يبدو أنه لن يكون هناك صوت يعلو على صوت المعركة ضد التضخم في اجتماع البنك المركزي الأوروبي الذي ينعقد اليوم الخميس وسط توقعات بأن يتحرك البنك المركزي على رفع كبير آخر لمعدل الفائدة في إطار مساعي السيطرة على انفجارات الأسعار على مستوى المستهلكين والمنتجين في منطقة اليورو.
وتثمن الأسواق رفع الفائدة الأوروبي بـ 75 نقطة ليكون رفع الفائدة بنفس القدر للاجتماع الثالث على التوالي بعد معاناة كبيرة استمرت لسنوات طويلة من الفائدة الصفرية والمستويات دون الصفر التي كانت عندها الفائدة الأوروبية والفشل في حل معضلة تراجع التضخم في المنطقة لسنوات طويلة تلت أزمة الاقتصاد العالمي في أواخر 2008.
وهناك عدة سيناريوهات لقرار الفائدة الذي تنتظر الأسواق صدوره الخميس المقبل؛ أبرزها رفع الفائدة بسرعة أقل (50 نقطة أساس)، رفع الفائدة بـ 75 نقطة، ورفع الفائدة بـ 75 نقطة وإعلان خطة لإعادة بين الأصول التي اشتراها البنك المركزي الأوروبي في الفترة الأخيرة في إطار برامج التيسير الكمي الاعتيادية والطارئة في السنوات القليلة الماضية.
ويرجح السيناريو الأول أن يرفع البنك المركزي الأوروبي الفائدة بوتيرة أبطأ مقارنة بالاجتماعين الماضيين استجابة للضغوط السياسية من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في اتجاه التزام نهج متوازن في التشديد الكمي لتفادي الدخول باقتصاد المنطقة في حالة من الركود.
ضغوط سياسية
ظهرت الضغوط السياسية على المركزي الأوروبي جلية في تصريحات بعض قادة وزعماء منطقة اليورو، أبرزها تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التي قال فيها: “أشعر بالقلق حيال ما شرحه لنا صناع السياسة النقدية من ضرورة كبح جماح الطلب في أوروبا حتى نتمكن من احتواء التضخم”.
ويتضمن السيناريو الثاني قرارا جريئا من السلطات النقدية الأوروبية برفع الفائدة بـ 75 نقطة أساس دون لنظر إلى المحاذير التي تركز غلى إمكانية بداية مرحلة من الركود. ويدفع في هذا الاتجاه، وهو السيناريو الأقرب إلى الواقع الذي يرجح كفته أغلب المحللين في أسواق المال، ما ظهر من قراءات التضخم على مستوى أسعار المستهلكين والمنتجين في منطقة اليورو التي ألقت الضوء على استمرار ارتفاع التضخم بصفة عامة في المنطقة.
وارتفع التضخم السنوي في أسعار المستهلك الأوروبي إلى 9.9%، وهو ارتفاع قياسي في هذه الأسعار، مع استمرار ارتفاع تقديرات التضخم للمنطقة الذي ينذر بالمزيد من الارتفاعات بسبب نمو الأجور.
وقد تكون الزيادة المستمرة في تقديرات التضخم الأوروبي، إلى مستويات أعلى من هدف البنك المركزي الأوروبي المحدد بـ 2.00%، هي الدافع الرئيسي وراء الرفع العنيف لمعدل الفائدة من جانب السلطات النقدية.
ويأتي السيناريو الثالث مدعوما بتصريحات من أعضاء بارزين في مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي أكدوا خلالها أن البدء في ضبط كشوف الموازنة من خلال إعادة بيع الأصول التي تم شرائها في الفترة الماضية سوف يسهم إلى حدٍ كبيرٍ في التخفيف من حدة الضغوط التضخمية في منطقة اليورو. وكان أبرز من أدلى بتصريحات بهذا المعنى محافظ البنك المركزي الفرنسي وعضو مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي فرانسوا فيلليروي دي جالاهاو.
وأِشار جالاهاو إلى أن البنك المركزي الأوروبي سوف يبدأ في سحب السيولة الناتجة عن القروض طويلة الأجل التي توسع البنك المركزي في منحها للبنوك أثناء الأزمة.
وعلى أي من تلك السيناريوهات، يتوقع على نطاق واسع ألا يتمكن اليورو من الاستفادة من رفع الفائدة، او ما يمكن تسميته التشديد الكمي الحاد، وذلك لعدة أسباب نتناولها فيما في السطور القليلة التالية.
استمرار تراجع فارق الفائدة بين اليورو والدولار، وحالة التشاؤم والسلبية التي تسيطر على أسواق المال العالمية فيما يتعلق بالنظرة المستقبلية للاقتصاد في منطقة اليورو، بالإضافة إلى استمرار الفيدرالي على نفس النهج الذي يعتمد على التشديد الكمي بوتيرة سريعة.