نور تريندز / التقارير الاقتصادية / هل يؤدي سقوط إيفرجراند انهيار الاقتصاد الصيني – ومن ثم العالمي؟

هل يؤدي سقوط إيفرجراند انهيار الاقتصاد الصيني – ومن ثم العالمي؟

بدأت مجموعة إيفرجراند الصينية العملاقة إجراءات قانونية الخميس تستهدف إشهار إفلاسها في الولايات المتحدة تمهيدا للدخول في بعض العمليات المالية والتسويات التي تستهدف حماية الشركة قانونيا على أن تتخذ إجراءات أخرى في هونج كونج حيث المقر الرئيسي للمجموعة.  

وتقدمت المجموعة العقارية، صاحبة المديونية الأكبر على مستوى العالم في القطاع العقاري، بطلب لإشهار إفلاسها الخميس إلى محكمة نيويورك الفيدرالية، وهو دعوى قضائية لطلب الحماية عبر إشعار الإفلاس تُعرف “بالفصل 15 للشركات الأجنبية التي تسعى إلى اعتراف الولايات المتحدة بأنها تبدأ عملية إعادة هيكلة”.

ويستهدف الإجراء القانوني الذي اتخذته المجموعة حماية الشركة بموجب القانون الأمريكي الخاص بالشركات الأجنبية ليكون ذلك معبرا رئيسيا للبدء في عمليات إعادة هيكلة الدين بالتعاون مع الجهات المقرضة.

كما تقدمت شركة تيانجي هولدنج، التابعة للمجموعة العقارية الصينية، بطلب لإشهار إفلاسها بموجب الفصل 15 الخميس في محكمة الإفلاس في مانهاتن.

وجاءت إعلان إِشهار إفلاس إيفرجراند وسط مخاوف تتزايد حيال إمكانية أن تمتد المشكلات التي يعاني منها القطاع العقاري الصيني إلى قطاعات أخرى في ثاني أكبر اقتصادات العالم والمحرك الأساسي للنمو العالمي.

إلى أين يمكن أن تمتد الأزمة؟

منذ الإفصاح عن خسائر القطاع العقاري في الصين في 2021، أعلن حوالي 40% من شركات مقاولات التشييد الإسكانية تعثرها. وكان ذلك سببا في وجود عدد كبير من المنازل غير مكتملة البناء ومستحقات بمليارات الدولارات لم تُسدد لموردين ومليارات أخرى من الديون لم تسدد للبنوك والمؤسسات المقرضة.

كما عانت سندات شركات عقارية صينية كانت مطروحة في الأسواق العالمية هبوطا حادا في قيمتها في ذلك الوقت، حتى أن بعضها كانت قيمته سنتات معدودة علاوة على هبوط كارثي بنسبة 90% في أسهم تلك الشركات، وهو ما نتج عنه تآكل السيولة – على مستوى الأسهم والسندات الخاصة بتلك الشركات – جراء عزوف المستثمرين عن ضخ المزيد من رؤوس الأموال في القطاع العقاري الصيني.

ووسط ضعف مبيعات المنازل الصينية، قد تؤدي أزمة الدين – التي تفاقمت بالفعل في قطاع الإسكان – إلى تأخر تعافي القطاع العقاري والاقتصاد الصيني بصفة عامة، إذ يعتمد ثاني أكبر اقتصاد على مستوى العالم على القطاع العقاري كأحد الركائز التي يقوم عليها ويعتمد عليها في تحقيق النمو.

وأعلنت وكالة ستنادردز آند بورس جلوبال للتصنيف الائتماني الأربعاء الماضي أنها ستعدل تقديراتها لمبيعات العقارات إلى تصنيف “مستمر في الهبوط” من التقديرات السابقة التي أشارت إلى نموذج “تعافي بطيء”.

وقد تلجأ لحكومة المحلية في الصين إلى تشديد الإجراءات الخاصة بحسابات الضمان حيث يتم الاحتفاظ بأموال ما قبل البيع من أجل ضمان إكمال المنازل وتسليمها – وهي أولوية قصوى قد تتبناها بكين في الفترة المقبلة للحد من احتمالات انهيار القطاع العقاري.

