كان عنوان تعاملات الأسبوع من 9 إلى 13 أغسطس الجاري هو الصراع بين معنويات المستثمرين في أسواق المال. فكانت هناك عوامل شديدة الإيجابية أثارت قدرا من شهية المخاطرة مقابل عوامل أخرى في الاتجاه المعاكس أثارت السلبية في الأسواق.
وكادت الإيحابية أن تفوز في تلك المباراة بسبب الدفعة التي تلقتها من بيانات التوظيف الأمريكية، وتقارير الأرباح الأوروبية، وتمرير مجلس الشيوخ مشروع قانون إنفاق البُنى التحتيه الذي تتباناه إدارة بايدن، وتجاوز قراءة النمو البريطاني توقعات الأسواق.
لكن عوامل سلبية أخرى أثارت القلق والتوتر في الأسواق، أبرزها مخاوف إغراق السوق الأمريكي بالسيولة، مما يؤيد حتما إلى ضعف الدولار الأمريكية، ودفعات سلبية من البيانات الأوروبية، وغيرها من السلبيات، مما حال دون تحقيق أصول المخاطرة الارتفاعات المتوقعة ليظهر أداؤها تقدما هامشيا في نهاية الأسبوع الماضي.
الدولار الأمريكي
أنهى الدولار الأمريكي تعاملات الأسبوع من 9 إلى 13 أغسطس في الاتجاه الهابط بعد أن نال منه التفاؤل الذي سيطر على أسواق المال العالمية بسبب بيانات التوظيف الأمريكية وتمرير مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قانون خطة الإنفاق على البُنى التحتية بقيمة ترليون دولار.
وتراجع مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة العملات الرئيسية، إلى 92.51 نقطة مقابل الإغلاق الأسبوعي الماضي الذي سجل 92.97 نقطة. وارتفع المؤشر إلى أعلى مستويات على مدار أسبوع التداول الماضي عند 93.17 نقطة مقابل أدنى المستويات الذي سجل 90.50 نقطة.
وكان التفاؤل هو سيد الموقف على مدار الأسبوع الماضي، إذ سجلت مؤشرات التوظيف الأمريكي ارتفاعات قياسية بلغت بها مستويات ما قبل الوباء. وكان رد الفعل المباشر للعملة الأمريكية تجاه تلك البيانات إيجابية، إذ ارتفع الدولار الأمريكي.
لكن مع استيعاب المستثمرين للتفاؤل الذي أثارته تلك البيانات، بدأت العملة في التراجع بسبب وضعيتها بين أصول الملاذ الآمن.
كما تراجعت العملة الأمريكية بعد تمرير مشروع قانون إنفاق البُنى التحتية بعد أن استوعبت الأسواق أن هذه الحزمة التحفيزية العملاقة بقيمة ترليون دولار سوف تزيد من المعروض من العملة، ومن ثم انخفاض قيمتها.
ولم يتمكن الدولار الأمريكي من الاستفادة من استمرار ارتفاع عدد حالات ووفيات فيروس كورونا، الذي يرجعه البعض إلى السلالة المتحورة دلتا، إذ كان التفاؤل أقوى من أن يسمح لهذه العوامل السلبية بالتأثير على العملة.
عائدات السندات الأمريكية
لم تشهد عائدات سندات الخزانة الأمريكية تغيير يُذكر على أساس أسبوعي، إذ أنهت التعاملات في الأسبوع من 9 إلى 13 أغسطس الجاري في منطقة قريبة من 1.290%، وهو ما يرجع إلى الصراع بين قوى سلبية وأخرى إيجابية على التأثير في الأسواق، أو ما يُعرف بالصراع بين شهية وتجنب المخاطرة.
وحدث تقدم فاق التوقعات في بيانات التوظيف الأمريكية نهاية الأسبوع السابق علاوة على تمرير مجلس الشيوخ مشروع قانون إنفاق البُنى التحتية بقيمة ترليون دولار، كلا العاملين زادا من تفاؤل الأسواق فتحسنت شهية المخاطرة، مما أدى إلى هبوط الدولار الأمريكي، وهما عاملان إيجابيان زادا من التفاؤل ورفعا شهية المخاطرة، وهو ما انعكس سلبا على العملة. كما أٍهمت يف سلبية حركة سعر العملة الأمريكية مخاوف زيادة المعروض من العملة بسبب حزمة التحفيز العملاقة بقيمة ترليون دولار.
