لقد شهدت أسواق المال خلال الأسبوع المنصرم مجموعة من البيانات من العيار الثقيل التي أثرت بشكل مباشر على الأسواق وأبرزها: تصفية شركة إيفراجراند وقرار الفائدة الأمريكية والبريطانية فضلا عن بيانات الوظائف بالقطاع غير الزراعي الأمريكي. وفي السطور القادمة نستعرض هذه البيانات والأحداث بمزيد من التفصيل.
أولا: الفائدة الأمريكية
أبقى الفيدرالي على معدل الفائدة كما هو دون تغيير الأربعاء في نهاية اجتماع يناير الذي بدأ الثلاثاء الماضي، وهو ما جاء متوافقا مع توقعات الأسواق التي رجحت كفة تثبيت الفائدة.
وثبت الفيدرالي معدل الفائدة في منطقة 5.25%- 5.50%، مما يشير إلى نفس المستويات للاجتماع الرابع على التوالي، وهو ما يزيد من التكهنات بـأن البنك المركزي قد يبدأ خفض الفائدة في وقت قريب.
وبعث الفيدرالي، في أعقاب إعلان الإبقاء على الفائدة دون تغيير للمرة الرابعة على التوالي، برسالة إلى الأسواق مفادها أنه انتهى من رفع الفائدة، لكنه غير مستعد للبدء في خفض الفائدة في وقت قريب.
وتُعد هذه الرسالة تحولا كبيرا في خطاب الفيدرالي الذي داوم على مدار الاجتماعات الثلاثة الماضية على ترك الباب مفتوحا أمام احتمالات المزيد من رفع الفائدة، وهو ما يشير إلى انتهاء دورة التشديد الكمي رسميا.
قال جيروم باول، رئيس مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي، الأربعاء: “لا أعتقد أن لدينا الثقة بما فيه الكفاية لخفض الفائدة في مارس المقبل”.
وأضاف: “نحتاج إلى مشاهدة المزيد من بيانات التضخم الجيدة حتى نكتسب المزيد من الثقة في أنه سوف يواصل الهبوط”.
وتابع، في معرض حديثه في المؤتمر الصحفي الذي انعقد عقب إعلان قرار الفائدة: “حققنا نموا قويا العام الماضي. لكن الكثير من تحسن البيانات في الفترة الأخيرة كان على مستوى السلع، وهو ما نرجح أنه قد يستمر. كما نحتاج إلى أن رؤية المزيد من التقدم على مستوى الخدمات”.
ثانيا: الفائدة البريطانية
احتفظ بنك إنجلترا بأسعار الفائدة عند أعلى مستوى لها منذ ما يقرب من 16 عامًا يوم الخميس لكنه خفف موقفه بشأن إمكانية خفضها، وصوت أحد صانعي السياسات لأول مرة منذ عام 2020 لصالح خفض تكاليف الاقتراض.
ومن جهته، قال حاكم بنك إنجلترا أندرو بايلي إن التضخم “يتحرك في الاتجاه الصحيح” بعد فترة وجيزة من إلغاء لجنة السياسة النقدية تحذيرها السابق بإمكانية ارتفاع أسعار الفائدة مرة أخرى، وبدلاً من ذلك أكدت على إبقاء تكاليف الاقتراض “قيد المراجعة”.
ارتفع الجنيه والعائد على سندات الحكومة البريطانية بشكل طفيف بعد إعلان بنك إنجلترا. خفف المستثمرون قليلاً رهاناتهم على مدى خفض سعر الفائدة خلال عام 2024 لكنهم ما زالوا يرون أربعة تخفيضات خلال العام.
أكد بايلي أن بنك إنجلترا لا يزال حذراً وأن انخفاض التضخم إلى هدفه البالغ 2٪ لن يُعتبر “مهمة منجزة”. وقال: “نحتاج إلى رؤية المزيد من الأدلة على أن التضخم سيصل إلى هدف 2٪ ويبقى هناك، قبل أن نتمكن من خفض أسعار الفائدة”.
