انتهت تعاملات أسواق المال الجمعة الماضية بعد حدث تابعه العالم باهتمام بالغ هو تنصيب جو بايدن، الرئيس الأمريكي المنتخب، رسميا ليكون الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة.
وكان هذا الحدث من أهم أسباب تفاؤل المستثمرين في أسواق المال العالمية لسببين؛ الأول هو مرور مراسم التنصيب بسلام دون وقوع أية أحداث عنف كالتي شهدها مقر الكونجرس الأمريكي في السادس من يناير الجاري، وهو الموقع الذي شهد حفل التنصيب.
أما السبب الثاني فهو أن التنصيب يعني أن انتقال السلطة في الولايات المتحدة تم بسلاسة ودون وقوع المزيد من أحداث العنف من قبل أنصار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
وأسهم في تفاؤل الأسواق أيضا ظهور الملامح الرئيسية لأجندة إدارة بايدن الاقتصادية أثناء إدلاء جانيت يلين، الرئيسة السابقة للفيدرالي ومرشحة بايدن لوزارة الخزانة، بشهادتها أمام مجلس الشيوخ الأمريكي.
أهم الإيجابيات
كان تنصيب بايدن رئيسا للولايات المتحد رسميا من أهم الأحداث التي شهدتها الأسواق الأسبوع الماضي لما يحمله الحدث بين طياته من إشارات إلى استقرار في المشهد السياسي والاقتصادي في البلاد.
علاوة على ذلك، يحمل بايدن معه إلى البيت الأبيض أجندة سياسية واقتصادية وتشريعية حافلة بالعوامل التي من شأنها دعم الاقتصاد الأمريكي سواء على مستوى التحفيز أو القوانين التي من شأنها توفير المزيد من الدعم والمساعدة لقطاعي الأسر والشركات في الولايات المتحدة.
وجاءت اختيارات بايدن لتكون من بين العوامل التي عززت أداء الأسهم الأمريكية وغيرها من الأسهم العالمية الأسبوع الماضي، تقريبا النصف الأول من الأسبوع، إذ كانت جانيت يلين، صاحبة التاريخ الحافل بالإنجازات في إدارة ملفات بنك الاحتياطي الفيدرالي، من أبرز ترشيحات الرئيس الأمريكي السادس والأربعين.
وظهرت يلين في شهادة أمام مجلس الشيوخ الأمريكي في إطار إجراءات تأكيد ترشيحها لتولى وزارة الخزانة الأمريكية، وهو ما لقي صدى إيجابيا في الأسواق عقب كشفها النقاب عن الملامح الأساسية للسياسات الاقتصادية والتجارية للإدارة الأمريكية الجديدة.
تطورات الجائحة
ارتفع عدد الحالات المصابة بفيروس كورونا والوفيات جراء الوباء في الولايات المتحدة إلى مستويات قياسية خطيرة، إذ تجاوز عدد الحالات 25 مليون حالة مع ارتفاع عدد الوفيات إلى ما يزيد على 418 ألف وفاة بسبب فيروس كورونا، وفقا لإحصائيات جامعة جونز هوبكينز.
ويزيد من وطأة الخطر الذي يحمله هذا الارتفاع ما صرح الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن نهاية الأسبوع الما من توقعات أشار خلالها إلى احتمالات وصول عدد الوفيات إلى 600 ألف وفاة بسبب الوباء خلال 100 يوم فقط من.
كما ظهرت تقارير تشير إلى إمكانية فرض الرئيس الأمريكي حظرا على دخول غير الأمريكيين القادمين من المملكة المتحدة إلى الأراضي الأمريكي.
وأشارت تقارير أيضا إلى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد يصدر الإغلاق الثالث الذي تخضع له البلاد للحد من انتشار فيروس كورونا الأربعاء المقبل.
وظهرت في نهاية الأسبوع الماضي أيضا مخاوف حيال إمكانية تعطل أو توقف عملية توزيع اللقاحات المضادة لفيروس كورونا في منطقة اليورو لأسباب تتعلق بصعوبات تواجهها الشركات المنتجة لتلك اللقاحات في توفير الإمدادات اللازمة للإنتاج.
وكان أبرز الأخبار على صعيد تلك الصعوبات التي قد تؤدي إلى اضطرابات في الجدول الزمني لتوزيع اللقاحات في منطقة اليورو ما أعلنته شركة أسترا زينيكا من إمكانية تأخير تسليم شحنات اللقاح الذي تنتجه ضد فيروس كورونا إلى عدد من دول أوروبا، وهو ما أثار مخاوف لدى المفوضية الأوروبية حيال ما يمكن أن تتعرض له عملية التحصين من عقبات بسبب مشكلات تتعلق بالإمدادات واللوجستيات التي تعاني بسبب إجراءات الإغلاق وغيرها من القيود المفروضة من أجل الحد من انتشار الفيروس.
عزل ترامب
أعلن تشاك شومر، زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس النواب الأمريكي، الجمعة الماضية أن نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب سوف ترسل تعديل المادة الخاصة بعزل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى مجلس الشيوخ الاثنين.