في المقابل، استمر ارتفاع عدد حالات ووفيات فيروس كورونا لم يتمكن من دعم الدولار الأمريكي، مما أدى إلى حدوث توازن بين القوة الإيجابية والسلبية في الأسواق.
مكاسب أسبوعية للذهب
كان للذهب قصة مختلفة عن الدولار الأمريكي، إذ كانت المؤثرات التي تمكنت من توجيه حركة سعره هي الارتفاع المستمر في أعداد الحالات والوفيات جراء وباء كورونا وتصريحات أعضاء مجلس الاحتياطي الفيدرالي التي تضمنت الإشارة إلى اقتراب البنك المركزي من تقليل أو وقف مشتريات الأصول.
وارتفعت العقود الآجلة للذهب إلى 1779 دولار للأونصة في نهاية الأسبوع من 9 إلى 13 أغسطس الجاري مقابل الإغلاق الأسبوعي الماضي الذي سجل 1762 دولار. وهبط المعدن النفيس إلى أدنى مستوى له على مدار الأسبوع الماضي عند 1681 دولار مقابل أعلى المستويات في نفس الفترة عند 1780 دولار.
ولم تتوقف حالات ووفيات فيروس كورونا عن الزيادة على مدار الأسبوع الماضي وسط تقارير بأن السلالة دلتا المتحورة من الوباء هي المسؤولة عن هذه الموجة الجديدة من الزيادة، وهو ما يصب في صالح المعدن النفيس.
وعلى مدار الأسبوع الماضي أيضا، ظهرت تصريحات لأعضاء مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي؛ رافاييل بوستيك وتوماس باركين وإريك روزنبرج وإستر جورج أشاروا خلالها إلى أنه حان الوقت للبدء في وقف مشتريات الأصول، وهو ما من شأنه أن يصب في صالح الدولار الأمريكي على حساب الذهب.
لكن هذه التصريحات توقفت على مدار يومي الخميس والجمعة الماضيين، وهو ما وفر متنفسا للعقود الآجلة للمعدن النفيس.
اليورو ومكاسب أسبوعية
حقق اليورو مكاسب أسبوعية في الفترة من 9 إلى 13 أغسطس بدفعة من تقارير الأرباح، وتوقعات بتعافي اقتصاد منطقة اليورو بوتيرة أسرع من مقارنة بباقي الاقتصادات الرئيسية، والتفاؤل الذي أثارته بيانات التوظيف الأمريكية وتمرير مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قانون خطة الإنفاق العملاقة على البُنى التحتية بقيمة ترليون دولار.
وارتفع اليورو/ دولار إلى 1.1793 مقابل الإغلاق المسجل نهاية الأسبوع السابق عند 1.1761. وهبط الزوج إلى أدنى مستوى على مدار أسبوع التداول من 9 إلى 13 أغسطس الجاري عند 1.1706 مقابل أعلى المستويات في نفس الفترة عند 1.1804.
وسجلت قراءات التضخم الأوروبي والأمريكي التي ظهرت الأسبوع الماضي مستويات أشاعت قدرا من الطمأنينة في الأسواق بعد إظهار قدر كبير من الاستقرار في معدلات أسعار المستهلك، وهو ما كان له دور كبير في صعود اليورو على أساس أسبوعي.
ورأت ويلز فارجو، في تقرير أصدرته الأسبوع الماضي، أن أكثر الاقتصادات الرئيسية إثارة للتفاؤل على صعيد التعافي هو اقتصاد منطقة اليورو، إذ رجحت المؤسسة أن يحقق الاقتصاد الأوروبي تعافيا كبيرا في نهاية العام الجاري.