ثالثا: بيانات سوق العمل الأمريكي
أعلنت إدارة إحصاءات العمل الأمريكية يوم الجمعة أن الوظائف غير الزراعية ارتفعت بمقدار 353 ألف وظيفة الشهر الماضي. وتم تعديل بيانات ديسمبر بالزيادة لتظهر إضافة 333 ألف وظيفة بدلاً من 216 ألف وظيفة كما ورد سابقًا. وكان خبراء الاقتصاد الذين استطلعت رويترز آراءهم قد توقعوا زيادة الوظائف بمقدار 180 ألف وظيفة.
وتراوحت التقديرات بين 120 ألف و 290 ألف وظيفة. لا يزال نمو الوظائف أعلى بكثير من حوالي 100 ألف وظيفة شهريًا المطلوبة لمواكبة النمو في عدد السكان في سن العمل. ومع ذلك، تباطأ زخم سوق العمل عن الوتيرة القوية في عام 2022 بسبب ارتفاع أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي.
فقد ارتفع متوسط الأجر بالساعة بنسبة 0.6٪ الشهر الماضي بعد أن ارتفع بنسبة 0.4٪ في ديسمبر. وفي الأشهر الـ 12 حتى يناير، ارتفع الأجر بنسبة 4.5٪ بعد أن ارتفع بنسبة 4.3٪ في الشهر السابق.
وفي أعقاب القرار، قفز مؤشر الدولار إلى 103.6 يوم الجمعة حيث قلص المتداولون توقعات خفض أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، مدفوعًا بتقرير أقوى من المتوقع حول الوظائف الأمريكية لشهر يناير.
ارتفع العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات إلى 3.978٪، بعد أن بدد تقرير قوي عن الوظائف التوقعات بخفض أسعار الفائدة قريبًا.
رابعا: تصفية شركة إيفرجراند
تم وقف تداول أسهم شركة إيفرجراند العقارية الصينية بعد انهيارها بأكثر من 20% في بداية تعاملات يوم الإثنين، وذلك بعد أن حكمت محكمة في هونغ كونغ بتصفيتها. ويأتي هذا القرار وسط أزمة ديون متفاقمة في الصين.
وكانت إيفرجراند، التي كانت ذات يوم واحدة من أكبر شركات التطوير العقاري في الصين، قد غرقت في أزمة الديون التي تضرب بكين في السنوات الأخيرة.
ومن جهتها، ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال في وقت سابق أن دائني إيفرجراند الأجانب فشلوا في التوصل إلى اتفاقية إعادة الهيكلة في اللحظة الأخيرة هذا وهو ما قد يعني تصفية وشيكة لشركة التطوير العقاري.
وتعد إيفرجراند أكثر شركة تطوير عقاري مديونة في العالم، وقد تخلف عن سداد ديونه في عام 2021 وأعلن عن برنامج لإعادة هيكلة ديونها الخارجية في مارس من العام الماضي.
الأسبوع المقبل
في الولايات المتحدة، ستتجه كل الأنظار خلال الأسبوع المقبل إلى تقارير أرباح الشركات الكبرى، بما في ذلك تقارير ماكدونالدز، وكاتربيلر، وإيلي ليلي، وأمجن، وال ديزني، وأوبر، وستاندرد أند بورز جلوبال، وفيليب موريس، وكونوكو فيليبس.
كما سيراقب المستثمرون عن كثب تصريحات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي، إلى جانب المؤشرات الاقتصادية الرئيسية مثل مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات من معهد إدارة التوريد (ISM) وبيانات الميزان التجاري.
وعلى الصعيد الدولي، سينصب التركيز على قرارات أسعار الفائدة في أستراليا، وبيانات التجارة الخارجية لكل من أستراليا، وألمانيا، وفرنسا، وكندا، والصين. في الصين، سيركز المستثمرون على مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات من كايشين وأسعار المستهلكين والمنتجين.
أخيرًا، ستصدر ألمانيا بيانات أوامر المصانع والإنتاج الصناعي، وكندا بيانات سوق العمل ومنطقة اليورو بيانات مبيعات التجزئة.