تنتظر الأسواق الأربعاء المقبل قرارات السياسة النقدية من بنك الاحتياطي الفيدرالي باهتمام بالغ نظرا لأنه الاجتماع الأول بعد ظهور قراءات التضخم التي عكست الارتفاع في أسعار المستهلك إلى أعلى المستويات في حوالي 13 سنة. كما تزداد أهمية الاجتماع المقبل للجنة السوق الفيدرالية المفتوحة بأنه أيضا الاجتماع الأول بعد إعلان الفيدرالي وقف مشتريات سندات الشركات وإعادة بيع ما اشتراه من هذه الأوراق المالية منذ بداية العام الماضي.
وعلى مدار شهر مضى، أي منذ إعلان نتائج الاجتماع الماضي، كان هناك شرط يتحقق وضعه الفيدرالي للتحرك إلى أعلى بمعدل الفائدة أو تقليل أو وقف مشتريات الأصول بقيمة 120 مليار دولار شهريا، وهو أن يحقق الاقتصاد الأمريكي تقدما ملحوظا وسريعا في الأداء.
وبالفعل، جاءت البيانات الأمريكية الصادرة منذ ظهور نتائج الاجتماع الماضي للجنة الفيدرالية لتعكس حالة من الإيجابية الشديدة بعد أن وثقت لتحسن في أداء أغلب القطاعات الاقتصادية في مقدمتها القطاعين التصنيعي والخدمي والقطاع الإنشائي وأوضاع سوق العمل الأمريكي، وهو ما أدى إلى تصاعد توقعات رفع الفائدة في الفترة الأخيرة.
تراجع توقعات التقييد النقدي
أشارت نتائج مسح أجرته شبكة بلومبرج الاقتصادية إلى أن 18 من بين 51 محللا شاركوا فيه يتوقعون رفع الفائدة من قبل الفيدرالي في 2023.
ويرى 40% من المحللين المشاركين في المسح أن الفيدرالي قد يقبل على تقليل حجم مشتريات الأصول، 120 مليار دولار، في أغسطس المقبل بينما يتوقع 24% منهم هذا التحرك في سبتمبر المقبل.
وتشير تلك النتائج إلى استبعاد رفع الفائدة الفيدرالية في وقت قريب، مما أدى إلى تراجع في توقعات رفع الفائدة التي تدعم الدولار الأمريكي في صعوده في الأشهر القليلة الماضية.
ورغم ما رجحته نتائج مسح بلومبرج من أن لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة قد لا تقدم على أية قرارات تقرب الفيدرالي من سياسة التقييد النقدي في وقت قريب، يبدو أن المستثمرين في أسواق المال لا يميلون إلى تصديق تلك النتائج لتوافر عوامل عديدة على الأرض تدعم إمكانية تضمين الفيدرالي بيانه الشهري لإشارات واضحة إلى اقترابه من رفع الفائدة أو تحجيم مشتريات الأصول.
مستثمرون ضد توقعات السوق
يرى أغلب المستثمرين في أسواق المال أن الفيدرالي قد يفتح باب المناقشة الفعلية في إجراءات التقييد النقدي التي تتضمن مغادرة معدل الفائدة المستويات القريبة من الصفر التي يستقر بها منذ سنوات طويلة والتقليل من مشتريات الأصول بقيمة 120 مليار دولار شهريا أو وقفها تماما استنادا إلى الشواهد الكثيرة المتوافر على أرض الواقع، أبرزها البيانات الأمريكية الإيجابية التي توالى ظهورها في الفترة الأخيرة.
وهناك أيضا ضغوط تقع على كاهل الفيدرالي قد تدفع به في اتجاه التقييد النقدي أو على الأقل إلى مناقشة ذلك في الاجتماع المقبل، أهمها الارتفاع التاريخي لمعدل التضخم في أسعار المستهلك الأمريكي.
وسجلت القراءة السنوية لمعدل التضخم في أسعار المستهلك الأمريكي في مايو الماضي ارتفاعا إلى 5.00% مقابل القراءة السابقة التي سجلت 4.2%.
كما ارتفعت القراءة السنوية للتضخم باستثناء أسعار الغذاء والطاقة في الولايات المتحدة إلى 3.8%، مما يشير إلى اقتراب قراءة مايو لهذا المؤشر من أعلى المستويات في 30 سنة.
يُضاف إلى العوامل التي تدعم سيناريو بدء مناقشة التقييد النقدي التصريحات التي أدلى بها عدد من أعضاء مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي، أبرزهم باتريك هاركر، والتي أشار خلالها إلى أنه حان الوقت لمناقشة تقليص أو وقف مشتريات الأصول.
ورغم توافر عوامل تدعم بدء مناقشة الفيدرالي لرفع الفائدة وتقليص حجم مشتريات الأصول، يظل مسح بلومبرج وتصريحات أدلى بها جيروم باول، رئيس الفيدرالي في وقت سابق في هذا الشأن من أهم العوامل التي تضعف توقعات انطلاق مناقشة رفع الفائدة وتقليل شراء الأصول رسميا في تقليل الفيدرالي.
وتعهد جيروم باول في وقت سابق بأن يصدر عن بنك الاحتياطي الفيدرالي إعلان في الأسواق عن أي تحرك على صعيد الفائدة أو مشتريات الأصول قبل اتخاذ مثل هذه الإجراءات بوقت طويل لتفادي أية صدمات قد تحدثها في الأسواق.