وكان تمرير مشروع قانون خطة إنفاق البُنى التحتية الأمريكية من مجلس الشيوخ الأسبوع الماضي من أهم العوامل التي ساعدت اليورو على الصعود بسبب ظهور مخاوف زيادة المعروض من الدولار الأمريكي نظرا للإنفاق الهائل الذي تنتظره الولايات المتحدة، مما أدى إلى هبوط العملة الأمريكية مقابل نظيرتها الأوروبية.
في المقابل، كانت هناك بعض السلبيات التي أُرت بعض الشيء على اليورو، لكنها تراجعت عن التأثير لصالح الإيجابيات، وهي العوامل التي تتمثل في تراجع مؤشر ZEW للثقة الاقتصادية في ألمانيا ومنطقة اليورو، وتدهور بيانات الإنتاج الصناعي في منطقة اليورو، وارتفاع عدد الحالات والوفيات جراء الوباء.
الإسترليني يتراجع رغم تحسن النمو
كان العامل الأكثر حسما في تحديد اتجاه حركة سعر الجنيه الإسترليني في الأٍبوع من 9 إلى 13 أغسطس الماضي هو ارتفاع الدولار الأمريكي والقراءات السلبية التي توالى ظهورها على مدار الماضي علاوة على إخماد بنك إنجلترا توقعات التقييد النقدي سواء من خلال رفع الفائدة أو وقف مشتريات الأصول أو التقليل منها.
ورغم تحقيق قراءات النمو في المملكة المتحدة ارتفاعا فاق التوقعات، جاءت دفعات متتالية من البيانات السلبية التي ألقت الضوء على أن هذا النمو ربما يكون هشا وقد لا يتحمل أية صدمات جراء الارتفاعات المحتملة في أعداد إصابات ووفيات فيروس كورونا.
وتأثر الإسترليني سلبا بارتفاع الدولار الأمريكي في النصف الأول من أسبوع التداول من 9 إلى 13 أغسطس الجاري بسبب بيانات التوظيف الأمريكية شديدة الإيجابية وإعلان تمرير مجلس الشيوخ مشروع قانون خطة إنفاق البُنى التحتية بقيمة ترليون دولار.
خسائر النفط في أسبوع
هبطت العقود الآجلة للنفط في ختام تعاملات الأٍبوع من 9 إلى 13 أغسطس الجاري، وهو ما جاء نتيجة لتعدد عوامل سلبية حاصرت الخام الأسود على مدار الأسبوع الماضي.
وتراجعت مخزونات النفط الأمريكية، لكنها لا تزال فوق المستويات التي أشارت إليها التوقعات علاوة على ارتفاع كبير في عدد منصات الحفر الأمريكية، إذ تجاوزت الزيادة عشر منصات.
وخفضت الوكالة الدولية للطاقة تعلن تراجع الطلب العالمي للنفط في يوليو الماضي، وهو ما تزامن مع إعلان منظمة وبطك تثبت تقديؤراتها للطلبأأوبك تثبت تقديراتها للطلب العالمي على النفط في 2021.
وتواصلت إدارة بايدن مع مجموعة أوبك+، في مقدمتها السعودية، مطالبة بزيادة الإنتاج من أجل خفض الأسعار العالمية للنفط، وهو ما أثار مخاوف حيال إمكانية رضوخ المنظمة لضغوط أمريكية وزيادة الإنتاج التي تؤدي حتما إلى تراجع الأسعار.
وتنتظر الأسواق دفعات هامة من البيانات على مدار الأسبوع المقبل التي تتضمن ما يلي
الصين
مبيعات التجزئة – الإنتاج الصناعي – قرار الفائدة
منطقة اليورو
توظيف – نمو – تضخم
المملكة المتحدة
توظيف – إسكان – تضخم – مبيعات التجزئة
الولايات المتحدة
مبيعات التجزئة – إسكان – توظيف
كندا
تضخم – مبيعات التجزئة
أستراليا
بيانات توظيف
نيوزلندا
قرار الفائدة
كما يتوقع أن تكون أيى تطورات على صعيد مناقشة مشروع قانون خطة بايدن لإنفاق البُنى التحتية بقيمة ترليون دولار في مجلس النواب الأمريكي أثرا كبيرا في حركة سعر الأصول المتداولة في أسواق المال العالمية.