احتفظ بنك إنجلترا بأسعار الفائدة عند أعلى مستوى لها منذ ما يقرب من 16 عامًا يوم الخميس لكنه خفف موقفه بشأن إمكانية خفضها، وصوت أحد صانعي السياسات لأول مرة منذ عام 2020 لصالح خفض تكاليف الاقتراض.
ومن جهته، قال حاكم بنك إنجلترا أندرو بايلي إن التضخم “يتحرك في الاتجاه الصحيح” بعد فترة وجيزة من إلغاء لجنة السياسة النقدية تحذيرها السابق بإمكانية ارتفاع أسعار الفائدة مرة أخرى، وبدلاً من ذلك أكدت على إبقاء تكاليف الاقتراض “قيد المراجعة”.
ولقد انقسم أعضاء اللجنة التسعة بطرق ثلاث حول المسار الصحيح للسياسة، حيث صوت ستة منهم بالإبقاء على أسعار الفائدة عند 5.25٪، وصوت كل من جوناثان هاسكيل وكاثرين مان لصالح رفع بمقدار 0.25 نقطة مئوية، فيما أيدت سواتي دهينغرا تخفيضًا بنفس الحجم.
وهذه هي المرة الأولى منذ أغسطس 2008 – في بداية الأزمة المالية العالمية – التي يصوت فيها صانعو سياسات مختلفون على رفع أسعار الفائدة وخفضها في نفس الاجتماع.
كان معظم الاقتصاديين الذين شملهم استطلاع رويترز يتوقعون تصويت صانع سياسة واحد فقط لرفع أسعار الفائدة، وبقاء البقية على التصويت بالإبقاء عليها كما هي.
ارتفع الجنيه والعائد على سندات الحكومة البريطانية بشكل طفيف بعد إعلان بنك إنجلترا. خفف المستثمرون قليلاً رهاناتهم على مدى خفض سعر الفائدة خلال عام 2024 لكنهم ما زالوا يرون أربعة تخفيضات خلال العام.
أكد بايلي أن بنك إنجلترا لا يزال حذراً وأن انخفاض التضخم إلى هدفه البالغ 2٪ لن يُعتبر “مهمة منجزة”. وقال: “نحتاج إلى رؤية المزيد من الأدلة على أن التضخم سيصل إلى هدف 2٪ ويبقى هناك، قبل أن نتمكن من خفض أسعار الفائدة”.
ولكن في تخفيف لغة التوقعات بشأن أسعار الفائدة، أسقط بنك إنجلترا تحذيره من أن “التشديد الإضافي” سيكون مطلوبًا إذا ظهر ضغط تضخم أكثر ثباتًا. بدلاً من ذلك، قال بنك إنجلترا إنه “سيبقي قيد المراجعة المدة التي يجب إبقاء سعر الفائدة عند مستواه الحالي”.
كان مسؤولو مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي أكثر صراحة في أن خفض أسعار الفائدة مدرج على جدول الأعمال. فقد قال الفيدرالي في وقت متأخر من يوم الأربعاء إن أسعار فائدته قد بلغت ذروتها وستتحرك نحو الانخفاض في وقت لاحق من هذا العام.
التضخم سيتراجع ونمو الأجور مازال قوياً
كرر بنك إنجلترا أن السياسة ستحتاج إلى البقاء “تقييدية لفترة كافية” – حتى مع خفض توقعاته للتضخم في الأشهر المقبلة. ومع ذلك، قال بنك إنجلترا إن نمو الأجور الأعلى بكثير يميز بريطانيا عن نظيراتها في دفع ضغوط التضخم على المدى الطويل.
ويبدو الآن أن من المرجح أن يعود التضخم السنوي لأسعار المستهلك إلى 2 ٪ في الربع الثاني من هذا العام، وإن كان ذلك لفترة وجيزة، في خفض حاد لتوقعات بنك إنجلترا على المدى القريب لنمو الأسعار مقارنة بتوقعات نوفمبر.
لكن التوقعات على المدى المتوسط – القائمة على مسار سوق أقل بكثير لأسعار الفائدة مما كانت عليه في نوفمبر – أظهرت أن التضخم سيرتفع مرة أخرى فوق 2٪ في الربع الثالث من عام 2024 ولن يعود إلى الهدف حتى نهاية عام 2026، أي بعد عام مما توقعه بنك إنجلترا في نوفمبر.
هذا وأصر بنك إنجلترا على وجهة نظره بأن اقتصاد بريطانيا سيجد صعوبة في تحقيق نمو اقتصادي كبير في الربع القادم، على الرغم من الترقية المتواضعة لتوقعات النمو السنوي.
وفي دفعة صغيرة لوزير المالية جيريمي هانت، خلص بنك إنجلترا إلى أن تخفيضات الضرائب التي أعلنها في نوفمبر ستعزز الناتج الاقتصادي البريطاني بشكل طفيف في السنوات المقبلة. لكن البنك المركزي حافظ إلى حد كبير على توقعاته بشأن ضعف نمو دخل الأسرة بعد الضرائب والتضخم، حيث يعتبر ارتفاع تكلفة المعيشة قضية رئيسية قبل الانتخابات الوطنية المحتملة هذا العام.
وانخفض مستوى معيشة الأسر على مدى العامين الماضيين بسبب ارتفاع التضخم، مما ساهم في التحدي الانتخابي الذي يواجه رئيس الوزراء ريشي سوناك.
ويستعد هانت لميزانية سيتم تقديمها في 6 مارس من المرجح أن تتضمن تخفيضات ضريبية في محاولة ما قبل الانتخابات لاستعادة الناخبين إلى حزب المحافظين، الذي يتخلف كثيرا عن حزب العمال المعارض في استطلاعات الرأي.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، حذر صندوق النقد الدولي هانت من خفض الضرائب، بسبب ارتفاع مستويات الدين العام والطلب المتزايد على الخدمات، وخفض توقعاته لنمو الاقتصاد البريطاني في عام 2025.