نور تريندز / التقارير الاقتصادية / هل تتعارض بيانات التضخم مع نظرة صناع السياسات في الفيدرالي؟
Inflation dollar

هل تتعارض بيانات التضخم مع نظرة صناع السياسات في الفيدرالي؟

ظهرت في الأيام القليلة الماضية توقعات بارتفاع أقل قوة لمعدل التضخم في يناير الماضي مقارنة بالشهر السابق، والتي رددتها جهات بحثية ومؤسسات أبحاث سوق عدة في الفترة الأخيرة. لكن ما يجعل المشهد في الأسواق معقدا بعض الشيء، أن هناك سلسلة من تصريحات صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي تحمل بين طياتها مخاوف حيال التعجل في البدء في خفض الفائدة.

وبينما تسير التوقعات بانخفاض التضخم في اتجاه يدعم أن الفيدرالي نجح حتى الآن في إدارة المعركة ضد التضخم وحقق تقدمًا كبيرًا في هذا الشأن بعد اتباع سياسات واستخدام أدوات تمكن من خلالها من الهبوط بمعدلات التضخم من أعلى المستويات في 40 سنة إلى مستويات تقترب إلى حدٍ كبيرٍ من هدف البنك المركزي للتضخم المحدد بـ 2.00%، هناك في المقابل على الجانب الآخر طابور من أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة يدعمون فكرة التمهل في خفض الفائدة.

وبين وجهة النظر هذه وتلك، يقف المستثمرون في الأسواق في حيرة من أمرهم فيما يتعلق بالإجابة على السؤال الذي يقول “أين يمكن أن يضعوا رهانهم؟”؛ هل يوجه هؤلاء المتداولون رؤوس الأموال إلى أصول المخاطرة لتحقيق أرباح أكثر، أم يلتزمون الجانب الآمن ويشتروا الدولار الأمريكي وأصوله؟ ويبدو أن خير مجيب على تلك الأسئلة هو البيانات التي تظهر الثلاثاء، والتي تنتظر الأسواق أن تحدد حالة الأسعار وأن تضيف إلى المستثمرين معلومات عن اتجاهات الإنفاق الاستهلاكي في الولايات المتحدة، وما يمكن أن تحدثه من آثار التضخم، ومن ثم على قرارات الفيدرالي في المرحلة المقبلة.

وتوقعت مؤسسة “فاكتسيت” لأبحاث السوق أن يرتفع تضخم أسعار المستهلك في الولايات المتحدة على أساس سنوي بـ2.9% في يناير الماضي، مما يشير إلى تراجع ملحوظ إذا ما قورن بقراءة الشهر السابق.

وتلقي هذه التوقعات الضوء على أنه حال تحققها تكون هذه هي المرة الأولى التي يسجل فيها ارتفاع أسعار المستهلك مستويات أدنى من 3.00% منذ مارس 2021، أي في حوالي ثلاث سنوات.

:مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي للـ12 شهرا (سنوي) – المصدر FACTSET

وكانت قراءة ديسمبر الماضي قد أشارت إلى ارتفاع أسعار المستهلك الأمريكي على أساس سنوي بـ3.4%، وهو ما جاء أعلى من توقعات الأسواق التي أشارت إلى 3.2%.

وأشارت المؤسسة إلى أنه على مدار الإثني عشر شهرا الماضية، تجاوز تضخم أسعار المستهلك الأمريكي توقعات الأسواق في أربعة أشهر فقط بينما توافق معها في شهرين في حين جاء دون تلك المستويات في ستة أشهر.

رأى آخر لصناع السياسات

كان جيروم باول، رئيس  مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي، قد بعث برسالة إلى الأسواق الأسبوع الماضي تتضمن التأكيد على تعهدات رئيس الفيدرالي بأن تتحرك السلطات النقدية بحذر في الفترة المقبلة أثناء تحديد الوقت المناسب لخفض الفائدة.

