يتوقع على نطاق واسع أن يبقي بنك الاحتياطي الأسترالي على معدل الفائدة دون تغيير في اجتماع مارس الجاري، مما يجعل التركيز في الوقت الراهن على محاولة التوصل إلى إشارات يبعث بها البنك المركزي إلى الأسواق فيما يتعلق بالمسار المستقبلي للفائدة الأسترالية، تحديدًا موعد البدء في خفض الفائدة.
وسار بنك أستراليا بمعدل الفائدة في الاتجاه الصاعد ببطء شديد أثناء حربه على التضخم مقارنة بباقي البنوك المركزية الرئيسية، وهو ما أدى إلى رفع الفائدة الأسترالية إلى مستويات أقل مقابل المعدلات التي تبنتها دول الاقتصادات الرئيسية. وقد تكون الوتيرة البطيئة للتشديد الكمي الأسترالي وراء استقرار المعدلات الرئيسية في الفترة الأخيرة، وهو الثابت في عدم اتخاذ السلطات النقدية الأسترالية قرار الخفض الأول للفائدة بعد دورة التشديد الكمي الحالية في فبراير الماضي.
وسبق أن صدرت إشارات ضمنية من قبل بنك الاحتياطي الأسترالي إلى أنه على استعداد لتحمل التضخم فوق هدفه الرسمي المحدد بـ2.00% لفترة أطول من باقي البنوك المركزية الرئيسية مثل بنك الاحتياطي الفيدرالي، والبنك المركزي الأوروبي، وبنك إنجلترا.
وبناء على البيانات الاقتصادية المتنوعة التي تضمنتها المفكرة الاقتصادية لأستراليا في الفترة الأخيرة، والتي ألقت الضوء على تراجع التضخم إلى 1.5% في الربع الأخير من 2023 مقابل القراءة السابقة التي سجلت 2.1%، قالت رئيسة مجلس محافظي بنك الاحتياطي الأسترالي ميشيل بولوك: “التضخم لا يزال مستمرا في الارتفاع، خاصة في القطاع الخدمي، لكنه أظهر بعض التراجع في الفترة الأخيرة”.
وأنهى الدولار الأسترالي تعاملات الاثنين مقابل نظيره الأمريكي دون تغيير تقريبًا مقارنة بالإغلاق اليومي الماضي بضغط من ترقب قرار الفائدة الذي تترقب الأسواق إصداره من قبل بنك الاحتياطي الأسترالي.
وسجل زوج الأسترالي/ دولار 0.6559 مقابل نفس المستوى في نهاية تعاملات يوم التداول الماضي، وهو ما يشير إلى نطاق تداول يومي ضيق للغاية. وسجل الزوج أدنى مستوى له الثلاثاء عند 0.6550 مقابل أعلى المستويات الذي سجل 0.6573.
مكاسب رفع الفائدة
من المرجح أن بنك أستراليا لم يبدأ في خفض الفائدة الشهر الماضي نظرًا لرضاه عن بعض النتائج التي خلفتها سياسة التشديد الكمي التي بدأها البنك المركزي أوائل 2022، والتي تتمثل في الحفاظ قدر الإمكان على المكاسب التي تحققت نتيجة لتبني هذه السياسة مثل تراجع البطالة ونقص المعروض من العمالة في السنوات الأخيرة. ومن أجل الحفاظ على تلك المكاسب أيضًا، يبدو أن خفض الفائدة الأسترالية قد يسير بوتيرة أبطأ مما قد يسير عليه خفض الفائدة في أي بنك مركزي رئيسي آخر.
وتتوقع البنوك التجارية الأربعة الكبرى في أستراليا أن يبدأ بنك الاحتياطي الأسترالي في خفض معدلات الفائدة هذا العام. ويعد بنك الاحتياطي الفيدرالي هو الأكثر جرأة بين البنوك المركزية الرئيسية، إذ تتوقع الأسواق أن يخفض الفائدة حوالي ثلاث مرات – كل مرة بواقع 25 نقطة أساس – نهاية عام 2024.
ورغم أن البنك المركزي كان يتوقع ضعف النمو الاقتصادي في أستراليا – الذي ارتفع بـ0.2٪ في الربع الأخير من 2023، جاء نمو قطاع المستهلك – وهو القطاع الذي يمثل الجزء الأكبر من الاقتصاد – أضعف بكثير مما كان متوقعا له وأقل مما سجلته قراءة نفس الفترة من العام السابق. وتوقع البنك المركزي أيضا نموا ضئيلا لقطاع المستهلك الأسترالي بـ0.1%.
وأظهرت البيانات الصادرة من مكتب الإحصاء الأسترالي ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك بواقع 0.6٪ في الربع الأخير من العام الماضي، وهو ما جاء دون توقعات الأسواق التي أشارت إلى إمكانية الارتفاع بـ0.8٪. وارتفع مؤشر أسعار المستهلك باستثناء أسعار الغذاء والطاقة – الذي يحظى باهتمام أكبر من قبل السلطات النقدية – بنسبة 0.8٪ في نفس الفترة، وهو ما جاء دون توقعات الأسواق التي أشارت إلى 0.9٪.
وتشير هذه القراءات إلى أن الأوضاع الاقتصادية الأسترالية قد تمكن البنك المركزي من اتخاذ القرار المؤجل بخفض الفائدة، لكن توقعات السوق ترجح كفة تثبيت المعدلات الحالية. لذلك يبقى التركيز في الوقت الراهن على خطاب السلطات النقدية الأسترالية وما قد يتضمنه من إشارات إلى مستقبليات الفائدة.