ومن المقرر ، حال إرسال هذه المادة اليوم، أن يبدأ مجلس الشيوخ في محاكمة الرئيس الأمريكي السابق ما لم يتم الاتفاق فيما بين الأعضاء على إلغاء هذه المحاكمة واتخاذ القرار بأن ما أقدم عليه الرئيس لا يستحق العزل.
ورغم أن قرار العزل، حال صدوره من مجلس الشيوخ، يُعد تحصل حاصل بعد نهاية فترة ولاية ترامب وتنصيب بايدن رسميا رئيسا للبلاد، إلا أنه يتوقع أن يكون له أثر سلبي على الأسواق ولو لبعض الوقت في أسبوع التداول الجديد.
انعكست تلك التطورات على أداء الأسواق، لكن ما هو إيجابي منها تغلب على كل السلبيات التي ظهر معظمها في الساعات الأخيرة من تعاملات الأسبوع الماضي.
العملات والأسهم
أنهى الدولار الأمريكي تعاملاته في الاتجاه الهابط بعد خسارة حوالي 60 نقطة على مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة العملات الرئيسية.
واستقر مؤشر الدولار في نهاية الأسبوع الماضي عند 90.20 نقطة مقابل الإغلاق الأسبوع السابق الذي سجل 90.83 نقطة. وبلغ أعلى المستويات في تلك الفترة عند 90.90 نقطة مقابل أدنى المستويات الذي سجل 90.5 نقطة.
في المقابل، ارتفع اليورو الذي تلقى دعما قويا من هبوط الدولار الأمريكي وقرار المركزي الأوروبي بتثبيت الفائدة وقيمة برنامج شراء الأصول. وكان قرار تثبيت الأوضاع النقدية من القرارات التي أشاعت التفاؤل بين ثيران العملة الأوروبية الموحدة، إذ رجح أن حالة من الاستقرار في الأوضاع النقدية سوف تستمر على الأقل حتى الاجتماع المقبل للبنك المركزي.
كما أدلت كريستين لاجارد، رئيس مجلس المركزي الأوروبي، بتصريحات عقب إعلان قرار الفائدة تضمنت أن السلطات النقدية لا تزال راضية عن ارتفاع اليورو دون الإشارة إلى أي استياء من الارتفاعات التي حققتها العملة في الفترة الأخيرة التي بلغت حوالي 4.00% في الأشهر القليلة الماضية.
وأنهى الإسترليني تعاملات الأسبوع الماضي في الاتجاه الصاعد مستفيدا من ضعف العملة الأمريكية علاوة على تصريحات من أندرو بايلي، محافظ بنك إنجلترا، وأندي هولداين، كبير خبراء الاقتصاد في البنك المركزي أشارا خلالها إلى تفاؤل حيال المسار المستقبلي للاقتصاد البريطاني.
البيانات الاقتصادية
احتلت بيانات التضخم المكان الأبرز بين البيانات التي أتت بها الأجندة الاقتصادية العالمية إلى الأسواق، إذ شهد التضخم تحسنا في المملكة المتحدة علاوة على تفادي أسعار المستهلك في منطقة اليورو الهبوط وثبات الأوضاع على ما هي عليه في ديسمبر الماضي مقابل القراءات الصادة الشهر السابق.
كما كانت البيانات الأمريكية الصادرة على مدار الأسبوع الماضي أيضا من النقاط المضيئة التي أهدت الأسواق المزيد من التفاؤل لترتفع أصول المخاطرة احتفالا بهبوط مطالبات إعانات البطالة الأسبوعية في الولايات المتحدة إلى 600 ألف مطالبة فقط.
كما ارتفعت قراءات القطاعين التصنيعي والخدمي في الولايات المتحدة إلى مستويات إيجابية علاوة على تحسن عام في قطاع الإسكان على مستوى مبيعات المنازل وتصاريح البناء وبناء وحدات جديدة.
موسم الأرباح
انطلق موسم الأرباح في الولايات المتحدة، ومن المتوقع أن يستمر في المساهمة في التأثير على أسواق المال العالمية في الفترة المقبلة.
ويتضمن الأسبوع الذي انطلقت تعاملاته منذ ساعات قليلة عدد من الشركات الهامة الكبرى التي نتائجها المالية للربع الأخير من العام الماضي.
ولدينا من أهم تقارير الأرباح التي تصدر الأسبوع المقبل تقرير أرباح شركات فيليبس، وكيمبرلي كلاركس، وأميركان إكسبريس، وجونسون وجونسون، وميكروسوفت، وفيريزون، أيه تي آند تي، وتيسلا، وبوينج، وفيسبوك. وماكدونالدز، وكاتربيلار، وهانيويل.
ونتوقع أن تكون الغلبة في الأيام الأولى من هذا الأسبوع للعوامل السلبية المشار إليها في بداية التقرير، ما لم تتدخل تقارير الأرباح بإظهار أداء مالي فائق للشركات الأمريكية في الربع الأخير من 2020.