كانت تصريحات صدرت من أروقة الفيدرالي الثلاثاء وراء تحديد الاتجاهات العامة لحركة سعر الأصول المتداولة في أسواق المال العالمية حتى نهاية تعاملات الأسواق.
وجاءت أغلب تلك التصريحات في صالح توقف بنك الاحتياطي الفيدرالي عن رفع الفائدة وإنهاء الدورة الحالية من التشديد الكمي الذي يمارسه البنك المركزي منذ مارس 2022 بهدف خفض التضخم إلى هدفه الرسمي المحدد بـ2.00%.
وعكست التصريحات الصادرة عن مسؤولي الفيدرالي حالة من الارتباك أدت إلى حرصهم على ترك الباب مفتوحا أمام احتمالات رفع الفائدة مع الإشارة إلى بعض العوامل التي من شأنها أن تؤدي بالسلطات النقدية إلى التوقف عن التشديد الكمي.
وكانت أبرز تلك الإشارات – التي يمكن أن تُضاف إلى ما جاء من إشارات في بيان الفيدرالي وتصريحات رئيسه جيروم باول في التصريحات الصادرة الأربعاء الماضي عقب إعلان تصبيت الفائدة – هي الإشارة إلى إحراز البنك المركزي تقدما على صعيد خفض التضخم علاوة على الإشارة إلى التشديد الحاد الذي تظهره الأوضاع المالية في الولايات المتحدة.
احتمالات وقف رفع الفائدة
قال أوستان جولسبي، محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاجو، الثلاثاء إن “الهبوط المرن” للاقتصاد الأمريكي لا يزال من السيناريوهات الأقرب إلى التحقق وسط مساعي الفيدرالي لمكافحة الفيدرالي دون الإضرار بالاقتصاد.
وأضاف: “نظرا لبعض الغرابة التي تعتري الموقف الحالي، هناك إمكانية لأن نسلك المسار الذهب الذي يتضمن خفض التضخم دون إدخال الاقتصاد في حالة من الركود”، مرجحا أنه “حال تحقق هذا السيناريو، سوف يكون ذلك استمرارا لما شهدناه بالفعل هذا العام من ارتفاع بسيط في معدل البطالة مقابل انخفاض كبير في معدل التضخم، وهو هدفنا الذي نسعى إليه”.
وتابع: “كان أسرع هبوط في التضخم على الإطلاق عام 1982، وسوف نتابع ما إذا كان ذلك سيتكرر، وما إذا كنا سنتمكن من خفض التضخم بأسرع وتيرة للهبوط في القرن الماضي. على ذلك، أرجح أننا نحدث تقدما على صعيد التضخم”.
وأكد أنه “على غير المعتاد لهبوط مرن بهذا الحجم، لم يحدث أبدا من قبل أن حدث خفض للتضخم إلى حدٍ قريب مما نحققه الآن دون أن نلقي بالاقتصاد في هوة ركود كبير”.
وقال كريستوفر وولر، عضو مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي، إن “سوق العمل يقترب من متوسط الأرقام التي كان يسجلها ما قبل الوباء”، مرجحا أن “كل شيء يؤكد على نمو كبير في الناتج المحلي الإجمالي”.
كما ركز بعض مسؤولي الفيدرالي على الأوضاع المالية في الولايات المتحدة وما تشهده من تشديد في الفترة الأخيرة، أبرزهم ميشيل بومان التي تطرقت إلى هذه التطورات وأثرها المحتمل على الاقتصاد.
قالت ميشيل بومان، عضوة لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة، إن “هناك تقدم كبير على صعيد التضخم، لكنه لا يزال مرتفعا. كما أن تضخم أسعار الخدمات لا يزال يظهر مقاومة عنيدة لمحاولات خفضه وسط إمكانية أن يؤدي استمرار ارتفاع أسعار الطاقة إلى تبديد ما تم إحرازه على صعيد خفض التضخم”.
المزيد من رفع الفائدة
على الجانب الآخر، أعرب بعض مسؤولي الفيدرالي عن قلقهم إزاء تحسن النمو في الولايات المتحدة، إذ قال وولر: “أظهرت قراءة الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي في الربع الثالث من هذا العام نموا حادا يسترعي الاهتمام أثناء دراسة التحركات المستقبلية للسياسة النقدية”.
وتابع: “تتمتع البيانات الاقتصادية التي ظهرت في ربع السنة الماضي بأهمية كبيرة. فقد ازدهر كل شيء، وهو أمر يستدعي أن نتابعه بعناية عندما ندرس السياسة النقدية المستقبلية”.
وقالت ميشيل بومان إنها لا تزل ترى أن الفيدرالي يحتاج إلى المزيد من رفع الفائدة، لكنها شددت أيضا على ضرورة تقييم البيانات وما تحمله من إشارات ضمنية عن النظرة المستقبلية للاقتصاد الأمريكي.
وأضافت: “لا زلت مستعدة لدعم رفع معدل الفائدة في أحد الاجتماعات المقبلة إذا أشارت البيانات الاقتصادية إلى توقف التقدم الذي يحرزه الفيدرالي على صعيد التضخم أو إشارتها إلى أن هذا التقدم غير كافي لخفض التضخم إلى 2.00% في الوقت المناسب”.
وتترقب الأسواق حديث جيروم باول، رئيس الفيدرالي، الذي يدلي به الأربعاء المقبل التماسا إلى أي إشارات إلى المسار المستقبلي للسياسة النقدية في الفترة المقبلة، وما إذا كان باول سينحاز إلى المزيد من رفع الفائدة أو الاكتفاء بالقدر الحالي من التشديد الكمي.