وقال رئيس الفيدرالي: “خطر التحرك مبكرا للغاية يتمثل في أن أوضاع سوق العمل الأمريكي لم تصل بعد إلى المستويات” التي يفضلها الفيدرالي أثناء معركته مع التضخم، وذلك أثناء مقابلة صحفية أجراها معه برنامج “60 دقيقة” الذي يتمتع بشعبية كبيرة في الولايات المتحدة في عطلة نهاية الأسبوع قبل الماضي.

وقال رافاييل بوستيك، محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي في أطلنطا، الأسبوع الماضي إن “نمو الأجور يستقر في منطقة قريبة من النماذج الطبيعية”، وذلك في إشارة إلى بيانات التوظيف التي ظهرت الجمعة الماضية.

وتوقع عضو مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي أوستان جولسبي، في مقابلة أجرتها معه شبكة بلومبرج الاقتصادية الأسبوع الماضي، إن خفض الفائدة ربما يكون “قريبا”، لكنه استبعد أن يكون الخفض كبيرًا.

وقال إنه يرى أن الخفض المحتمل للفائدة من قبل الفيدرالي قد يقتصر على ربع نقطة – 0.25% – في كل مرة، وهو ما يأتي على النقيض من رفع الفائدة الكبير الذي تبناه البنك المركزي بداية من مارس 2022 في بداية معركته ضد التضخم.

وأضاف أن “التضخم أصبح تحت السيطرة دون أن يحدث ذلك تراجع في نمو الوظائف”، وهو ما رجح أنه جاء نتيجة لزيادة في الإنتاجية تتوافق مع أداء الاقتصاد الأمريكي في حقبة التسعينيات من القرن العشرين.

:مؤشر تقديرات أسعار المستهلك الأمريكي للـ12 شهرا (سنوي) – المصدر FACTSET

وقال جولسبي، في إشارة إلى بيانات الأشهر السبعة الماضية: “التضخم تحت السيطرة تمامًا ويقع في نطاق هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي”.

وأكد على أهمية مؤشرات الإنفاق الاستهلاكي الشخصي في قياس التضخم، مرجحا أن بعض مؤشرات التضخم الأخرى مثل مؤشر أسعار المستهلك من المحتمل ألا تنخفض إلى المعدل المستهدف المحدد بـ2.00%.

وأكد عضو مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي ورئيس الفيدرالي في مينيابوليس نيل كاشكاري والعضوة السابقة في مجلس لوريتا ميستر أن الفيدرالي “لم ينته بعد” من معركته مع التضخم، وهو ما ألقى الضوء على إمكانية تأخر خفض الفائدة مقارنة بالتوقعات التي أشارت إلى إمكانية البدء في خفض الفائدة في مايو أو يونيو المقبلين، وذلك في تصريحات أدليا بها الأسبوع الماضي.

وعلى مدار الأسبوع الماضي، جاءت تصريحات مجموعة من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي أقل ميلاً للتيسير الكمي، وذكر كل من سوزان كولينز، رئيسة الاحتياطي الفيدرالي في بوسطن، الخميس، وزملائها توماس باركين، ونيل كشكاري، بين آخرين، العديد من الأسباب التي ترجح أن المركزي الأمريكي ليس في عجلة من أمره بشأن قرار التيسير وخفض سعر الفائدة.

على سبيل المثال، لا الحصر، أكد رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند، توماس باركين، أن صانعي السياسات لديهم الوقت للتحلي بالصبر بشأن توقيت خفض أسعار الفائدة، مشيرًا إلى سوق عمل قوي واستمرار تراجع التضخم، ويبدو أن المخاوف من عودة التضخم هي المهيمنة الآن على المسار المستقبلي للفائدة، فقال باركين أمام المنتدى الاقتصادي في نيويورك: “لا أحد يريد أن يعود التضخم إلى الظهور.. وبالنظر إلى الطلب القوي وسوق العمل القوي تاريخيًا، لدينا الوقت لبناء تلك الثقة قبل خفض أسعار الفائدة”. 

تحقق أيضا

الفيدرالي

الفيدرالي قد لا يحرك ساكنًا رغم توقعات تغيير خطابه

السؤال الأكثر إلحاحًا في الأسواق اليوم هو: ما الذي قد يطرأ على خطاب الفيدرالي أثناء …