت الأربعاء الماضي.
وختمت العقود الآجلة للذهب تعاملات الخميس بهبوط بضغط من الارتفاع الذي يستمر الدولار الأمريكي في تحقيقه منذ ظهور البيانات الاقتصادية الخميس، والتي عكست ارتفاعا في التضخم والنمو، مما يتعارض مع المسار المفضل لبنك الاحتياطي الفيدرالي الذي يستهدفه لتسهيل عملية مكافحة الارتفاع الحاد في الأسعار.
وتراجعت العقود الآجلة للذهب إلى 1943 دولار للأونصة مقابل الإغلاق اليومي الماضي الذي سجل 1957 دولار للأونصة. وارتفعت العقود الآجلة للمعدن النفيس إلى أعلى مستوى لها في يوم التداول الجاري عند 1964 دولار مقابل أدنى المستويات الذي سجل 1939 دولار للأونصة.
ويواصل الدولار الأمريكي الصعود الخميس إلى حدً دفع بمؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة العملات الرئيسية، إلى مستويات أعلى من 104 نقطة.
وسجل المؤشر ارتفاعا إلى 103.31 نقطة مقابل الإغلاق اليومي المسجل الأربعاء الماضي عند 103.89. وهبط المؤشر إلى أدنى مستوى له في يوم التداول الجاري عند 103.34 نقطة مقابل أعلى المستويات الذي سجل 104.31 نقطة.
وظهرت الأربعاء الماضي نتائج اجتماع الفيدرالي محملة برسائل سلبية أسهمت في تعكير صفو معنويات المستثمرين في الأسواق، وكان أبرزها ما أشار إلى أن عدد من أعضاء لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة يرون أن هناك ضرورة لتباطؤ الاقتصاد الأمريكي حتى يكبح الفيدرالي جماح التضخم الآخذ في الارتفاع.
ولم يشهد مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي في الولايات المتحدة أي تغيير في إبريل من 2023 مقابل قراءة الربع السابق، إذ استقرت القراءة الهامة للفيدرالي عند 4.2%، وهو ما توافق أيضا مع توقعات الأسواق التي شارت إلى نفس الرقم. تجدر الإشارة إلى أن هذه القراءة ترصد مدى تقدم التضخم في فئات الأسعار المختلفة في الربع الأول من العام الجاري.
لكن قراءة نفس المؤشر باستثناء أسعار الغذاء والطاقة ارتفعت بـ 5.00% الشهر الماضي مقابل قراءة الشهر السابق التي سجلت 4.9%، وهو ما توافق مع توقعات الأسواق.
ويُعد الارتفاع في التضخم، وفقا لهذا المؤشر الذي يرى الفيدرالي أنه الأكثر مصداقية في التعبير عن حركة الأسعار في الأسواق الأمريكية على مستوى السلع والخدمات، من العوامل التي ترجح كفة المزيد من رفع الفائدة، وهو ما يصب في صالح الدولار الأمريكي.