ختمت أسواق المال العالمية تعاملاتها في الأسبوع المنتهي في التاسع من إبريل الجاري بعاصفة من التفاؤل اجتاحت جميع الأصول المتداولة في الأسواق، مما أدى إلى ارتفاع أسوق المخاطرة بعد أن رجحت كفتها على أصول الملاذ الآمن مثل الدولار الأمريكي والذهب.
وجاء التفاؤل بدفعة من توافر أحداث إيجابية دفعت بالتفاؤل إلى السيطرة على الأسواق، مما أدى إلى ارتفاع الأسهم الأمريكية وعملات المخاطرة مع هبوط الدولار الذي قاد أصول الملاذ الآمن إلى الاتجاه الهابط.
الدولار ضحية التفاؤل
واصل الدولار الأمريكي الصعود منذ مستهل التعاملات الصباحية الجمعة الماضية بدفعة ارتفاع عائدات سندات الخزانة الأمريكية على مدار يوم التداول الأخير من الأسبوع الجاري.
وجاء الصعود ليدفع بمؤشر الدولار الأمريكي إلى مستويات أعلى بالقرب من نهاية أسبوع التداول المنقضي. وارتفع المؤشر، الذي يقيس أداء الدولار الأمريكي مقابل سلة العملات الرئيسية، إلى 92.18 نقطة مقابل الإغلاق اليومي الماضي الذي سجل 92.06 نقطة. وهبط المؤشر إلى أدنى المستويات على مدار اليوم الأخير من تعاملات هذا الأسبوع عند 92.03 نقطة مقابل أعلى المستويات الذي سجل 92.41 نقطة.
واستفادت العملة الأمريكية من تراجع اليورو عقب ظهور بيانات ألمانية سلبية مع هبوط الإسترليني متأثرا بمخاوف حيال سرعة عملية توزيع اللقاحات المضادة لفيروس كورونا بعد تقارير ذكرت احتمالات وجود علاقة بين لقاح أسترا زينيكا وحالات تجلط في الدم أصابت بعض الحالات التي تناولت هذا اللقاح.
وتوالت على العملة الأمريكية أحداث هامة على مدار أيام الأسبوع المنتهي في 9 إبريل 2021، أبرزها التفاؤل الذي أثارته نتائج اجتماع الفيدرالي وتصريحات رئيسه جيروم باول وخطة الرئيس الأمريكي جو بايدن للإنفاق على البُنى التحتية. كما تضررت العملة من عوامل سلبية، أبرزها التدهور الكبير في بيانات إعانات البطالة الأمريكية.
اليورو والمركزي الأوروبي
تراجع اليورو بنهاية تعاملات الجمعة مقابل الدولار الأمريكي متأثرا بتراجع في البيانات الألمانية الصادرة اليوم والارتفاع الذي حققته العملة الأمريكية مدعومة بارتفاع في عائدات سندات الخزانة الأمريكية.
وتراجع اليورو/ دولار إلى 1.1900 مقابل الإغلاق اليومي الماضي الذي سجل 1.1914. وارتفع الزوج في نهاية يوم التداول الجمعة عند 1.1920 مقابل أدنى المستويات الذي سجل 1.1867.
وتراجعت قراءة مؤشر الصادرات الألمانية بواقع 0.9% في فبراير الماضي مقابل القراءة السابقة التي سجلت ارتفاعا بواقع 3.4%، وهو ما جاء أدنى من توقعات السوق التي أشارت إلى تراجع أقل حدة بواقع 1.00%.
وسجل مؤشر الحساب الجاري في ألمانيا، أكبر اقتصادات منطقة اليورو، في فبراير الماضي ارتفاعا إلى 18.8 مليار يورو مقابل القراءة السابقة التي سجلت 17.6 مليار يورو.
كما هبطت قراءة الإنتاج الصناعي الألماني بواقع 6.4-% مقابل القراءة المسجل الشهر السابق التي أشارت إلى 4.00%-
ورغم هذا الهبوط اليومي الذي تعرضت له العملة الأوروبية الموحدة الجمعة، تمكن اليورو من تحقيق مكاسب أسبوعية بواقع1.2% مسجلا إغلاق أسبوعيا إيجابيا عند 1.1900 مقابل الإغلاق الأسبوعي الماضي الذي سجل 1.1761.