لكن مثل هذا الإجراء قد يشكل المزيد من الضغوط التي يعاني منها القطاع بالفعل، مما قد يؤدي إلى تعثر المزيد من شركات مقاولات البناء الإسكانية، بما في ذلك الشركات المدعومة من الدولة.

ويبدو أن أثر الدومينو قد بدأ بالفعل قبل إعلان اليوم عن تقدم إيفرجراند التقدم بطلب لإشهار إفلاسها، إذ بدأت أزمة الدين مهاجمة مجموعة كانتري جاردن الصينية العقارية العملاقة – أكبر مجموعة عقارية في الصين – رغم أن الوضع المالي لها يشير إلى أنها في موقف مالي سليم. رغم ذلك، لم يمض وقت طويل حتى جرت تلك المجموعة إيفرجراند أيضا إلى مستنقع الانهيار.

وسجل إجمالي الديون المستحقة على إيفرجراند 330 مليار دولار، وفقا لأحدث إحصائيات بينما بلغت ديون مجموعة كانتري جاردن حوالي 192 مليار دولار، مما يلقي الضوء على زيادة سرعة تراكم الديون في القطاع العقاري في الصين وإمكانية تعرض القطاع للمزيد من التدهور ومن ثم زيادة احتمالات تضرر الاقتصاد الصيني بصفة عامة.

ويكمن الفارق بين الحالتين في أن إيفرجراند كانت مفلسة بالفعل وقت إعلان تعثرها بينما لا تزال تمتلك كانتري جاردن تمتلك أصولا تفوق قيمة الديون المستحقة عليها.  

ماذا بعد؟

ووفقا لمذكرة الطلب، تسعى إيفرجراند للبدء في “مخطط موازي من الترتيبات” في جزيرة كايمان والتقدم بطلب للبدء في إجراءات تعليق إعادة الهيكلة إلى محكمة هونج كونج العليا.

ووقع جيمي فونج، الذي عرف نفسه بأنه “ممثل المجموعة للشؤون الخارجية”، طلب إشهار الإفلاس. ومن المقرر أن ينعقد اجتماع بين الجهات المقرضة للشركة في 23 أغسطس الجاري في مقرها في هونج كونج، وفقا للمكتب القانوني الذي يمثل إيفرجراند في الولايات المتحدة “سايدلي أوستين”.

وعلى الأرجح، يُعد رفع الفائدة وسياسة التشديد الكمي التي تتبناها الولايات المتحدة وراء أضرار بالغة يتحملها القطاع العقاري في دول الاقتصادات الرئيسية، إذ ارتفعت الفائدة على ارهون العقارية في الولايات المتحدة إلى أعلى المستويات في 20 سنة ليصل متوسط هذا النوع من معدلات الفائدة إلى 7.09%، وفقا لعملاق الرهون العقارية فريدي ماك.

وكان المتوسط المسجل لمعدل الفائدة على الرهون العقارية منذ عام واحد 5.00%. ويعزي هذا الارتفاع إلى السياسة النقدية للفيدرالي الذي رفع معدل الفائدة إلى أعلى المستويات في 22 سنة في الفترة من مارس 2022 وحتى يوليو 2023.

كما أدى رفع الفائدة الفيدرالية إلى إلى نطاق 5.00%-5.25% في الفترة المشار إليها، أي بأكثر من 500 نقطة، إلى حاجة من إحجام المستهلكين عن الاستفادة من خدمة الرهون العقارية، وهو ما انعكس على هذا السوق في شكل ضعف في المبيعات وتراجع في التمويلات العقارية.

وكان هذا التراجع في أداء القطاع هو الذي أثر سلبا على عدد من كبار المؤسسات المانحة لهذا النوع من القروض، مما دفع تلك المؤسسات إلى تسريح أعداد كبيرة من العمالة علاوة على تأثيرها السلبي على النمو الاقتصادي.

تحقق أيضا

النفط

عوامل قد تؤدي إلى المزيد من هبوط أسعار النفط

ظهرت بعض العوامل في أسواق النفط العالمية من شأنها أن تؤجج هبوط الأسعار في الفترة …