لقد كان الأسبوع الماضي (13-17 يونيو 2022) حافلًا بالكثير من الأحداث القوية والصادمة لأسواق المال. وكان اللون الأحمر قد كسى معظم الأسواق مثل أسواق الأسهم والذهب وأسواق العملات المشفرة.
فقد تراجعت البيتكوين إلى مستويات دون 20000 دولار للوحدة في نهاية يوم التداول السبت متأثرة بالنتيجة التي توصلت إليها الأسواق وما أدركه المستثمرون في أسواق المال العالمية من أن السياسة النقدية للبنوك المركزية حول العالم تتجه إلى رفع الفائدة بلا هوادة لمكافحة التضخم.
كما أغلقت العقود الآجلة للذهب تسليم أغسطس تعاملات يوم الجمعة بانخفاض بلغت نسبته 0.5% لتتداول عند 1840.60 دولار للأوقية.
وبالمثل، طغت السلبية على أداء النفط، حيث انخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس بنسبة 6.8% دولار إلى 109.56 دولار للبرميل، وبلغت خسائرها الأسبوعية 9.2%.
وتراجعت العقود الآجلة لمزيج برنت تسليم أغسطس بنسبة 5.6%، لتصل إلى 113.12 دولار للبرميل.
وعلى صعيد آخر، ارتفع العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات إلى أعلى مستوى له منذ 2011، حيث وصل إلى أعلى مستوى له عند 3.49٪ يوم الثلاثاء الماضي قبل أن يغلق الأسبوع عند 3.23٪
فيما تباين أداء الأسهم الأمريكية في ختام تعاملات الأسبوع، حيث تراجع مؤشر داو جونز بنسبة 0.1%، ليصل إلى 29888 نقطة. بينما صعد مؤشر ستاندرز أند بورز 500 مسجلا 3675 نقطة، فيما تكبد خسائر أسبوعية بنسبة 5.8%.
وكان تراجع الأسهم في وول ستريت طوال الأسبوع نتيجة لسيطرة المخاوف من وقوع الاقتصاد الأمريكي في الركود وتزايدت تلك المخاوف بعد رفع الفيدرالي الفائدة بنحو 75 نقطة أساس. وفيما يلي نظرة على أبرز الأحداث التي قادت تحركات الأسواق في الأسبوع الماضي:
قرارات السياسة النقدية للبنوك المركزية الكبرى
أولًا: قرار الفيدرالي الأمريكي وأثره على الدولار
رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي معدل الفائدة الرئيسي بـ 75 نقطة أساس أو 0.75% لتتلقى الأسواق صدمة بسبب تحقق توقعات عدد من المجموعات المالية الكبرى ومخالفة ما تتمناه الأسواق من رفع في سعر الفائدة بوتيرة أقل سرعة.
وارتفع معدل الفائدة الرئيسي من قبل الفيدرالي إلى 1.75% مقابل المعدل الأساسي السابق الذي سجل 1.00%، وهو ما خالف توقعات السوق التي أشارت إلى 1.5%.
وفي أعقاب القرار، هبط الدولار الأمريكي إلى مستويات تاريخية، حيث تراجع مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكي مقابل سلة العملات الرئيسية، إلى 104.85 نقطة مقابل الإغلاق اليومي الماضي الذي سجل 105.52 نقطة.
ثانيًا: قرار بنك إنجلترا وأثره على الإسترليني
أعلن بنك إنجلترا (BoE) عن قرار سياسته النقدية يوم الخميس ورفع سعر الفائدة للمرة الخامسة على التوالي للحد من ارتفاع التضخم. كما صوتت لجنة السياسة النقدية 9-0 لرفع أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس إلى 1.25٪.
وعليه، انخفض الجنيه البريطاني إلى 1.2 دولار، مقتربًا من أدنى مستوياته في عامين عند 1.197 دولار.
ثالثًا: قرار البنك الوطني السويسري وأثره على الفرنك
رفع البنك الوطني السويسري (SNB) سعر الفائدة القياسي على الودائع إلى -0.25٪ من -0.75٪ سابقًا، في أحدث تقييم ربع سنوي للسياسة النقدية.
وفاجأ البنك الوطني السويسري الأسواق برفع أسعار الفائدة الرئيسية بمقدار 50 نقطة أساس في خطوة غير مسبوقة.
وفي أعقاب القرار، انخفض زوج الدولار الأمريكي مقابل الفرنك السويسري (USD / CHF)، حيث يتداول الزوج الآن عند 0.9876، بانخفاض 0.60٪
رابعًا: قرار بنك اليابان وأثره على الين
أبقى بنك اليابان يوم الجمعة على أسعار الفائدة لليلة واحدة عند -0.1٪. وقال إنه سيجري عمليات شراء يومية للسندات لأجل 10 سنوات بعائد 0.25٪، مما يظهر عدم استعداده للسماح بتداول السندات على نطاق أوسع.
وتسبب القرار في انخفاض حاد في الين إلى 134.63 ين مقابل الدولار، وكان قد ترتب على انخفاض الين الياباني مؤخرًا إلى أدنى مستوياته التاريخية مقابل الدولار وضع البنك المركزي في موقف حرج قبل انتخابات مجلس الشيوخ بالبرلمان الياباني المرتقبة في يوليو.