وعلى النقيض من البيانات السلبية، جاءت نتائج اجتماع مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي التي تضمنت أن الأعضاء في المجلس الحاكم للبنك المركزي يركزون على الإيجابيات أكثر من الاهتمام بالسلبيات، والاعتراف بالارتفاع في التضخم في منذ أوائل 2021، وذلك إضافة إلى التأكيد على تراجع المخاطر التي تواجه النظرة المستقبلية لاقتصاد منطقة اليورو.
كما أشارت تلك النتائج إلى أن التحفيز المالي الأمريكي قد يكون له مردود إيجابي على أهم اقتصادات العالم، من بينها اقتصاد منطقة اليورو. ورجحت كريستين لاجارد، رئيسة مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي، أن الأموال التي تبلغ قيمتها 1.85 ترليون يورو الموجودة في برنامج شراء الأصول الطارئ لمكافحة الوباء قد لا تستخدم كلها، لكنها أشارت في نفس الوقت أن المركزي الأوروبي لن يتردد في تخصيص المزيد من الأموال لصالح هذا البرنامج إذا اقتضت الضرورة ذلك.
الإسترليني وخسائر أسبوعية
أنهى الإسترليني تعاملات الجمعة في الاتجاه الهابط متأثرا بمخاوف حيال سرعة عملية توزيع اللقاحات المضادة لفيروس كورونا في المملكة المتحدة وعمليات جني الأرباح التي تتعرض لها العملة البريطانية استغلال للمكاسب الكبيرة التي حققها في الربع الأول من 2021.
وتراجع الإسترليني/ دولار إلى 1.3702 مقابل الإغلاق اليومي الماضي الذي سجل 1.3732. وارتفع الزوج إلى أعلى المستويات الذي سجل 1.3750 مقابل أدنى المستويات الذي سجل 1.3669.
وعلى أساس أسبوعي، تعرض الزوج لخسائر بواقع 0.8% إلى 1.3702 مقابل الإغلاق الأسبوعي الماضي الذي سجل 1.3918، مما يشير إلى أدنى المستويات في عام كامل.
وحقق الإسترليني مكاسب كبيرة في الربع الأول من 2021، وهو ما جاء بدفعة من سرعة توزيع اللقاحات المضادة لفيروس كورونا. ولنفس الأسباب، بدأ التداعي للعملة البريطانية، إذ صدرت توصيات من جهات صحية معنية بالتحصين في المملكة المتحدة بتوفير لقاحات بديلة لأسترا زينيكا لمن هم دون الثلاثين من العمر. وجاء ذلك عقب ظهور تقارير أشارت إلى احتمالات أن تكون هناك علاقة بين لقاح أسترا زينيكا، الذي تعتمد المملكة المتحدة عليه إلى حدٍ كبيرٍ في عملية تحصين البريطانيين ضد فيروس كورونا، وحالات تجلط في الدم أصابت بعض من تناولوا هذا اللقاح.
الأسترالي والسياسة النقدية
أنهى الدولار الأسترالي تعاملات الأسبوع الماضي في الاتجاه الصاعد مستفيدا من تراجع الدولار الأمريكي على مدار تلك الفترة بسبب تحسن في شهية المخاطرة دفعها التفاؤل المفرط إلى السيطرة على الأسواق.
كما استفادت العملة الأسترالية من تثبيت بنك الاحتياطي الأسترالي معدل الفائدة عند نفس المستويات الحالية والتوقعات باستمرار المعدلات الحالية حتى عام 2025.
وقال فيليب لوي، رئيس مجلس محافظي بنك الاحتياطي الأسترالي: “بينما تبدو الطريق وعرة وغير مستوية أمام الاقتصاد، ظهرت احتمالات أفضل لأن يتحقق تعافي مستدام مقارنة بالنظرة المستقبلية السائدة في الأشهر القليلة الماضية.
لكنه أشار إلى أن التعافي “سوف يظل معتمدا على الموقف على صعيد الصحة العامة في البلاد، والمزيد من التحفيز المالي للاقتصاد”.
وكان الجمع بين تفاؤل بيان الفائدة الأسترالية وتوقعات استمرار العمل بمعدلات فائدة منخفضة هو السبب وراء دفع الدولار الأسترالي إلى أعلى على مدار أيام تداول الأسبوع الماضي.
النفط وقرارات أوبك+
ختم النفط تعاملات الأسبوع المنتهي في التاسع من إبريل الجاري بخسائر مقابل المستويات التي تحققت في الأسبوع السابق. وجاء هذا الهبوط تأثرا بالقرارات التي اتخذتها مجموعة أوبك+ بزيادة الإنتاج أو ما يمن أن نسميه تقليص لحجم خفض الإنتاج في هذه الدول.
