تواجه المملكة العربية السعودية خطر تراجع اقتصادي هذا العام بعد قرارها بتمديد خفض إنتاج النفط الخام، مما يبرز أن اعتمادها الكبير لا يزال على النفط في ظل بطء الإصلاحات المتعلقة بالتنويع.
وتقول الرياض إنها تهدف إلى استقرار سوق النفط من خلال تمديد خفض إنتاج النفط الطوعي بمقدار مليون برميل يوميًا حتى نهاية عام 2023.
وقد أدى إعلانها يوم الثلاثاء إلى ارتفاع أسعار النفط فوق 90 دولارًا للمرة الأولى هذا العام، ولكنها لا تزال أقل من متوسط الأسعار البالغ حوالي 100 دولار للبرميل في العام الماضي عقب غزو روسيا لأوكرانيا.
علاوة على ذلك، قد ينتج عن تراجع إنتاج النفط والإيرادات هذا العام إلى انكماش اقتصاد السعودية لأول مرة منذ عام 2020، على الرغم من أن توزيعات سخية من منتج النفط الحكومي السعودي أرامكو يجب أن توفر حماية للمالية العامة.
ووفقًا لمحلل جاستن الكسندر “قد يؤدي يترجم خفض إنتاج النفط لثلاثة أشهر إلى انخفاض بنسبة 9٪ في الإنتاج في عام 2023 – وهو أكبر انخفاض في الإنتاج في ما يقرب من 15 عامًا لقائد منظمة أوبك فعلياً“.
وفي العام الماضي، نما اقتصاد السعودية بنسبة 8.7٪ وحقق فائض مالي بنسبة 2.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أول فائض لها في تسع سنوات حيث ارتفع سعر النفط لمستويات قرب 124 دولار.
أما في هذا العام، توقعت الحكومة تحقيق فائض بنسبة 0.4٪ من الناتج المحلي الإجمالي، ولكن بعض الاقتصاديين يقولون حتى هذا التقدير قد يكون متفائلًا.
ومن جهتها، أعلنت أرامكو السعودية -التي تمتلكها الحكومة بنسبة 90٪- وتمتلك مبالغ كبيرة من النقد بعد ازدهار العام الماضي، أنها ستصرف توزيعات بقيمة 10 مليارات دولار تقريبًا للمساهمين في الربع الثالث من العام من تدفقاتها النقدية الحرة – وهي أول دفعات إضافية بالإضافة إلى التوزيع الأساسي المتوقع أن يتجاوز 150 مليار دولار للعامين 2022 و 2023 مجتمعين.
هذا وبلغ عجز المملكة 8.2 مليار ريال (2.19 مليار دولار) في النصف الأول من هذا العام.
وكان قد صرح مسؤول من صندوق النقد الدولي، الذي كان قد توقع عجزًا في الميزانية بنسبة 1.2٪ من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، يوم الخميس أن الميزانية ستكون أقرب إلى التوازن نتيجة للتوزيع الإضافي لأرامكو.
وعلى عكس عدد متزايد من الاقتصاديين، يعتقد صندوق النقد الدولي أيضًا أن الاقتصاد سيتمكن من تحقيق نمو طفيف هذا العام.
نمو الاقتصاد غير النفطي لا يزال قويًا إلى الآن
لقد أنفق صندوق الاستثمار العام (PIF)، وهو صندوق الثروة السيادية المكلف بتنفيذ رؤية السعودية الطموحة 2030، قد أنفق مليارات الدولارات على نجوم كرة القدم العالميين والجولف والسياحة والترفيه، وشركات صناعة السيارات الكهربائية.
ومع ذلك، فقد شهدت الإصلاحات والاستثمار القائم على الدولة ارتفاعًا في حصة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 44% من الناتج المحلي الإجمالي في العام الماضي، بزيادة قدرها 0.7 نقطة مئوية فقط عن عام 2016.
ومن جهتهم، يرى بعض المحللين أن الواقع قد أصبح واضحًا أن وتيرة التغيير لا يمكن أن تتحرك بسرعة كما كان مأمولاً، والاقتصاد لا يزال يعتمد على المحروقات الهيدروكربونية وسيستمر في ذلك لفترة من الوقت.
وفقًا للتقارير، يمكن تقديم ما يصل إلى 50 مليار دولار من أسهم أرامكو الجديدة في بورصة الرياض قبل نهاية العام، مما يولد أموالًا ضخمة يمكن إنفاقها على مشاريع كبيرة. وقد قامت الحكومة بتحويل 8% من أرامكو إلى صندوق الاستثمار العام وأحد فروعه.
هذا وتأتي تمويلات صندوق الاستثمار العام من حقن رأس المال وتحويل الأصول من الحكومة والديون والأرباح من الاستثمارات.
ومع ذلك، سجلت صندوق الاستثمار العام خسارة بقيمة 15.6 مليار دولار في العام الماضي، بسبب استثماره في صندوق رؤية سوفت بانك الأول وتراجع السوق العام، خاصة في قطاع التكنولوجيا.