في الفترة الأخيرة، سيطرت بعض العوامل على السوق أحدثت توازنا اتجاهات المخاطرة، مما أدى إلى مكاسب للأسهم الأمريكية. وكانت أبرز تلك العوامل أزمة البنوك وقرار الفيدرالي رفع الفائدة 25 نقطة أساس وتغيير اللغة التي تبنتها السلطات النقدية في الولايات المتحدة فيما يتعلق برفع الفائدة.
وأدت أزمة البنوك وما يصاحبها من مخاوف إلى إضافة المزيد من الضغوط التي ألقيت على كاهل الأسهم الأمريكية بافتتاح تعاملات الاثنين، إذ أصبح المستثمرون حول العالم في حالة من انعدام اليقين حيال ما يمكن أن تؤدي إليه أزمة البنوك من اقتراب الولايات المتحدة أكثر من الركود.
وبدأت مخاوف أزمة البنوك تتخذ شكلا مختلفا مع افتتاح تعاملات الأسبوع الجاري، إذ أصبح المستثمرون يخشون نوعين من التطورات السلبية، لا نوعا واحدا، إذ يتوقعون أن تتفاقم أزمة البنوك لتكون الأكبر والأكثر صعوبة منذ أزمة الائتمان في أواخر 2008.
أما المصدر الثاني للمخاوف فهو تصاعد توقعات بأن تؤدي الأزمة الحالية إلى فرض قيود أكثر صرامة على الائتمان، مما يقلل من نشاط الإقراض وغيره من الأنشطة المصرفية. وحال تراجع أداء القطاع المصرفي، قد يؤدي ذلك إلى أن يقترب اقتصاد الولايات المتحدة أكثر من الركود.
مع ذلك، ظهرت تطورات على مدار الأسبوع الماضي كان من شأنها أن توازن السلبية التي سيطرت على الأسواق بسبب أزمة البنوك.
وأبرز تلك التطورات كانت خطط الإنقاذ التي أعلن عنها في الولايات المتحدة عقب الانهيار الكامل لبنكي سيليكون فالي وسيجنايتشر علاوة على ما تردد من حديث عن دراسة الأوضاع فيما يتعلق بضمانات فيدرالية للودائع في البنوك المركزية.
كما وقفت جانيت يلين، وزيرة الخزانة الأمريكية، أمام الكونجرس ثلاث مرات للشهادة على الأوضاع الاقتصادية الأسبوع الماضي علاوة على تطرق مناقشة المشرعين ووزيرة الخزانة إلى سبل الحيلولة دون اتساع نطاق الأزمة.
وتوصل بنك يو بي إس لاتفاق للاستحواذ على بنك كريديه سويس لإنقاذ ثاني أكبر بنك في سويسرا من الانهيار. وبلغت قيمة الصفقة 3.2 مليار دولار.
الفيدرالي
أعلن بنك الاحتياطي الفيدرالي رفع الفائدة بـ 25 نقطة أساس الأربعاء الماضي، متبنيا لغة يسودها الحذر أثناء الحديث عن أزمة البنوك التي ظهرت على السطح في الفترة الأخيرة.
كما تضمن بيان الفيدرالي أيضا إشارة إلى أن التوقف عن رفع الفائدة والتشديد النقدي اقترب من نهايته.
وقال البيان: “لا يمكن تأكيد أي رفع مستقبلي لمعدل الفائدة، وسوف يعتمد أي تحرك من هذا القبيل على البيانات التي تظهر في الفترة المقبلة”.
وأضاف: “تراقب اللجنة (لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة) البيانات التي تصدر وتعمل على تقييم ما تنطوي عليه من إشارات ذات صلة بالسياسة النقدية”.
وتابع: “تتوقع اللجنة أن يكون تثبيت السياسة النقدية ملائما في الوقت الراهن حتى يتحقق استقرار السياسة النقدية التي أصبحت تشديدية بما فيه الكفاية لإعادة التضخم إلى 2.00%”.
وخلا بيان الفائدة من العبارة التي كانت تستخدم في الفترة الماضية والتي كانت تشير إلى أن اتخاذ القرار بشأن “زيادات مستمرة” في معدل الفائدة قد يكون ملائما لخفض التضخم .
وقالت لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة إن “النظام المصرفي الأمريكي يظهر قدرا معقولا من الصمود . لكن التطورات الأخيرة قد ينتج عنها تشديد لشروط الائتمان لقطاعي الأسر والشركات، وهو ما يؤثر على النشاط الاقتصادي ، والتوظيف، والتضخم . وليس من المعروف مدى ما يمكن أن ينتج عن ذلك من آثار. وسوف تتابع اللجنة مخاطر التضخم بيقظة”.
وصوت أعضاء لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة بالإجماع لصالح قرار رفع الفائدة بـ 25 نقطة أساس ليتراوح المعدل الرئيسي للفائدة بين 4.75% و5.00%. وظلت تقديرات الفائدة الرسمية للفيدرالي كما هي دون تغيير منذ ديسمبر الماضي عند 5.1%، مما يعكس أن أغلبية أعضاء مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي يرون أن أمام الفيدرالي فرصة لرفع الفائدة مرة واحدة فقط في الفترة المقبلة.
وأشارت نتائج تصويت لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة على توقعات الفائدة إلى أن سبعة فقط من أعضاء اللجنة البالغ عددهم 18 عضوا يرون إمكانية لرفع الفائدة فوق مستوى 5.1%، وهو المستوى الذي يراه أغلب أعضاء اللجنة الحد الأقصى للفائدة في الفترة المقبلة. وتشير التوقعات الرسمية للفائدة أيضا إلى إمكانية خفض الفائدة بواقع 0.8% في 2024 و1.2% في 2025.
وكان إعلان الفيدرالي ما يرجح كفة التوقف عن رفع الفائدة في المرحلة المقبلة بمثابة متنفس لأسواق الأسهم الأمريكية التي تنتعش منذ إصدار بيان الفائدة الفيدرالية متجاهلة الأثر السلبي لأزمة البنوك.