كانت معادلة أسواق المال العالمية صفرية الأسبوع الماضي بعد إصدار الفيدرالي نتائج اجتماعه الماضي التي أكدت للمستثمرين أن البنك المركزي ماضي في طريقه إلى التشديد النقدي من خلال خفض مشتريات الأصول ورفع الفائدة.
وانتهت تعاملات أسبوع التداول الماضي بحالة من السلبية التي نتجت عن اكتشاف سلالة جديدة من فيروس كورونا في جنوب أفريقيا علاوة على عطلة نهاية الأسبوع الطويلة بسبب الاحتفال بعيد الشكر في الولايات المتحدة التي دخلت أصول عدة متداولة في الأسواق في حركة عرضية وحركات تصحيحية خلالها.
كما كان للبيانات الأمريكية دورا كبيرا ومؤثرا في حركة سعر الأسهم الأمريكية في وول ستريت وسوق العملات والعقود الآجلة للنفط والذهب وعائدات سندات الخزانة الأمريكية، وغيرها من الأصول المالية.
وأظهرت بيانات التوظيف والتضخم تحسنا ملحوظا، وفقا للبيانات التي ألقت الضوء على أدنى مستوى لإعانات البطالة الأسبوعية في الولايات المتحدة منذ 1996 علاوة على ظهور قراءات إيجابية لمؤشرات الدخل والإنفاق الشخصييْن ومؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الذي يعتبره الفيدرالي المقياس الأدق على الإطلاق للتضخم الأمريكي.
الأسهم الأمريكية
رغم توافر بيانات شديدة الإيجابية، لم تتمكن الأسهم الأمريكية من تحقيق مكاسب أسبوعية في الفترة من 22 إلى 26 نوفمبر الجاري. وكان السر وراء عجز الأسهم في وول ستريت عن الاستفادة من إيجابية البيانات الاقتصادية هو أن نتائج اجتماع الفيدرالي أكدت على أن الموقف الحالي للبنك المركزي يميل إلى التشديد النقدي ووقف إجراءات التيسير الكمي في أقرب وقت ممكن.
وتلقت تلك التوقعات تعزيزا إضافيا من قرار الرئيس الأمريكي جو بايدن بمنح جيروم باول، رئيس مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي، فترة ولاية ثانية في منصبه.
ويعني استمرار باول في منصبه لأربع سنوات إضافية المزيد من الاستقرار في البنك المركزي، مما يساعد السلطات النقدية على تنفيذ خططها التي تركز في الوقت الراهن على استكمال الطريق إلى إنهاء مشتريات الأصول ورفع الفائدة.
ومن الطبيعي أن تسجل الأسهم الأمريكية خسائر كلما تصاعدت توقعات التقييد النقدي ورفع الفائدة أو الإسراع من وتيرة خفض مشتريات الأصول الذي بدأ بالفعل في منتصف نوفمبر الجاري، وذلك لأن خفض تلك المشتريات يمهد لتوفير بيئة غير مواتية للتداول في أسواق الأسهم.
وتوقع محللون استراتيجيون ماليون لدى بنك جولدمان ساكس الخميس الماضي أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يضاعف وتيرة خفض مشترياته من السندات الشهرية اعتبارًا من يناير إلى 30 مليار دولار، وأن ينهي خطته لشراء السندات في حقبة الوباء بحلول منتصف مارس 2021.
كما تتوقع المجموعة المالية العالمية العملاقة جولدمان ساكس أن يرفع الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة لأول مرة في يونيو من العام المقبل.
الدولار الأمريكي
على أساس أسبوعي، لم يشهد الدولار الأمريكي أي تغيير على الإطلاق في نهاية أٍبوع التداول 22-26 نوفمبر نظرا لتعادل العوامل الإيجابية والسلبية للعملة الأمريكية على مدار تلك الفترة.
