سجلت قراءات تضخم أسعار المستهلكين الأمريكيين الثلاثاء مستويات فاقت توقعات الأسواق الثلاثاء، مما أثار تكهنات بأن الفيدرالي قد يتمهل كثيرا قبل اتخاذ القرار بالبدء في خفض الفائدة حتى يطمأن لاستدامة هبوط التضخم واتجاه الأسعار بخطى ثابتة إلى هدف البنك المركزي المحدد بـ2.00%.
وظهرت هذه الدفعة من بيانات التضخم لتلقي الضوء على أسعار المستهلك في الولايات المتحدة، وهي سلسلة من المؤشرات تتضمن القراءة الشهرية والقراءة السنوية بالإضافة إلى القراءة العامة وتلك التي تستثني أسعار الغذاء والطاقة التي تعتبر الأشد تذبذبًا بين مكونات الأسعار، مما يضفي على الأرقام المزيد من الدقة. ويُعرف مؤشر أسعار المستهلك بـ”CPI”.
رغم ذلك، يرى الفيدرالي أن هناك سلسلة أخرى من مؤشرات التضخم هي الأكثر مصداقية واعتمادية في التعبير عن أوضاع أسعار المستهلكين؛ وهي مؤشرات نفقات الاستهلاك الشخصي المعروفة بـ”PCE”.
القراءات الفعلية
ارتفع مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي بواقع 0.3% في يناير الماضي مقابل الارتفاع المسجل الشهر السابق 0.2%، وهو ما جاء أعلى من توقعات الأسواق التي أشارت إلى 0.2%.
كما ارتفعت القراءة السنوية لأسعار المستهلك الأمريكي إلى 3.1% نفس الشهر من العام مقابل القراءة السابقة التي سجلت 3.4%، لكنها فاقت التوقعات التي أشارت إلى 2.9%.
وحقق مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي باستثناء أسعار الغذاء والطاقة ارتفاعا بواقع 0.4% في يناير الماضي مقابل الارتفاع المسجل الشهر السابق 0.3%، وهو ما جاء أعلى من توقعات الأسواق التي أشارت إلى 0.3%.
وارتفعت القراءة السنوية لأسعار المستهلك الأمريكي باستثناء أسعار الغذاء والطاقة بواقع 3.9% في يناير الماضي مقابل قراءة نفس الشهر من العام الماضي التي نفس الرقم، لكنها فاقت التوقعات التي أشارت إلى 3.7%.
وكانت هذه القراءات بمثابة إضافة إلى التكهنات بأن الفيدرالي قد يتمهل كثيرا قبل اتخاذ القرار بالبدء في خفض الفائدة، وهو ما أدى إلى ارتفاع الدولار الأمريكي استنادا إلى استمرار العمل بمعدلات فائدة مرتفعة، مما يجعل العملة الأمريكية من أصول العائد المرتفع.
في المقابل، تراجعت الأسهم الأمريكية والعقود الآجلة للذهب بضغط من ارتفاع عائدات سندات الخزانة الأمريكية التي استندت فيما حققت من مكاسب على تصاعد التوقعات بالإبقاء على الفائدة عند المستويات الحالية لفترة قد تطول.
مهمة صعبة
تتضمن المهام الأساسية للفيدرالي، التي تفوضه الإدارة الأمريكية بتنفيذها، استقرار الأسعار – تحقيق هدف التضخم المحدد بـ2.00% – وتحقيق الحد الأقصى من التوظيف – وهو ما يتضح من خلال بيانات التوظيف.
وبالنظر إلى البيانات الصادرة الثلاثاء، نرى أن المستويات المسجلة على أساس سنوي، على سبيل المثال، لا تزال أعلى من 3.00%، مما يشير إلى أن المستويات الحالية لا تزال بعيدة عن الهدف المحدد من قبل اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة.
لذلك، نرجح أن الفيدرالي لن يتعجل في الحكم على أوضاع التضخم وما أشارت إليه من ارتفاع إلى مستويات أعلى من توقعات الأسواق، وأنه قد ينتظر حتى ظهور مؤشرات نفقات الاستهلاك الشخصي، التي يعتبرها الأكثر مصداقية في التعبير عن الأسعار، حتى تتكون لديه صورة واضحة عن التضخم في البلاد.
كما ينتظر البنك المركزي بيانات تضخم أسعار المنتجين الأمريكيين التي تظهر الجمعة المقبلة لتتوافر لديه معلومات أكثر من مكونات أكثر.
ويبدو أن مؤشرات نفقات الاستهلاك الشخصي لن تتخذ نفس الاتجاه الذي سلكته مؤشرات أسعار المستهلك الأمريكي، إذ بعثت مجموعة مورجان ستانلي برسالة لعملائها تضمنت إمكانية ارتفاع مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي بـ0.3% مقابل الارتفاع الذي حققه مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي في يناير الماضي بـ0.4%.
ورغم إمكانية يدفع ذلك متوسط الستة أشهر لمؤشر أسعار المستهلكين باستثناء أسعار الغذاء والطاقة إلى 2.2% مقابل المتوسط السابق عند 1.9% على أساس سنوي، لا يُعد ذلك بعيدًا عن هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي. وقد يكون هذا أيضًا سببًا لعدم المبالغة في رد فعل مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي تجاه بيانات مؤشر أسعار المستهلك اليوم، إذ لم تصدر تعليقات فورية من أي من أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، مما يعكس حالة من الهدوء داخل أروقة البنك المركزي بعد ظهور بيانات التضخم.