نجحت الحملة التي تشنها النيابة العامة في الولايات المتحدة على قطاع العملات المشفرة في الإطاحة بالرئيس التنفيذي الشريك المؤسس لباينانس، واحدة من أكبر شركات العملات المشفرة – إن لم تكن أكبرها – على مستوى العالم، تشانجبينج زاو في إطار سعي الإدارة الأمريكية لتنظيف السوق عن طريق حملة ضارية تشنها السلطات المالية والقضائية المعنية بالأمر.
ووافق زاو الأسبوع الماضي على تسوية تتضمن اعترافه بارتكاب مخالفات وإقراره باتهامات جنائية وُجهت إليه تتضمن الفشل في التزام شركته بقواعد مكافحة غسل الأموال، وهو ما ترتب عليه سداه الرئيس التنفيذي المستقيل لباينانس على سداد غرامة بقيمة 55 مليون دولار علاوة على التنحي من منصبه في إطار صفقة توصل إليها الرجل مع وزارة العدل الأمريكية. ومن المقرر أن تصدر المحكمة قرارها المحدد لمصير زاو في فبراير المقبل.
ولا يمكن أن يمر تنحي زاو عن منصبه كرئيس تنفيذي للشركة على الأسواق مرور الكرام، إذ يُعد رمزا للحملة الشرسة التي تقوم بها السلطات الأمريكية على رؤساء أكبر الشركات في القطاع، إذ يُعد من أهم القيادات في هذا المجال الذي حقق نجاحا ونموا مذهلا في حجم تعاملات الشركة العملاقة في عامي 2020 و2021.
وقد يكون رحيل الرئيس التنفيذي صاحب الإنجازات الكبيرة التي حققتها باينانس إعلانا لبدء عصر جديد في قطاع العملات المشفرة كان فيه الإنجاز والتقدم والنمو مرهون بأسماء بعض الأشخاص المؤسسين للشركات التي ذاع صيتها في الفترة الأخيرة، لكن صيت الأشخاص القائمين عليها كان أكثر ذيوعا.
عصر جديد للعملات المشفرة
قد يكون تنحي زاو إيذانا ببداية حقبة جديدة يُغرف الإنجازات بالشركات وما تقدمه للقطاع، لا بالرجال القائمين عليها وأسمائهم. وتتعزز هذه النظرية بحقيقة تتضمن أن زاو ليس هو الرائد الوحيد من رواد قطاع الأصول الرقمية الذي يمثل أمام المحكمة ويواجه اتهامات رسمية بمخالفات مالية وقانونية جسمية، إذ سبقه إلى ذلك سام بانكمان فرايد الذي أسس وأدار مجموعة FTX العملاقة للعملات المشفرة.
ورغم سجن بانكمان فرايد ومواجهة زاو لاتهامات رسمية، لا تزال كبرى الشركات في القطاع تعمل وتجري تعاملات بمليارات الدولار ولا يزال لديها داعمون وٍلا يزال هناك أيضا من يقاتلون من أجل وقف أنشطتها سواء داخل السلطات الأمريكية أو خارجها.
كما لا يزال هناك فرق عمل لا يعرف أحد أسماء أعضائها يعملون لضمان استمرار القطاع وتعاملاته في الأسواق دون أن يكون هناك البطل الأوحد الذي يخطف كل الأضواء من الجميع ويستأثر باهتمام الأسواق العالمية.
وأطلقت وزارة العدل الأمريكية حملة ضد المخالفات والانتهاكات غير الشرعية في قطاع العملات المشفرة بالتعاون مع شبكة مكافحة الجرائم المالية، أحد أجهزة وزارة الخزانة الأمريكية، ومؤسسات الرقابة على أسواق المال، هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، ولجنة التداول في العقود الآجلة.
وبالفعل، تتضمن نتيجة هذه الحملة – التي يستمر عملها حتى الآن – أحكاما بالسجن على بعض رؤساء شركات العملات المشفرة وتوجيه اتهامات مالية مدنية لدى البعض الآخر، وهو ما يجعل عددا قليلا فقط من رؤساء الشركات في القطاع لا يواجهون مشكلات قانونية.
كما توجهه هيئة الأوراق المالية والسندات سهامها إلى تلك الشركات طوال الوقت على أمل الكشف عن المزيد من المخالفات والتضييق على الشركات العاملة في الأصول الرقمية وأنشطتها المختلفة في الولايات المتحدة.
وهناك قائمة طويلة من الأسماء الكبرى في سوق العملات المشفرة الذين يواجهون مشكلات قانونية؛ أبرزهم الرئيس التنفيذي السابق لمجموعة FTX سام بانكمان فرايد، والرئيس التنفيذي لباينانس تشانجبينج زاو، ورئيس شركة تيرا يو إس دي دو كوون، ورئيس شركة سلزيوس نيتوورك أليكس ماشنكي وغيرههم الكثير من الرواد في هذا القطاع.