وارتفعت العملة إلى مستويات أعلى من 96.00 نقطة، وفقا لما سجله مؤشر الدولار الذي يقيس أداءه مقابل سلة العملات الرئيسية في نهاية الأسبوع الماضي، وهو ما جاء كنتيجة طبيعية لتصاعد توقعات الإسراع من وتيرة خفض مشتريات الأصول واكتشاف المتحور الجديدة من فيروس كورونا في جنوب أفريقيا واكتشاف حالات منه انتقلت إلى أنحاء عدة من العالم.
في المقابل، كانت هناك إشارات واضحة في نتائج اجتماع الفيدرالي إلى تقدم كبير حققه الاقتصاد الأمريكي في الفترة الأخيرة، مما أدى إلى تعزيز الإيجابية في الأسواق، ومن ثم هبوط الدولار الأمريكي.
وأشارت البيانات الأمريكية إلى تقدم كبير في مؤشرات مطالبات إعانات البطالة، إذ هبط مؤشر إعانات البطالة الأسبوعية إلى أدنى مستوى له على مدار يوم أسبوع التداول (22 – 26 نوفمبر) منذ عام 1996. كما أظهر مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي، الذي يعتبره الفيدرالي المؤشر الأصدق والأدق في رصد التضخم الأمريكي.
يُضاف إلى ذلك أيضا ق في التعبير عن وضع التضخم الأمريكي، ومؤشر الإنفاق الشخصي، ومؤشر الدخل الشخصي مستويات تبعث على الاطمئنان الأسبوع الماضي.
وأدت عطلة نهاية الأسبوع الطويلة بسبب عيد الشكر الأسبوع الماضي إلى دخول الدولار الأمريكي في حركة تصحيحية هابطة كانت من أهم العوامل التي أسهمت في ثبات مستويات العملة على مدار أسبوع كامل.
في المقابل، تراجعت عائدات سندات الخزانة الأمريكية والعقود الآجلة للذهب. أما العائدات، فتراجعت بسبب السلالة الجديدة من فيروس كورونا التي تُدعى أوميكرون بينما تراجع الذهب بضغط من تماسك الدولار الأمريكي.
وهبطت العقود الآجلة للنفط أيضا على أساس أسبوعي في الفترة (22-26 نوفمبر الجاري) متأثرة بالمتحور أوميكرون من الوباء رغم صمود تلك العقود أمام أنباء سلبية تضمنت إطلاق الولايات المتحدة وعدد من أكثر الدول استهلاكا للنفط في آسيا كميات من الاحتياطيات الاستراتيجية للنفط بهدف زيادة المعروض والسيطرة على الأسعار. وبدأ شبح الإغلاقات المحتملة، التي بدأتها النمسا بالفعل الأسبوع الماضي، في مطاردة الأسعار العالمية للنفط.
أهم الأحداث الأسبوع المقبل
تتضمن المفكرة الاقتصادية دفعات هامة من البيانات الأسبوع المقبل، من بينها تضخم أسعار المنتجين في المملكة المتحدة، وتضخم أسعار المستهلك الألماني، والثقة الاقتصادية الأوروبية، وبيانات إسكان أمريكية، وبيانات تصنيع صينية، وبيانات توظيف ألمانية، والناتج المحلي الإجمالي الكندي.
وتراقب الأسواق التطورات على صعيد المتحور الجديد أوميكرون من الوباء، وما قد يظهر من نتائج للدراسات التي يخضع لها منذ ظهوره في الأيام القليلة الماضية.
وينبغي أيضا متابعة أي تطورات على صعيد أزمة المهاجرين في أوروبا، وذلك على صعيد المحادثات الدائرة بين فرنسا وهولندا وألمانيا والمملكة المتحدة حول السبل التي يمكن من خلالها السيطرة على محاولات عبور المهاجرين غير الشرعيين من فرنسا إلى المملكة المتحدة عبر بحر المانش، وهي المحاولات التي قتل في إحداها 27 شخصا جراء غرق زورق في بحر المانش الأربعاء الماضي.