كشفت مجموعة جولدمان ساكس المالية العملاقة النقاب عن أكبر عملية خفض تكلفة تشغيل منذ أزمة الاقتصاد العالمي التي بدأت في أواخر 2008، وهو ما يأتي في إطار خطة لخفض الإنفاق على كل شيء من الطائرات الخاصة إلى التكنولوجيا الحديثة التي تطورها وحتى نفقات تشغيل وحدة المستهلك، وفقا لصحيفة فايننشال تايمز.
وتزامن الإعلان عن هذه الخطة الموسعة مع بدء المجموعة إلغاء 3000 وظيفة علاوة على إبلاغ الكثير من العمالة في لندن ونيويورك بأن مصيرهم سوف يتحدد الأربعاء المقبل علاوة على خفض المكافآت المالية السنوية لعاملين بحوالي 40%.
وأصبحت إريكا ليزلي، المديرة الإدارية لجولدمان ساكس، شخصية محورية في عملية المراجعة الشاملة التي تخضع لها نفقات البنك العملاق تحت إشراف رئيس المجموعة وكبير مديري التشغيل بها جون والدرون.
وقالت مصادر مطلعة للصحيفة البريطانية إن هذه الممارسات تأتي في إطار استعداد المجموعة للإبحار أثناء العاصفة وسط توقعات باقتراب الاقتصاد العالمي من ركود محتمل واستعداد المجموعة لمواجهة عام آخر من تباطؤ نشاط الدمج والاستحواذ وتدهور أسواق المال العالمية.
وبدأت ليزلي دراسة خطة خفض التكلفة من منطقة حساسة في موازنة البنك، وهي شراء طائرتين من طراز جالفستريم. واشترت جولدمان ساكس هاتين الطائرتين في 2019 عندما كان دايفيد سولومون رئيسا تنفيذيا للمجموعة، وهي المشتريات التي أنهت سياسة اتبعتها المجموعة المالية العالمية لسنوات طويلة تضمنت استئجار طائرات خاصة من شركة نيتجيت.
وكان قرار التحول من استئجار طائرات إلى شراء طائرات خاصة لصالح المجموعة مدعاة للفخر لدى الحرس القديم في جولدمان ساكس. كما قالت الإدارة في ذلك الوقت إن امتلاك الطائرتين من شأنه أن يوفر في تكلفة التشغيل.
كما تراجع جولدمان ساكس تكلفة تنقلات الموظفين بين فروع البنك المختلفة، والسفر إلى المؤتمرات، والانتقال إلى الموردين الخارجيين.
وقالت الشركة في بيان صدر في هذا الشأن: “ندرس النفقات في كل ركن في المؤسسة، لذلك من السخيف أن نركز على خفض الإنفاق في جزء أو بند بعينه”.
ولم يتمكن الرئيس التنفيذي للمجموعة دايفيد سولومون سد الفجوة بين القيمة السوقية لأسهم جولدمان ساكس وأسهم منافستها مورجان ستانلي، وهو ما يجعله في مواجهة ضغوطا حادة منذ تراجع الأرباح بحوالي 44% في الفترة من يناير إلى سبتمبر 2022. وكانت النتيجة أن واجهت جولدمان ساكس صعوبة بالغة في في تحقيق عائدات على الأسهم بأكثر من 14%، وهو هدف الأرباح الرسمي الذي حددته المجموعة العملاقة في 2020 ثم رفعته إلى ما يتراوح بين 15% و17% العام الماضي.
وتُعد خطة خفض الإنفاق تراجعا واضحا عن النهج الذي اتبعته المجموعة المالية العملاقة وغيرها من المؤسسات المالية في وول ستريت الذي تضمن توظيف أعداد كبيرة من العمالة في العام الثاني من انتشار فيروس كورونا الذي شهد زيادة قياسية في عقد الصفقات علاوة على طفرة حققها التداول في أسواق المال العالمية.
ووسط الصراع بين مؤسسات الخدمات المالية العملاقة في وول ستريت على الفوز بالمواهب والكفاءات المتوافرة في سوق العمل، رفعت جولدمان ساكس أجور العمالة التي تلتحق بالمؤسسة للسنة الأولى إلى 110000 دولار سنويا إضافة إلى زيادة المكافآت المالية السنوية بواقع 40%.
وفي ضوء خطة خفض الإنفاق التي بدأتها جولدمان ساكس، ظهرت مخاوف حيال سير شركات ومجموعات مالية أخرى مؤثرة في القطاع المالي على خطى هذه المجموعة العملاقة، والذي يرجح بقوة أن القطاع المالي يخوض غمار أزمة قد تنعكس سلبا على أداء الاقتصاد الأمريكي بصفة عامة.