نور تريندز / التقارير الاقتصادية / هل تصلح القواعد المالية الجديدة للاتحاد الأوروبي لتحقيق الهدف منها؟

هل تصلح القواعد المالية الجديدة للاتحاد الأوروبي لتحقيق الهدف منها؟

اتفق زعماء الاتحاد الأوروبي الشهر الماضي على قواعد مالية جديدة في ديسمبر الماضي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ بعد مناقشتها والموافقة عليها من قبل البرلمان الأوروبي.

لكن يبدو أن هناك بعض نقاط الضعف في القواعد الجديدة التي يبدو أنها أغفلت بعض الاعتبارات المالية والسياسية المتوافر على أرض الواقع في عدد من دول التكتل السياسي والاقتصادي الأكبر على مستوى العالم.

ويرجح أن إغفال هذه النقاط أدى إلى ظهور احتمالات لأن تتحول بعض هذه القواعد إلى مبادئ غير قابلة للتطبيق فيما يتعلق بالشؤون المالية مثل نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي والحد الأقصى المسموح للدول الأعضاء بالوصول إليه من العجز المالي.

ورغم ما تعكسه الضوابط المالية المقترحة من جهود كبيرة بُذلت من أجل تحديد مسارات الإنفاق في دول الاتحاد النقدي الأوروبي والتركيز على صافي نمو النفقات والحد الأقصى للدين على أساس تحليل الاستدامة، إلا أنها لا يتوقع أن توفر حلولا للمشكلات المالية المؤرقة التي تواجهها الدول الأوروبية.

ومع أن اللوائح التي رُفعت إلى البرلمان الأوروبي أبقت على نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي عند 60% والحد الأقصى للعجز المالي عند 3.00% – وهي الأرقام التي تنص عليها اتفاقية ماسترخت التي تأسس بموجبها الاتحاد الأوروبي عام 1992 ليضم في البداية 12 دولة فقط – إلا أنها غيرت كثيرا في ميثاق الاستقرار والنمو الذي وُضع عام 1997.

وتنص قواعد الإنفاق الحالية للاتحاد الأوروبي على أنه لا يجب أن تتجاوز نسبة العجز في المالية العامة 3.00% من إجمالي الناتج المحلي لأي دولة، وأن تظل نسبة الدين العام تحت مستوى 60.00% من الناتج المحلي الإجمالي.

وتضع القواعد الجديدة ضمانة لمرونة العجز المالي تتضمن تعديلات مالية تسمح بتجاوز الحد الأقصى للعجز مستوى 3.00% الذي ينص عليه الميثاق بحد أقصى 1.5% إضافية من الناتج المحلي الإجمالي.

وكانت هناك محاولات لتغيير هذه النسب من خلال تعديل الميثاق، لكنها فشلت جميعها – ليس لأن التعديلات أو القواعد المقترحة جيدة – لكن لغياب آلية لمراقبة وإنفاذ تلك القواعد في منطقة اليورو.

لذلك اقترحت المفوضية الأوروبية في إبريل 2023 تعديلا في القواعد المالية الأوروبية من شأنه أن يدفع الدول الأعضاء على تأييد الدول الأعضاء هذه التغييرات المقترحة – من ثم الانصياع لها بعد التصديق عليها، وهو التعديل الذي ينص على أن يكون هناك دور رقابي للمؤسسات المالية المستقلة الوطنية في كل دولة من دول الاتحاد النقدي الأوروبي، وهو ما قد يساعد على تفعيل وإنفاذ القواعد المقترحة حال التصديق عليها من البرلمان الأوروبي.  

وينص التعديل على أن يكون للمؤسسات المالية الوطنية تقييم إلى أي مدى تلتزم الخطط المالية الحكومية بمسار الإنفاق المتفق عليه، لكن هذه الآلية لم تُضمن في الحزمة النهائية من حزمة التعديلات المقترحة.

وقد يضعف غياب آلية للرقابة والإنفاذ لتلك القواعد المالية هذه اللوائح، وهو ما يؤدي إلى أن يزداد الأمر سوء فيما يتعلق بالسياسات المالية الخاصة بكل دولة أوروبية. ويبقى الأمر كما هو عليه فيما يتعلق بمناقشة الآليات المقترحة، إذ تظل المناقشات الثنائية بين المفوضية الأوروبية وكل دولة من الدول الأعضاء على حدة هو الأساس الذي تقوم عليه المفاوضات المؤدية إلى اتفاق على هذه القواعد الجديدة.

وخضع وزراء مالية الاتحاد الأوروبي للضغوط الألمانية من أجل وضع قواعد صارمة لخفض الديون، كجزء من اتفاق على إجراء إصلاح شامل لإطار ميزانية الاتحاد.

بالإضافة إلى ذلك، تمتد آفاق التنفيذ البالغة سبع سنوات المنصوص عليها في القواعد الجديدة إلى ما هو أبعد من الدورات السياسية المعروفة. فمن غير المرجح، على سبيل المثال، أن تجبر المفوضية الأوروبية الحكومات المنتخبة بأولويات مختلفة عما تحددها لنفسها في منتصف دورة السنوات السبع – التي تمثل الإطار الزمني لتنفيذ القواعد الجديدة – أو على تنفيذ السياسات التي وافقت عليها حكومات سابقة. وقد لا يكون هذا الإطار الزمني مناسبا أيضا حال ظهور تقديرات نمو وغيرها من التقديرات الاقتصادية التي لا تتسم بالقدر الكافي من الدقة أو تقوم على أساس تفاؤل مفرط حيال مستقبليات الاقتصاد.

كما تظهر نقاط ضعف أخرى في اعتماد الاتفاق على المناقشات الثنائية، أبرزها مثال يلقي الضوء على فشل المفوضية الأوروبية في تنفيذ خطط إصدار سندات أوروبية سيادية بقيمة 759 مليار يورو، وهو الخطط المعروفة باسم NextGen.

تحقق أيضا

لقاء محمد حشاد على شاشة سي ان بي سي عربية – 28 أكتوبر 2024