تراجعت العقود الآجلة للنفط في نهاية الأسبوع الماضي متأثرة باستيعاب الأسواق قرارات أوبك التي تضمنت زيادة دون التوقعات لمعدل الإنتاج بكميات محدودة بدء من مايو المقبل مع الإبقاء على الحجم الحالي لخفض الإنتاج كما هو عند نفس المستويات المعمول بها منذ عدة أشهر.
وهبطت العقود الآجلة للنفط الأمريكي إلى 59.36 دولار للبرميل مقابل الإغلاق اليومي الماضي الذي سجل 61.25 دولار للبرميل. وارتفعت العقود الآجلة للخام الأمريكي إلى أعلى المستويات على مدار يوم التداول الجاري عند 61.38 دولار مقابل أدنى المستويات الذي سجل 57.65 دولار.
كما تراجعت العقود الآجلة لخام برنت إلى 62.98 دولار للبرميل مقابل الإغلاق المسجل في جلسة الجمعة الماضية عند 64.64 دولار للبرميل. وارتفع الخام البريطاني إلى أعلى مستوياته على مدار جلسة التداول الاثنين عند 64.77 دولار للبرميل مقابل أعلى المستويات الذي سجل 62.24 دولار.
وقررت مجموعة أوبك+ في ختام اجتماعها الشهري الخميس الماضي زيادة الإنتاج بواقع 350 ألف برميل يوميا في مايو، ونفس الكمية في يونيو المقبل، علاوة على زيادة بواقع 400 ألف برميل يوميا في يوليو المقبل.
وجاءت هذه الزيادة على النقيض من توقعات الأسواق التي أشارت قبل قليل إلى أن التحالف النفطي العالمي سوف يبقي على خفض الإنتاج عند نفس الأحجام السابقة.
رغم ذلك، تُعد هذه الزيادة هزيلة في ضوء إجمالي حجم خفض الإنتاج من قبل دول المجموعة البالغ 7.2 مليون برميل يوميا.
بذلك يتراجع حجم خفض الإنتاج من قبل دول المجموعة إلى 6.5 مليون برميل في مايو المقبل مقابل الخفض الحالي بواقع 7.00 مليون برميل يوميا.
وجاء قرار زيادة الإنتاج استنادا إلى توقعات بزيادة سرعة عملية التحصين باللقاحات المضادة لفيروس كورونا بحلول الصيف المقبل في دول الاقتصادات الرئيسية، مما يساعد على استئناف النشاط الاقتصادي وحركة السفر حول العالم، وهو ما يؤدي إلى زيادة الطلب على النفط ومن ثم ارتفاع الأسعار.
ويبدو أن تحالف كبار منتجي النفط في العالم كان يعتزم الاستمرار في خفض الإنتاج كما كانت عليه، لكن بعض المؤشرات الإيجابية على تحسن الأوضاع الاقتصادية المستقبلية واقتراب العودة إلى الحياة الطبيعية وسط تعافي تدريجي من أزمة فيروس كورونا دفعت أوبك+ إلى اتخاذ القرار بالبدء في تقليص حجم خفض الإنتاج.
الكندي يسير عكس النفط
تمكن الدولار الكندي من الصعود في نهاية أسبوع التداول الماضي رغم هبوط العقود الآجلة للنفط بنوعيها، وهو ما جاء نتيجة التفاؤل الذي سيطر على الأسواق بسبب نتائج اجتماع الفيدرالي، والإعلام عن بعض تفاصيل خطة الرئيس الأمريكي جو بايدن العملاقة للبُنى التحتية، علاوة على تصريحات لرئيس الفيدرالي جيروم باول التي أكدت على نفس نغمة التفاؤل التي جاءت بها نتائج الفيدرالي.
كما كانت هناك جلسات من الصعود للعقود الآجلة للنفط أدت إلى دعم الدولار الكندي عقب هبوط حاد في مخزونات النفط الأمريكية، وثبات في عدد منصات الحفر الأمريكية.
وارتفع الدولار الكندي، مما أدى إلى هبوط زوج الدولار/ كندي إلى 1.2523 مقابل الإغلاق اليومي الماضي 1.2576. وارتفع الزوج إلى أعلى مستوى له على مدار أسبوع التداول الماضي عند 1.2634 مقابل أدنى المستويات الذي سجل 1.2510.