تنتظر أسواق المال العالمية نتائج اجتماع الفيدرالي الذي انعقد في سبتمبر الماضي التماسا لإشارات جديدة لم يتضمنها بيان الفائدة ولم يتطرق جيروم باول، رئيس الفيدرالي، إليها في المؤتمر الصحفي الذي انعقد الشهر الماضي، وهي الإشارات التي يأمل المستثمرون في الأٍسواق أن تسلط الضوء على المسار المستقبلي للفائدة الفيدرالية.
وعلى مدار الفترة منذ إعلان قرارات الفيدرالي الماضي وحتى الآن، ترجح أغلب الشواهد المتوافرة على صعيد الاقتصاد أن الموقف من التضخم والعوامل المؤثرة فيه لا يزال عند نفس النقطة التي كان لديها وقت الاجتماع الماضي لمجلس إدارة البنك المركزي.
وأبرز الثوابت التي تدعم استمرار ارتفاع التضخم تصريحات جيروم باول، رئيس مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي، وشركاه في المجلس التي يغلب عليها تأييد الاستمرار في رفع الفائدة في الفترة المقبلة بهدف التصدي للارتفاعات الحادة لمعدل التضخم.
وكانت التصريحات الأحدث على الإطلاق في هذا الشأن داعمة بقوة للاستمرار في رفع الفائدة بوتيرة أسرع، وهي التي أدلت بها عضوة الفيدرالي لوريتا ميستر.
وحذرت لوريتا ميستر من أن الخطر الأكبر على السياسة النقدية يأتي من ألا يرفع البنك المركزي الفائدة “بما فيه الكفاية”.
وقالت إن الفيدرالي لم يحرز أي تقدم حتى الآن على صعيد خفض التضخم، مؤكدة أن هناك ضرورة للتحرك بالسياسة النقدية في اتجاه المستويات المقيدة.
تغيرات قد تؤثر على النتائج
رغم الجمود الذي تشهده الساحة الاقتصادية على صعيد موقف السياسة النقدية وتطورات التضخم في الولايات المتحدة منذ إعلان قرارات الفيدرالي في نهاية الاجتماع الماضي، رصدت الأسواق بعض التغيرات التي قد تؤدي إلى تغيير في لغة نتائج اجتماع الفيدرالي التي تصدر الأربعاء المقبل.
التغيير الأول: أشارت نتيجة مسح تقديرات التضخم الذي يجريه بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك إلى تراجع تقديرات التضخم في الولايات المتحدة في سبتمبر الماضي.
ورجح المسح أن التضخم الأمريكي قد يسجل هبوطا إلى 5.4% في نفس الشهر من العام المقبل، وهو ما يشير إلى تقديرات التضخم الأقل على الإطلاق منذ سبتمبر 2021.
وتشير أحدث التقديرات التي جاءت في نتيجة هذا المسح إلى الهبوط في تقديرات التضخم الأمريكي للشهر الثالث على التوالي.
لكن النتائج أشارت إلى ارتفاع تقديرات التضخم للسنوات الثلاثة المقبلة إلى 2.9% مقابل التقديرات السابقة التي أشارت إلى 2.8% في أغسطس الماضي.
وتوقع الفيدرالي في نيويورك أن يقترب التضخم من هدف الفيدرالي المحدد بـ2.00% خلال خمس سنوات، مرجحا تسجيل التضخم 2.2% في 2027.
التغير الثاني: كان التغير الثاني في بيانات التوظيف الأمريكية التي ألقت الضوء على تحسن في أوضاع سوق العمل الأمريكي، وهو ما جاء على خلاف توقعات الأسواق وعلى النقيض من المسار الذي يستهدفه الفيدرالي لنمو الوظائف ونمو الأجور في الولايات المتحدة.
وتوقعت لوريتا ميستر أن يصل معدل البطالة إلى 4.5% في نهاية 2023، وأن هذا المعدل قد يشهد المزيد من الارتفاع في 2024.
وتوقعت أيضا أن يهبط التضخم إلى 3.5% العام المقبل ثم إلى 2.00% بحلول 2025، محذرة من أن اقتصاد الركود قد يجتاح الاقتصاد الأمريكي.
التغير الثالث: يشير هذا التغير إلى أن أصوات هامة بدأت تتعالى باقتراب الاقتصاد الأمريكي والعالمي من الركود، إذ قال جيمس ديمون، الرئيس التنفيذي لمجموعة جيه بي مورجان العملاقة للخدمات المالية، الاثنين الماضي إن “الركود قد يبدأ بعد فترة تتراوح بين ستة وتسعة أشهر”، مرجحا أن بداية تصدع الأسواق قد تكون من سوق الائتمانات.
وحذر صندوق النقد الدولي من أن مخاطر الاستقرار المالي “تنحرف بقوة” إلى الاتجاه الهابط، وفقا لتقرير الاستقرار المالي الصادر الثلاثاء.
وحذر أيضا من أن تفاقم الاتجاه الهابط لاقتصاد الصيني مع تزايد خطر تداعيات الهبوط الحالي على القطاع المصرفين، وقطاع الشركات، والقطاعات الحكومية المحلية.
تجدر الإشارة إلى أن تلك التغيرات التي طرأت على المشهد قد تقلل بعض الشيء من حدة اللغة التي يستخدمها الفيدرالي في الحديث عن الرفع المستقبلي للفائدة، لكن لا يرجح أن تختلف اللغة التي يتبناها البنك المركزي كثيرا، إذ تحتاج السلطات النقدية إلى أن يكون تراجع التضخم مستداما وبنسبة منطقية حتى يعتمد على هذه القراءات في الإبطاء من وتيرة رفع الفائدة. كما يحتاج المركزي إلى يتبع سوق العمل المسار الذي يرسمه له حتى يتمكن من كبح جماح التضخم.
أهم ما جاء في قرارات وبيان الفيدرالي عقب الاجتماع الماضي
- رفع الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي للاجتماع الخامس على التوالي .
- توافقت تحركات الفائدة مع توقعات السوق.
- العودة بمعدل الفائدة إلى أعلى المستويات منذ أوائل 2008 عند 3.25%.
- ارتفاع توقعات أعضاء لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة إلى 5% العام المقبل.
- الفيدرالي رجح أن إخضاع التضخم للسيطرة والهبوط به إلى 2.00% هدف البنك المركزي قد يتحقق في 2025.
- تقديرات الأسواق رجحت أن البنك المركزي قد يرفع الفائدة إلى 4.4% في نهاية 2022.
- ملخص السياسة النقدية الصادر عن الفيدرالي أشار إلى إمكانية ارتفاع معدل البطالة الأمريكية إلى 4.4% مقابل المستويات الحالية التي تتوقف عند 3.7%. كما خفض الفيدرالي تقديرات النمو في 2022 إلى 0.2%.
- تقديرات التضخم، التي يعتمد الفيدرالي في تحديدها على مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي، تراجعت إلى 5.4% في نهاية العام الجاري مقابل التقديرات السابقة التي أشارت إلى 6.3% في أغسطس الماضي. كما توقع صناع السياسة النقدية أن يهبط التضخم إلى هدف البنك المركزي المحدد بـ2.00% في 2025.