تصريحات جيروم باول
قال جيروم باول، رئيس مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي، في المؤتمر الصحفي الذي انعقد عقب إعلان قرار الفائدة: “عند هذا الحد، كنا نتوقع أن نرى التضخم على الأقل يتوقف عن الصعود”.
وأضاف: “لم تتوافق أغلب قراءات التضخم في أسعار المستهلكين مع توقعاتنا”.
وتابع: “رأينا أن هناك حاجة إلى إجراء قوي في هذا الاجتماع”، مرجحا أن هناك حاجة ماسة إلى التحرك بسرعة أكبر في اتجاه رفع الفائدة.
ورجح رئيس الفيدرالي أنه من الممكن أن نشاهد رفعا للفائدة بـ 50 أو 75 نقطة أساس في الاجتماع المقبل. وكرر باول عبارة “نستهدف معدل فائدة طبيعي أكثر من معدل الفائدة المحايد” عدة مرات أثناء حديثه في المؤتمر الصحفي.
وعلى صعيد آخر، قال تقرير نشره بنك الاحتياطي الفيدرالي الجمعة إن استثمارات الأعمال قد تظهر أداء متواضعا بينما يرجح أن يظهر إنفاق المستهلك المزيد من القوة.
وأضاف الفيدرالي، في التقرير نصف السنوي للسياسة النقدية: “التزامنا باستعادة استقرار الأسعار غير مشروط”، مرجحا أن الناتج المحلي الإجمالي يتخذ المسار الصحيح الذي يشير إلى إمكانية تحقيقه ارتفاعا معتدلا في الربع الثاني من العام الجاري.
وحذر البنك المركزي من استمرار تصاعد مخاطر الاضطرابات التي تشهدها سلاسل التوريد العالمية.
البيانات الاقتصادية الأمريكية
أظهرت البيانات الصادرة عن مكتب الإحصاء الأمريكي الأربعاء انخفاض مبيعات التجزئة في الولايات المتحدة بنسبة 0.3٪ مقارنة بالشهر السابق في مايو، مقابل التوقعات بارتفاع بنسبة 0.2٪ وبعد ارتفاع بنسبة 0.7٪ مقارنة بالشهر السابق في أبريل (تم تعديله نزولًا من 0.9٪).
في غضون ذلك، ارتفعت مبيعات التجزئة الأساسية بنسبة 0.5٪ مقارنة بالشهر السابق، لتأتي أقل من المكاسب المتوقعة عند 0.8٪، في حين تم تعديل قراءة شهر أبريل أيضًا على تراجع بنسبة 0.4٪ من 0.6٪ سابقًا.
وسجلت القراءة الشهرية لتضخم أسعار المنتجين في الولايات المتحدة في مايو الماضي ارتفاعا بنسبة 0.8%، وهو ما جاء ضعف القراءة السابقة التي سجلت 0.4%، وتوافق أيضا مع توقعات الأسواق التي أشارت إلى الأرقام المسجلة في القراءة الفعلية.
وباستثناء أسعار الغذاء والطاقة، ارتفعت أسعار المنتجين الأمريكيين الشهر الماضي بواقع 0.5% مقابل القراءة السابقة التي سجلت 0.2%، وهو ما جاء دون التوقعات التي أشارت إلى 0.6%.
وسجل التضخم السنوي في أسعار المنتجات ارتفاعا بواقع 10.8 مقابل القراءة السابقة التي سجلت 10.9%.
توقعات الأوبك بشأن النفط
أبقت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) يوم الثلاثاء الماضي على توقعاتها بشأن نمو الطلب على النفط لعام 2022 دون تغيير لتستقر عند 3.4 مليون برميل يوميًا.
وفي تقريرها الشهري، عمدت منظمة الأوبك إلى خفض توقعاتها لنمو الطلب في الربع الثاني لتعكس عمليات الإغلاق الصينية لاحتواء فيروس كورونا، بينما رفعت تقديراتها في النصف الثاني على خلفية توقعات بارتفاع الطلب خلال عطلة الصيف وموسم القيادة.
تصريحات لاجارد
أبلغت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد، يوم الخميس، وزراء مالية منطقة اليورو أن مخاطر السياسة المالية المجزأة تشكل تهديدًا خطيرًا لمهمة استقرار الأسعار التي تعد من أولويات المركزي.
وأضافت لاجارد: “الشك في التزامنا سيكون خطأً فادحاً والهدف الأعلى لأدوات تجنب السياسة النقدية المجزأة ليس إغلاق فروق الأسعار، ولكن تطبيع تلك الفروق”.
الأسبوع المقبل
بعد عمليات البيع المكثفة التي شهدتها أسواق الأسهم الأسبوع الماضي، سينصب تركيز المستثمرين في الولايات المتحدة إلى الخطب العديدة التي سيلقيها مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي بما في ذلك شهادات رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي باول أمام لجنة الخدمات المصرفية بمجلس الشيوخ ولجنة الخدمات المالية بمجلس النواب يومي الأربعاء والخميس المقبلين.
كما سيترقب المشاركون في السوق صدور القراءات الأولية لمؤشر مديري المشتريات في كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ومنطقة اليورو واليابان وأستراليا.
و أخيرًا، من المقرر إصدار بيانات مؤشر أسعار المستهلكين للمملكة المتحدة وكندا واليابان.